يمثل البحر الأحمر من الأهمية الاستراتيجية لحركة التجارة العالمية وطريق الملاحة الدولية ما يعد أمن قومي في استراتيجيات كثير من الدول العظمي التي تجوب أساطيلها المياه الدولية لتأمين حركة التجارة العالمية وعلى وجه الخصوص تجارة النفط والطاقة ويعد مضيق باب المندب هو مفتاح تأمين هذه الحركة خصوصا بعد افتتاح قناة السويس وتتحول معظم خطوط الملاحة الدولية عبر الأحمر اختصارا للوقت والمسافة و التكلفة .
وبالنظر إلى لغة الأرقام لحركة التجارة العالمية نجد أن ما يُنقَل عبر البحر الأحمر 62% من كميات النفط العالمي ، في حين يُنقل 38% من خلال أنابيب (pipelines) أو ناقلات برية ، مما يعني أن الإضرار بالأمن الملاحي يشكل تحدياً حقيقياً أمام المجتمع الدولي والقوى العظمى المستفيدة من حركة التجارة العالمية وسوق النفط القادم من الشرق ، في ظل حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وفي اليمن على وجه الخصوص كونها تطل على باب المندب وتمتد سواحلها المتاخمة للطريق الدولي والمياه الإقليمية الدولية على مساحة كبيرة منه .
ومع انقلاب الحوثيون في الحادي والعشرين من سبتمبر من العام 2014 م ، وسيطرتهم على مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية وفتحها الارتباط المباