دراسات إقتصادية

الإقتصاد الموازي والموارد المستدامة لجماعة الحوثي

يوسف المعمري

ملخص :

يتناول  هذا البحث  موضوع اقتصاد حرب المليشيا الحوثية ،إذ يسلط الضوء على الاجراءات الاقتصادية التي فرضتها سلطة الأمر الواقع في اليمن “جماعة الحوثيين”، وذلك بعد استيلائها على السلطة في العام 2014 ودخول البلد دوامة الحرب والصراع المستمر منذ ما يقارب السبع سنوات  .
ويركز هذا البحث على مجموعة الإجراءات التي فرضتها  جماعة الحوثي في سبيل تمويل حروبها التي تخوضها في مواجهة الحكومة الشرعية على مدى الأعوام   الماضية، حيث   دخل الاقتصاد اليمني في أتون أزمات متعددة، وشهد خلالها تدهوراً حاداً نتيجة ممارسات النهب والتدمير الممنهج الذي انتهجته جماعة الحوثي طوال فترة الانقلاب حيث فرضت
شتى أنواع الإتاوات والجبايات الغير قانونية تحت مسمى «المجهود الحربي ”  و”الخمس ” و”المولد النبوي” و”يوم الغدير” و”يوم الولاية” ويوم “استشهاد الإمام الحسين” .
وتحت كل تلك المسميات شرعنت المليشيات الحوثية نهب الممتلكات الخاصة، والاستيلاء علي المساعدات الإنسانية، ومضاعفة رسوم الجمارك والضرائب والموارد المحلية ، وضريبة مبيعات الاراضي والعقارات ونقاط التفتيش وفتح سوق سوداء للمشتقات النفطية.
كما حرمت المليشيات الحوثية عشرات الآلاف من موظفي الدولة من مرتباتهم واستحقاقاتهم الشهرية لما يربو على سبع سنوات من عمر الانقلاب والاستيلاء على مؤسسات الدولة ومقدراتها، وحملت مسؤولية الأمر للحكومة الشرعية تحت حجة نقل البنك المركزي اليمني رغم نهب المليشيات للاحتياطي النقدي الذي يتجاوز الأربعة مليارات دولار .

مــــقــدمــة :

على مر التاريخ يلعب الجانب الاقتصادي الدور الأكبر في كثير من الصراعات والحروب في مختلف أنحاء العالم، ويظل اقتصاد الحرب هو الشق الأهم في معادلة الصراع لامتداد تأثيره على كثير من التفاصيل الخاصة بجوانبه ، حيث يمثل السيطرة على الاقتصاد قدرة على تمويل الحرب واستمراريتها وانعكاساتها على مجريات الأمور .
وتمثل منطقة الشرق الأوسط اليوم أهم بؤر الصراع الملتهبة في العالم جراء نشوء ما يسمى باقتصاد الحرب الذي استطاعت من خلاله المليشيات المدعومة من ايران في العراق وسوريا ولبنان واليمن من استمرارية حروبها لسنوات طويلة ما بعد الربيع العربي من خلال التواجد الايراني في تلك الدول عبر مليشياتها ،   الأمر الذي يثير تساؤلات عدة حول دور الاقتصاد واقتصاديات حرب هذه المليشيات  وكيفية مواجهة هذه الحروب وتمويلها وادارتها، وهو ما يسعى اليه هذا  البحث عبر أخذ  حرب  مليشيا الحوثي في اليمن كنموذج للتطبيق.
المال عصب الحياة وهو الركيزة الأساسية لبقاء أي نظام حكم قائما لأطول فترة ممكنة ، وقد أدركت المليشيات الحوثية هذا الأمر مبكرا فشرعت منذ اليوم الأول لانقلابها في السيطرة على موارد الدولة وتجييرها لصالحها.
ولم تكتف بذلك فحسب بل وضعت يدها على ممتلكات خاصة وعامة وصادرتها بحجج واهية، بالإضافة إلى استغلال الزكاة والضرائب والتضييق على المواطنين في مصادر دخلهم بفرض رسوم باهظة عليهم وممارسة أعمال الجباية المستمرة والنهب.
كما ساهمت الأموال التي تتلقاها المليشيا كدعم من جهات خارجية على رأسها إيران برفد خزينتها ومساعدتها على الاستمرارية والصمود، خاصة وأنها تتنصل حتى الآن من الإلتزام بدفع رواتب الموظفين للسنة الخامسة على التوالي وتعمد إيقاف تشغيل مشاريع الخدمات الأساسية وأولها الكهرباء بل عملت على استثمارها وتحويلها إلى مشاريع خاصة بها وبيعها للمواطنين بأسعار خيالية ، ومنها الكهرباء والوقود وتحويل مناطق سيطرتها إلى أسواق سوداء لبيع المحروقات ، فحصدت بذلك إيرادات بمليارات الدولارات مع انعدام تام للإنفاق على الخدمات العامة والرواتب.
واتجهت المليشيا إلى تأسيس شركات نفطية وشركات قابضة وبنوك داخليا وخارجيا لغسيل الأموال التي تجنيها ، بترتيبات وإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني مما يضمن لها الديمومة في معركتها مع الحكومة الشرعية .
ولم يكن استقرار أسعار الصرف في مناطق سيطرة المليشيا ناتج عن جودة إدارتها للاقتصاد كما يتوهم البعض بل أن هناك الكثير من العوامل التي ساهمت في ذلك لعل أبرزها تحويلات المغتربين بالعملة الصعبة حيث يتركز نحو ثلثي السكان في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون وهذا يدفع أيضا بمنظمات الإغاثة الدولية لتنفيذ معظم مشاريعها في هذه المحافظات ما يشكل موردا آخر للمليشيات تتحصله بالنهب تارة والابتزاز والاحتيال تارة أخرى.
ويشكل تهريب القات والمخدرات عاملا آخر لا يقل أهمية عن تحويلات المغتربين في توفير العملة الصعبة للحوثيين.
تهدف هذه الدراسة  الى تناول موضوع اقتصاد الحرب الأهلية في اليمن، وهي الحرب التي تدخل في الوقت الحالي عامها السابع ، حيث تستمر بنفس الوتيرة مع دخول عوامل سياسية واقتصادية جديدة واشكال مختلفة من التمويل الداخلي والخارجي، لاسيما مع استيلاء الحوثيون وانقلابهم على السلطة في سبتمبر 2014 ، والذي مكنهم من الاستيلاء على مقومات ومقدرات الدولة المالية والعسكرية، واتخاذهم لسلسلة من الإجراءات الاقتصادية الداعمة لاستمرار تمويل الحرب والجبهات العسكرية، كاستنزاف الاحتياطي النقدي والتوقف عن تسليم المرتبات وكذلك جباية أموال تحت مسميات المجهود الشعبي واستحداث نقاط تفتيش وغيرها من الإجراءات التي رأت فيها الجماعة وسائل وآليات تمول عبرها حربها ، واستمرارية نمو اقتصادها القائم على تلك الممارسات وارتباطها بالحرس الثوري الايراني وأنشطته المشبوهة في غسيل الأموال عبر شركات وهمية سواء في قطاع النفط والطاقة أو تجارة السيارات والمخدرات في دول أمريكا الجنوبية وبعض الدول الأفريقية عدد من دول العالم .
يقوم الدراسة  على فرضية رئيسية تفيد بأن المليشيات  المسلحة  عندما  تخوض  حرب  ضد الاهالي تتخذ  معه  مجموعة من الآليات والإجراءات الاقتصادية التي تمكنها من تمويل الانفاق العسكري وتغطيته، و انطلاقا من هذا كان حريا بنا  البحث عن الاليات والإجراءات التي اتخذها الحوثيون في اليمن بعد انقلابهم على السلطة ودخول البلد حرب أهلية ما زالت مشتعلة حتى اليوم ، بالاعتماد على  مجموعة من التقارير الاستقصائية الواردة من ميدان الصراع في اليمن والتي تتناول اقتصاد الحرب و مسألة تمويله  واليات استمراره .

أولاً ..الــوضــع  الإنــســــاني

كان للحرب انعكاساتها  على الوضع الإقتصادي للبلد بشكل عام والمواطن اليمني بشكل خاص وهو ما جعل اليمن تعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم وأصبح ملايين اليمنيين تحت خط الفقر، وكانت للإجراءات التي قامت بها مليشيا الحوثي الدور الأكبر في المأساة التي عاشها ويعيشها اليمنيون منذ انقلابهم على مشروع الدولة وسيطرتهم على مؤسساتها وادخال البنك المركزي على خط الصراع بدلا عن تحييده ومصادرتهم للإحتياطي النقدي للبلد، وما تلاه من ردة فعل غير مدروسة من قبل الحكومة الشرعية بنقل البنك المركزي إلى عدن ، وهو ما مثل  انعكاسا على وضع المواطن اليمني في الداخل وانهيار  البلد في جحيم المجاعة والأوبئة، واليمن -التي بالفعل أفقر بلدان الوطن العربي قبل الحرب- تعيش وضعاً مأساوياً ما تشير إليه أرقام الأمم المتحدة، حيث تشير الاحصائيات إلى أن 83% من اليمنيين بحاجة للمساعدات الإنسانية.

1- الجوع والمرض

يعاني أكثر من 20 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك ما يقرب من 10 ملايين شخص يعانون من درجات شديدة من الجوع ، فيما  يحتاج حوالي 7.4 مليون شخص إلى خدمات لعلاج سوء التغذية أو الوقاية منه، بما في ذلك 3.2 مليون شخص يحتاجون إلى علاج لسوء التغذية الحاد – منهم مليوني طفل دون سن الخامسة وأكثر من مليون امرأة حامل ومرضعة.

ويفتقر 17.8 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، و 19.7 مليون شخص لا يحصلون على الرعاية الصحية الكافية.

فيما تسبب سوء الصرف الصحي والأمراض المنقولة عن طريق المياه، بما في ذلك الكوليرا، في إصابة مئات الآلاف من الأشخاص بالمرض 2018، بينما الملايين من اليمنيين يعانون من الجوع والمرض والضعف يتزايد عاما بعد أخر بفعل الحرب، مما يدفع عددا متزايدًا من الناس إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية[1].

ويمر  وصول المساعدات بصعوبات كبيرة للغاية، فحسب الأرقام فإن 6.5 مليون شخص يعيشون حاليًا في 83 منطقة  يمنية مختلفة  يصعب الوصول إليها حيث يواجه العاملون في المجال الإنساني قيود وصول متوسطة أو عالية[2]. من بين هؤلاء، يقدر المجلس النرويجي للاجئين أن 63 في المائة من السكان الذين يعيشون في هذه المناطق، أي 4.1 مليون شخص، في حاجة ماسة للمساعدة.

و من بين المناطق التي يصعب الوصول إليها والبالغ عددها 83 منطقة ، فيما تواجه 23 مقاطعة قيودًا شديدة و 60 منطقة تواجه قيودًا متوسطة. في 46 من أصل 83 منطقة يصعب الوصول إليها، ويتأثر وصول تللك المساعدات في الأساس بالحرب، وتمثل معظم تلك المناطق التي يصعب وصول المساعدات إليها  في البيضاء والحديدة وصعدة وحجة. وتمثل هذه المناطق 51 في المائة من السكان الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها[3].

2- السفر والمواصلات :

لا يستطيع اليمنيون السفر بحرية والتنقل بين مختلف المحافظات ، سواء المناطق التي تحت سيطرة الحكومة الشرعية أو الخاضعة لسلطات الأمر الواقع التي فرضتها المليشيات الحوثية،  إذ أن بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تديرها وحدات أمن خاضعة للهوية  المناطقية، ما يجعل اليمنيين الفارين من جحيم مطاردات الحوثيين في المحافظات الشمالية عرضة للمعاناة في المحافظات الجنوبية وقد يصل الأمر بهم  للقتل أو الطرد[4]. أو يتم معاملتهم معاملة أجانب في بلادهم[5]. أما في مناطق الحوثيين فإن الرقابة صارمة للغاية ضد المنتقلين الجدد إلى الأحياء السكنية، عبر مأموري ضبط اجتماعيين تابعين للجماعة، وعادة يتم اعتقال الأشخاص من باب الاشتباه أو للحصول على أموال مقابل الإفراج عنهم .

 

اقتصاديات حــرب  الــحوثيين الخطوات والاجراءات

اقتصاد  حرب أول :

سيطرت جماعة الحوثيين المسلحة على معظم المحافظات الشمالية والغربية، وأسست الجماعة خلال الحرب مراكز اقتصاد جديدة واقتصاد الحرب من خلال بسط سيطرتها على البنوك وشركات الاتصالات واحتكروا تجارة النفط والغاز والغذاء وعملوا نقاط جمارك داخل المدن. واستنزاف الاحطياطي النقدي للبلاد ، ومثل سيطرتهم على العاصمة صنعاء  مرتكز لكل ذلك .

1ــ  استنزاف الاحتياطي النقدي

قُّدر الاحتياطي النقدي للجمهورية اليمنية قبل اجتياح الحوثيين صنعاء في سبتمبر (2014) بحدود 5.1 مليارات دولار[7]، ومع بداية الحرب الأهلية دخلت القوى الانقلابية مع الحكومة الشرعية في المنفى ما اصطلح على تسميته بالهدنة الاقتصادية[ 8]. حيث استمرت هذه الهدنة حتى نهاية العام 2016، لتوجه الحكومة الشرعية فيما بعد اتهاماتها لسلطة الحوثيين باستنزاف الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة. وبحسب البيانات المتوفرة، فقد انخفض الاحتياطي النقدي الى أقل من مليار دولار، مع توقف حركة التصدير، وهو الأمر الذي أدى بالحكومة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي في الـ18 من سبتمبر 2016 إصدار قرارًا يقضي بتعيين محافظ جديد للبنك المركزي ونقل المقر الرئيسي للبنك من صنعاء إلى عدن مبرراً ذلك بأن قرار النقل كان ضروريًا للحفاظ على استقلالية البنك[9]، وهو ما شكل ضربة لحكومة الانقلاب الحوثي   فقد منعها من التصرف بالأصول النقدية للبنك المركزي المتبقية في الخارج، وبالتالي استعادة الكفة لمصلحة الحكومة الشرعية لاتخاذ الإجراءات الاقتصادية كالإصدارات النقدية الجديدة والتحكم بسعر الصرف وغيرها.

وتعتبر الدولة اليمنية دولة مركزية بطبيعتها، فقد أدى تمركز مؤسسات الدولة ووصول مواردها الرئيسية الى العاصمة صنعاء الى سهولة تمكن جماعة الحوثيين من الاستيلاء على مقومات الدولة جميعها، بما في ذلك البنك المركزي. وقد مكن بقاء سلطة البنك المركزي والقرار الاقتصادي تحت ادارة جماعة الحوثي من تسخيره في دعم حروبها  وجبهاتها العسكرية  المتعددة خصوصًا مع استمرار توريد الإيرادات الى العاصمة المركزية صنعاء في فترة الحرب، كما مكنت الهدنة الاقتصادية والتي استمرت لأكثر من 18 شهرًا من بدء الانقلاب من استمرار استنزافها للخزينة العامة والمال العام، ساعد على ذلك أن واقع الميزانية العامة المعمول بها يشوبها فسادًا وأسماء وهمية كبيرة خصوصًا المؤسسة العسكرية، حيث استغلها الحوثي في صرف مخصصات ورواتب أفراده وميليشياته الحديثة غير المضمنة في قوائم المؤسسة العسكرية. بالإضافة الى ذلك فقد ساهمت عملية صرف رواتب موظفي الدولة خلال تلك الفترة في دعم النشاط الاقتصادي في تلك المناطق وسمح للحوثيين بفرض ضرائب أطلقوا عليها اسم “المجهود الحربي” على رواتب الأفراد، بينما قامت الجماعة أيضًا باستقطاع جزء من موازنة الوزارات لتمويل مجهودها الحربي.

2-مصادرة  مرتبات موظفي الدولة

لقد كان لاستنزاف الاحتياطي النقدي ونقل البنك المركزي الى العاصمة المؤقتة عدن تأثيراته المتعددة على الوضع العام لاسيما على موظفي الدولة، حيث أمتنعت سلطة الحوثيين بداية من أغسطس 2016 عن دفع رواتب الموظفين والذين يفوق عددهم أكثر من مليون ومائتين ألف موظف. ويأتي مصادرة  الحوثيين  رواتب الموظفين في إطار المساحة الجغرافية الخاضعة لسيطرتها على الأقل، ويعود ، لصالح تمويل  جبهاتها العسكرية،  ضمن  مجموع من إجراءات التحصيل الجديدة وتخصيصها لمواجهة متطلبات الحرب والجبهات.

وبعد مضي أكثر من عامين على بداية الحرب الأهلية والتدخل الخارجي في اليمن، بدأت الأزمة الاقتصادية تستفحل أكثر، لاسيما مع استنزاف الاحتياطي النقدي ونقل البنك المركزي مما حدا  بجماعة الحوثي  فرض إجراءات جبائية  مختلفة، وذلك  لتمويل اقتصاد حربها.

3ــ تعويم المشتقات النفطية

في يوليو/تموز2015 أعلن الحوثيون تعويم أسعار المشتقات النفطية، وأضيف خمسة ريالات على كل لتر لصالح بناء محطة كهربائية و54 ريالاً لصالح بناء ميناء نفطي، تضاف جميعها على سعر اللتر. في نهاية المطاف لم تلتزم الجماعة بما وعدت وتحولت تلك الأموال لصالح الجماعة إلى مراكز مالية جديدة.[11]

فتحت الجماعة الباب لاستيراد المشتقات النفطية من بينها شركات تابعة لقيادات جماعة الحوثي المسلحة. وتمكن الحوثيون أيضاً من تحويل سوق المشتقات النفطية إلى مصدر دخل سريع للأموال وتمويل الحرب، وبلغ قيمة الجالون 20 لتر في صنعاء 12000 ريال مقابل 3500 ريال في محافظة مأرب على سبيل المثال. ويبيع الحوثيون أسطوانة الغاز بقيمة تصل إلى 8000 ريال في السوق السوداء أو 3500 ريال في الأحياء عبر وكلائهم، رغم أن الجماعة تشتري الأسطوانة بقيمة 1200 ريال من مدينة مأرب.

وادى  تعويم المشتقات النفطية وظهور السوق السوداء إلى تدمير الاقتصاد الرسمي الذي كان يعاني هشاشة وضعفًا وفقًأ للعديد من تقارير المنظمات الدولية، الأمر الذي فتح الطريق  لتكون اقتصاد غير رسمي  عمل على تأسيي كيانات اقتصادية موازية لتمويل الحرب، إحدى هذه الكيانات هي السوق السوداء. لقد كان لقرار تعويم أسعار المشتقات النفطية الذي اتخذته اللجنة الثورية التي شكلها الحوثيون بعد انقلابهم على السلطة في يوليو 2015، كان له أهميته الخاصة في فتح المجال أمام كيان السوق السوداء، حيث قضى قرار تعويم أسعار المشقات النفطية برفع الدعم عنها وبيعها بالسوق المحليّة بسعر البورصة العالمية ووفقًا لمتوسط سعر الشراء خلال الشهر السابق بحسب ما جاء في موقع وكالة الأنباء اليمنية سبأ الخاضعة لسيطرة الحوثيين[12]. وسمح القرار الصادر عن اللجنة الثورة للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية، وذلك بعد أن كان استيرادها وتوفيرها للسوق المحلية مقتصراً على شركة النفط اليمنية الحكومية وفقاً للائحة التنظيمية لوزارة النفط والمعادن الصادرة بقرار جمهوري رقم (40) لسنة 2000، وهو الأمر الذي مكن شركات القطاع الخاص لاسيما الشركات الجديدة التي أنشأتها الجماعة حديثًا من استيراد النفط وبيعه إلى شركة النفط الحكومية وتوزيعها للسوق، وبالتالي جني أرباح طائلة سيعود ريعها لاقتصاد الجماعة وتموين الجبهات العسكرية والحرب.

ويذكر تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش في السابع من ديسمبر 2017 أن فريق خبراء الأمم المتحدة أكد أن بيع الوقود في السوق السوداء أحد أهم المصادر الرئيسية لإيرادات الحوثيين، حيث يفيد التقرير ان الحوثيين جنوا ما يصل إلى 1.14 مليار دولار من توزيع الوقود والنفط في السوق السوداء، بالإضافة الى قيامها باستيراده لأغراضها العسكرية[13]

  • اقتصاد حرب ثاني

أ- فرض الجبايات

تفرض جماعة الحوثي المسلحة مبالغ مالية على كل التُجار ورجال الأعمال وحتى المحلات الصغيرة جبايات شهرية أو أسبوعية أو يومية، قد تصل إلى ملايين تحت بند «المجهود الحربي ، والخمس والمولد النبوي ويوم الغدير. ويوم الولاية ويوم استشهاد الامام الحسين  وشرعنه نهب  الممتلكات الخاصة ،والاستيلاء علي المساعدات الإنسانية ،  والموارد المحلية ضريبه مبيعات الاراضي والعقارات ونقاط تفيش جبايه رسوم تحسين المدينة ،  وعلى الرغم من الجبايات فإن الجماعة المسلحة  لا تتسامح  مع الضرائب والجمارك  فمعظم الشركات دفعت -تحت الضغط- الضرائب لسنوات قادمة في سابقة غير مألوفة. أما الجمارك فقد فرضت الجماعة نقطتين جديتين للجمارك الأولى في “ذمار” والأخرى في “عمران” إضافة إلى مداخل صنعاء، للحصول على جمارك من التجارات الداخلة إلى مناطق سيطرتهم، ومؤخرا في منطقة الراهدة الحدودية مع محافظة لحج الجنوبية ،  على الرغم من أن التُجار قد دفعوا الضريبة في مداخل البلاد الخاضعة لسيطرة الشرعية، وهو ما يزيد الكثير من الأعباء على اليمنيين إذ أن التكلفة تضاف إلى قيمة البضائع.

ب/   إيرادات المحافظات المحلية

تعتبر الإيرادات المحلية من أهم الموارد التي لا زالت جماعة الحوثي تستحوذ عليها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، إذ تعتمد عليها في استمرار تمويل حربها، فبحسب وزير الإدارة المحلية في الحكومة المعترف بها دوليًا، فإن ما يتم تحصيله من قبل جماعة الحوثي من إيرادات المحافظات المحلية الواقعة تحت سيطرتها يفوق 1.7مليار دولار سنوياً، مسخرة ذلك في حروبها وجبهاتها العسكرية[14]. أما بقية المناطق التي تحت سيطرة الحكومة الشرعية كمأرب وحضرموت وعدن، فإنها تقوم بفرض الكثير من الضرائب على البضائع التي تدخل موانئها كمينائي المكلا وعدن، حيث تستخدم هذه الموارد في دفع تكاليف إصلاح البنية التحتية والخدمات الطبية الأساسية والكهرباء، محافظة مأرب، هي إحدى المحافظات الشمالية الغنية بالموارد النفطية والتي قاومت سيطرة جماعة الحوثي، فقد تمكن الحاكم، وهو زعيم قبلي مهم، من تمويل الخدمات عن طريق بيع الغاز المعبأ في حقل نفطي في المحافظة، وفي حين أن الأموال التي تتم بهذه الطريقة لا تكفي لمنع الفقراء في اليمن من الانجراف نحو المجاعة، إلا أنها توفر الموارد اللازمة لإبقاء الميليشيات والقادة السياسيين المختلفين في السلطة[15].

ج – المجهود الحربي

فرضت جماعة الحوثي المسلحة  جبايات مختلفة  تحت مسميات عديدة، إحدى أهم هذه الإجراءات هو  المجهود الحربي. ووفقًا لهذا المسمى تطلب جماعة الحوثي من الأفراد والمؤسسات الحكومية والخاصة ورجال الأعمال تبرعات مباشرة لتمويل الجبهات، إذ تعتبره  إنه واجبًا وطنيًا وفقًا لتعبيرهم[16]، وقد أثار موضوع الشفافية والكشف عن حجم المبالغ والأرقام الحقيقة التي تقدم إلى قادة الجماعة من الجهات المختلفة خلافات كبيرة مع بعضهم وصراعات سريه بين اجنحة الجماعة  إذ إنها تظل أرقام سرية ترفض الجماعة الكشف عنها وحقيقتها[17]. كما إن من بين الإجراءات التي اتخذتها الجماعة ما جاء على لسان زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في أحد الخطابات التي القاها دعوة اليمنيين الى التبرع بخمسين ريال ردًا على قرار . الحكومة المعترف بها دوليًا القاضي بنقل البنك المركزي الى العاصمة المؤقتة عدن[18]. وتجد الجماعة أيضًا في المناسبات الدينية أو السياسية العديدة التي تقيمها فرصة لممارسة الابتزاز على المحلات ورجال الأعمال لتمويل احتفالاتهم، كذكرى المولد النبوي وعيد الغدير ويوم استشهاد الحسين واستشهاد الامام زيد، أو حتى الاحتفال بمناسبة دخولهم صنعاء.

د ــ فرض ضرائب جديدة

قامت حكومة الانقاذ الوطني التابعة لجماعة الحوثي بإجراء تعديلات جديدة في القوانين الضريبية والعمل على زيادة تنمية الموارد المالية لتمويل الحرب، حيث كشف وزير المالية في حكومتهم عن قيامهم  برفع ضريبة المبيعات على اتصالات الهاتف النقال والدولي إلى 22% بدلا من 10%، وخدمات الهاتف الثابت والإنترنت من 5% إلى 10%، وضريبة المبيعات على السجائر المحلية والمستوردة والتبغ إلى 120% بدلا من 90%،  ابتداء من أكتوبر 2017، كما كشفت تقارير حول تدارس زيادة ضريبة المبيعات على السيارات من 5% إلى 15%، مما سيرفع عائدات الضريبة على مبيعات المركبات إلى 6 مليارات ريال سنويًا (16 مليون دولار).[19]

ز- نقاط التفتيش على الطرق

تقوم جماعة الحوثيين بتمويل حروبها من خلال عرقلة بعض أعمال التجار الكبار ليجري ابتزازهم بمبالغ كبيرة يعود ريعها للجماعة أو مشرفين كبار في الجماعة، كما يشكو المواطنين والمسافرين بتعدد الحواجز ونقاط التفتيش المنتشرة على طول الطريق والتي تمارس ابتزازًا لهم، حيث تسترزق هذه النقاط وتكتسب أجورها عن طريق ما يتم تحصيله من المواطنين، بغض النظر عن ارتباطهم بسلطة مالية، فما يتم الحصول عليه يتم صرفه بشكل ذاتي لأفراد هذه النقاط، لاسيما مع توقف مرتباتهم ومصاريفهم طوال كل هذه الفترة، وإذا كانت النقاط الأمنية قد بدأت ممارسة الابتزاز لتدبير مصاريف أفرادها، فإنها تحولت لاحقاً إلى مورد ثابت ومصدر دخل تقدر عائداته اليومية بملايين الريالات، فباتت أموال النقاط تعوض توقف موارد أخرى، ويمكنها تمويل أنشطة الحرب المختلفة[20].

س – الرسوم الجمركية وميناء الحديدة

اتخذت جماعة الحوثيين جملة من الإجراءات الاقتصادية التي بموجها تقوم بفرض جمارك جديدة لتضاعف  الإيرادات، حيث تستهدف هذه الإجراءات الشحنات والبضائع التي خضعت لإجراءات دفع رسوم الجمارك في الموانئ والمنافذ التي تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا كميناء عدن ومنفذ الوديعة البري، وقد أدى هذا الأمر الى ارتفاع كبير في أسعار المواد المستوردة في هذه المدن[21]، وتشددت الجماعة في فرض هذه التعرفات الجمركية الجديدة عبر استحداث منافذ تحصيل في بعض مداخل المدن الخاضعة لسيطرتها كالحديدة وذمار وغيرها.

وما يزال ميناء الحديدة أحد أهم وأكبر الموانئ البحرية اليمنية التي يخضع لسيطرة جماعة الحوثي، فهو حتى الوقت الحالي يمكن اعتباره الشريان اليمني الأكبر الذي تصل إليه أغلب الواردات التجارية والغذائية لاسيما الى المناطق الشمالية التي تمثل الكتلة السكانية الأكبر في البلاد، ليمثل بذلك أحد أهم الموارد لاقتصاد حرب الحوثيون، حيث تكشف إحدى الوثائق الرسمية عن إيرادات فعلية للميناء تقدر بحدود تسعة مليار ريال شهريًا تذهب الى ميزانية الحوثيون وسلطتهم[22]

ش – الاستيلاء على المعونات الإنسانية

المشكلة المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، تتمثل في عدم وصولها إلى المستهدفين، حيث يقوم الحوثيون بتحويل تلك المساعدات إلى ثلاثة طرق: الأولى، بيعها في السوق السوداء، والثانية، تسليمها لحلفاء الجماعة وعائلات مقاتليهم، والثالثة، يقوم الحوثيون بنقلها إلى جبهات القتال لإطعام مقاتليهم الذين يخوضون حربا مع قوات الحكومة الشرعية .

وتعد المساعدات احدي اهم اقتصاديات حرب الحوثي ، فمع دخول البلد الصراع الشامل وتصنيفها ضمن أكثر الدول التي تتعرض لمجاعة إنسانية في العالم، زاد الاهتمام الدولي بالوضع الإنساني لاسيما مع التقارير المتصاعدة حول الأزمة الإنسانية التي تعيشها البلد، حيث يقدر اجمالي التمويل الانساني المقدم لليمن للعام 2017 حسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بحوالي ملياري دولار[23]، وفي مثل هذا الوضع  فإن جماعة الحوثي تقوم  بنهب  المساعدات  الغذائية ،  جميع التقارير المتعددة  تتحدث عن نهب المساعدات الإنسانية من قبل جماعة الحوثي وتسخيرها لمصلحة اقتصاد حربها.

ويشير تقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة نقلته صحيفة صانداي إكسبرس البريطانية بأن المعونات التابعة للأمم المتحدة بما فيها المواد الغذائية الأساسية يتم سرقتها من قِبل قادة تابعين لجماعة الحوثي حيث يتم بيع هذه المساعدات للتجار الذين بدورهم يقومون برفع الأسعار أو توزيعها على الأهل والأصدقاء وبيعها، بدلاً من ذهابها للمستحقين. وبالرغم من انه لا توجد ارقام رسمية لذلك، إلا إن توزيع هذه المواد يأتي خارج سيطرة وكالات المساعدات[24] .

اقتصاد حرب نوع اول  نهب الممتلكات الخاصة

1- نظام الحارس القضائي  

في ديسمبر/كانون الأول 2015، عقدت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بصنعاء جلستها الأولى لمحاكمة عدد من الشخصيات، بمن فيهم الرئيس هادي والعديد من شركائه وحلفائه، عدهم الحوثيون خونة لارتكابهم جرائم ضد الدولة. واستمرت جلسات المحاكمة خلال 2016 والربع الأول من عام 2017، وفي 25 مارس/آذار 2017، أصدرت المحكمة حكمها في القضية رقم (68) وأدانت هادي ومستشاريه بتهمة الخيانة العظمى، وحكمت عليهم بالإعدام، وقضت بمصادرة ممتلكاتهم وأصولهم.

وفي منتصف 2017، أنشأ المجلس السياسي الأعلى لجنة حصر واستلام ممتلكات من وصفهم بـ”الخونة”، وأمرت اللجنة في ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته البنك المركزي في صنعاء بمصادرة الحسابات المصرفية وممتلكات اكثر من  1,223 يمنيًا من المناهضين لجماعة الحوثيين. كما أنشأت المحكمة الجزائية المتخصصة نظام الحارس القضائي لإدارة الأموال والممتلكات المصادرة من المعارضين الذين فروا من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وعُيّن اللواء صالح مسفر الشاعر -الموالي للحوثيين -رئيسًا للجنة حصر واستلام ممتلكات “الخونة” ونظام الحارس القضائي. وإجمالًا، حُولت مليارات الريالات من الأموال المحجوزة والممتلكات الخاصة التي يملكها أو يديرها خصوم الحوثيين في العاصمة صنعاء إلى حساب في البنك المركزي يسمى “ممتلكات الخونة” وبيع الاصول الثابته من منازل وعقارات واراضي ومزارع وعمارات وشركات

وخلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2019، صادر الحارس القضائي ملكية 37 شركة تابعة لشخصيات مناهضة للحوثيين مقيمة في الخارج، بما في ذلك أموال وأصول لا تقل قيمتها عن 50 مليار ريال،[25] كما تدخل الحوثيون خلال هذه الفترة في عمل أكبر ستة مستشفيات في صنعاء وطردوا مدراء وموظفين واستحوذوا على نحو 50% من عائداتها.[26]

ويتشابه نظام الحارس القضائي  مع النموذج الإيراني للبنياد، وهو رسميًا نظام صناديق خيرية اُستخدم للاستيلاء على أصول الشاه وأنصاره بعد ثورة 1979، وتطور عمله مع مرور الوقت ليصبح قوة اقتصادية نافذة في البلاد.[27] وبالرغم من أن نظام الحارس القضائي أُنشئ بشكل رسمي وبموجب قرار قانوني، لكنه عمل خارج نطاق الدولة كأداة سلطة موازية استخدمها الحوثيون لنهب أموال الآخرين، ويعكس عمله تدخلًا صريحًا في سلطات وصلاحيات السلطة القضائية، وتقويض مبدأ الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية كما هو محدد في الدستور اليمني.

2– جباية  خــمـس بــنــو هــاشــم

في يونيو/حزيران 2020، أصدر المجلس السياسي الأعلى القرار رقم 24 -الذي لم يُنشر نصّه رسميًا للعامة، ولكن أجزاء منه سُربت عبر الإنترنت[28] . يفرض ضريبة بنسبة %20 على العديد من الأنشطة الاقتصادية من بينها قطاعات المعادن، والنفط، والغاز، والمياه، والصيد البحري[29] مضيفًا أن الهيئة العامة للزكاة واصدرت الهيئه العامه للزكاه قرارًا لاحقًا ينظم   عملية تقرير وتحصيل واحتساب الخُمس،[30] الذي وُزع على ستة أسهم (مستفيدين)، جميعها للهاشميين كمستفيدين أساسيين.[31]

بمعنى ان  عائدات الخُمس تفيد أهل البيت، المدعيين انتسابهم لسلالة علي بن أبي طالب ،و تُعرّف هذه الشريحة من المجتمع اليمني بالهاشميين، ويُقدّر عددهم بنحو %5 إلى %10 من سكان البلاد، من بينهم عائلة الحوثي وعدد كبير من الموالين لجماعة الحوثي .

استمد الحوثيون هذا الادعاء لفرض سياسة الخُمس من حكم الإمامة قبل تطبيق نظام الجمهورية في اليمن، حين تمتعت السلالة الحاكمة الشيعية الزيدية وغيرها من العائلات الهاشمية التي تعيش غالبًا في مناطق شمال اليمن بامتيازات خاصة، وشكّلت طبقة النخبة. كما يتوافق تعديل قانون الزكاة مع أيديولوجية الحوثيين، التي تدعّي أن لآل البيت حقًا إلهيًا في الحكم.

لكن القرار أثار انتقادات واسعة اعتبرت أن فرض الخُمس؛ يضفي الطابع المؤسسي على التمييز السلالي العنصري، ويمثّل إهانة لقيّم المواطنة المتساوية التي ينص عليها دستور الجمهورية اليمنية .

وبشكل عام، يعيد مفهوم الخُمس الانقسامات الاجتماعية الواضحة في اليمن، إذ قسّمت الإمامة اليمنيين على مدار مئات السنين إلى خمس طبقات اجتماعية: الهاشميون، وهي الطبقة الاجتماعية الأعلى التي حكمت الدولة وسيطرت على ثروتها. القضاة، وتتكون من عائلات أرستقراطية متعلمة غير قبلية وغير هاشمية يشغل أعضاؤها مناصب في القضاء والخدمة المدنية ومراكز تربوية ودينية.القبائل، الطبقة التي شكلت غالبية السكان وعمل أبناؤها كجنود ومزارعين لصالح الهاشميين. المزاينة، وهي الطبقة الدنيا العاملة في بعض الوظائف التي يُنظر لها في بعض مناطق اليمن كمهنٍ “وضيعة”، مثل الحلاقين والجزارين والفنانين وبعض المزارعين. وأخيرًا المهمشون، وهي الطبقة الدنيا التي تتألف من ذوي البشرة السمراء. وغالبًا ما يدمج علماء الاجتماع الفئتين الأخيرتين معًا. [32]

وللأسف أن  هذه الطبقية وتقسيماتها المختلفة التي كرستها الإمامة  ما زالت موجودة حتى اليوم، بل أعادت قوى الإمامة الجديدة المتمثلة في الحوثي إحياؤها بشكل أكبر من السابق ،  رغم أن إحدى أهداف ثورة 26 سبتمبر الجمهورية عام 1962، كانت تتمثل في القضاء علي الطبقية ونزع   قبضة الهاشميين الخانقة على السلطة السياسية والاجتماعية، لكنهم استمروا في شغل مناصب رفيعة كقادة أحزاب سياسية ومسؤولين حكوميين وبرلمانيين.

وبالتالي، يشكل الخُمس؛ في النظرة العامة أساسًا تشريعيًا لإعادة تكريس مفهوم الاستعباد الاجتماعي، والانقسامات الطبقية، والتمييز العنصري بشكل رسمي، من خلال تفضيل الهاشميين على غيرهم في اليمن ، بسبب تحيّزه الطائفي والأيديولوجي لجماعة تدعي أفضليتها القائمة على أساس جيني وهو ما يتعارض مع مبدأ الإنسانية والمساواة في بعيدا عن الجنس واللون والعقيدة كما توصي به  وضمنته القوانين والأعراف الإنسانية .

ويمثل الخمس اقراره مرة أخرى من قبل جماعة الحوثي وفق قرار سياسي إضفاء الحوثيين الطابع المؤسسي على اقتصاد سياسي سلالي  يهدف إلى زيادة عدم المساواة في الثروة، وهو ما سينعكس على المجتمع الممزق أصلًا بسبب الخلافات المتعلقة بالصراع، ويزيد على الأرجح من انقساماته كما أن تعديل نظام الزكاة وكيفية  توجيه الإيرادات يؤثر سلبًا على الاستثمارات الرأسمالية للحكومة في الخدمات العامة الأساسية، مثل التعليم، والصحة، والمياه، ويقوّض الإطار المالي للدولة، ويزيد من تعقيد إعادة توحيد هياكل الحكم في حال التوصل إلى نهاية تفاوضية للحرب في البلاد.

وخلاصة الأمر أن جماعة الحوثي قد استطاعت أن تشكل أو تؤسس اقتصادا موازيا يمثل لها السند والدعم المستمر لاستمرارية حربه وتشعب اقتصاده ذلك ليرتبط مباشرة باقتصاد الحرس الثوري الايراني القائم على تجارة الحشيش والمخدرات وغسيل الأموال  في عدد من دول العالم .

………………………………………………………………….

الــمــراجــع :

Overview https://reliefweb.int/.../resources/2019_Yemen_HNO_FINAL.pdf [1]

[2]  Yemen: Humanitarian AccessSeverity Overview (January 2019) https://reliefweb.int/.../yemen-humanitarian-access...

[3] المصدر السابق

[] AP Investigation: Food aid stolen as Yemen starves - AP News https://www.apnews.com/bcf4e7595b554029bcd372cb129c49ab  [4]

[5] قوات "الحزام الأمني" تمنع الشماليين من دخول عدن -  العربي الجديد https://www.alaraby.co.uk/.../5bab22a5-fbd4-4edb-a548...

[6] اخبار اليمن | صدمة كبيرة لليمنيين.. : وثيقة رسمية صادرة عن شرطة عدن ... https://yemen-now.com/news5001290.html

[7]التضخم باليمن في أعلى مستوى له خلال عام. 2017. الجزيرة نت، موجود على:: http://bit.ly/2yN2k2E، تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[8] يقصد بالهدنة الاقتصادية الاتفاق الذي تدخلت فيه مجموعة من الدولة الصديقة لليمن والذي قضى بتحييد أنشطة البنك المركزي عن طرفي الصراع، حيث تقوم الحكومة الشرعية بتوريد الإيرادات إلى حساب الحكومة في المصرف المركزي بصنعاء، فيما يتولى البنك المركزي صرف الرواتب لجميع موظفي الدولة بما فيها المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة الحكومة. أنظر، فاروق الكمالي. “اليمن.. الصراع على “المركزي” يعرض الهدنة الاقتصادية للانهيار”،العربي الجديد، موجود على:http://bit.ly/2ziK6cZ، تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[9]منصور راجح وآخرون، “اليمن بلا بنك مركزي: فقدان أساسيات الاستقرار الاقتصادي وتسريع المجاعة”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 3 نوفمبر 2016، موجودة على: http://bit.ly/2Et2oc8، تم الوصول 31 ديسمبر 2017.

[10]نفس المصدر السابق.

[11]مركز ابعاد

[12] أنظر: “اللجنة الثورية العليا تصدر قرار بتعويم أسعار المشتقات النفطية”، وكالة سبأ للأنباء، موجود على:http://bit.ly/2yMsPoW، تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[13]“اليمن: حصار التحالف يُعرّض المدنيين للخطر”، هيومنرايتسووتش، موجود على:http://bit.ly/2jbMgCb، تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[14] وجدي السالمي، “المليشيات تنهب 1.7 مليار دولار سنوياً من إيرادات المحافظات”، العربي الجديد، موجود على:http://bit.ly/2zikOvq. ، تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[15] Peter Salisbury, “Yemen and the business of war “,Chatham House, September 2017, Available at: http://bit.ly/2vszxm9

[16]فاروق الكمالي، “إتاوات المتناحرين في اليمن تحاصر التجار”، العربي الجديد، موجود على:http://bit.ly/2k8xnlk. تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[17]“المجهود الحربي يثير خلافًا بين طرفي الانقلاب في اليمن، أرم نيوز، موجود على:، http://bit.ly/2AYR0GG،تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[18]أنظر: “عبد الملك الحوثي يدعو للتبرع بعد نقل البنك المركزي إلى عدن”، نشوان نيوز، موجود على: http://bit.ly/2AJGU8o. ، تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[19]“الحوثيون يرفعون الضرائب على اليمنيين لزيادة مواردهم المالية”، العربي الجديد، موجود على: ,http://bit.ly/2Btl0Yo تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[20]فاروق الكمالي، “استنزاف المواطنين: نقاط التفتيش مورد لتمويل أنشطة الحرب في اليمن”،العربي الجديد،موجود على:http://bit.ly/2CtiW1Y، تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[21]فاروق الكمالي، “الحوثيون يفرضون رسوماً جمركية على بضائع عدن”، العربي الجديد، موجود على:http://bit.ly/2k8tHjw، تم الوصول 17 ديسمبر 2017..

[22]“وثيقة رسمية تكشف تحصل الحوثيين على 9 مليار ريال من جمارك ميناء الحديدة خلال شهر واحد”، عدن نيوز، موجود على:http://bit.ly/2kDOLgU، تم الوصول 17 ديسمبر 2017.

[23]“Yemen: Revised Humanitarian Response Plan – Funding Status”, reliefweb, Available at: http://bit.ly/2jaSUZy, [Accessed 18 December 2017].

[24]  ALIX CULBERTSON “FOREIGN AID FARCE: Millions siphoned off by Yemen government from desperate civilians”, Oct 8, 2016, Sunday Express, available at:http://bit.ly/2CARQpF, [Accessed 18 December 2017

capturestate-/

“مصادرة 37 شركة.. تجريف حوثي واسع للقطاع الخاص بصنعاء عن طريق (الحارس القضائي)”، تهامة، 22 أغسطس اب 2019  [25] http://mtehama.com/?p=59570

“المليشيات الحوثية تستولي على أكبر ستة مستشفيات أهلية في اليمن وتستحوذ على 50% من إيراداتها”، أخبار اليوم، 30 أبريل/نيسان 2019،: [26]

https://akhbaralyom-ye.net/news_details.php?sid=111240

كيث كرين، رولي لال، جيفري مارتيني، “مواطن الضعف السياسية والديموغرافية والاقتصادية في إيران”، مؤسسة راند، 10 يوليو/تموز 2008، 16-18،   [27]

[28]أوسان سالم، “الحوثيون يقرون قانوناً يجيز الاستيلاء على 20% من ثروات اليمن”، العربية، 9 يونيو/حزيران 2020،

https://www.alarabiya.net/.../-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88...

[29]تنص المادة 47 من القرار على ما يلي: أ. على أنه “يجب الخمس 20% في الركاز والمعادن المستخرجة من باطن الأرض أو البحر أياً كانت حالتها الطبيعية جامدة أو سائلة كالذهب، الفضة، النحاس، الماس، العقيق، الزمرد، الفيروز، النفط، الغاز، القير، الماء، الملح، الزئبق، الأحجار، الكري، النيس، الرخام، وكل ما كان له قيمة، من المعادن الأخرى. والخمس (20%) في كل ما استخرج من البحر كالسمك واللؤلؤ والعنبر وغيره، والخمس (20%) في العسل إذا غنم من الشجر أو الكهوف. 

. [30]أفرض الضرائب وأحكم: تنص المادة 47 من القرار على ما يلي: أ. على أنه “يجب الخمس 20% في الركاز والمعادن المستخرجة من باطن الأرض أو البحر أياً كانت حالتها الطبيعية جامدة أو سائلة كالذهب، الفضة، النحاس، الماس، العقيق، الزمرد، الفيروز، النفط، الغاز، القير، الماء، الملح، الزئبق، الأحجار، الكري، النيس، الرخام، وكل ما كان له قيمة، من المعادن الأخرى. والخمس (20%) في كل ما استخرج من البحر كالسمك واللؤلؤ والعنبر وغيره، والخمس (20%) في العسل إذا غنم من الشجر أو الكهوف. يمكن رؤية صورة عن اللائحة التنفيذية عبر هذا الرابط: http//. www alarabiya

-[31] المصدر نفسه

انظر صورة المادة 48 من اللائحة التنفيذية على الرابط التالي:

https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/yemen/2020/06/09/-الحوثي-تحول-عنصريت

[32] https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/11674?fbclid=IwAR14okcOSy-ruanpqCSEMYrXw9_pkPsnL-nYHS5L_uXGRtObsF0bBlbeqrM

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق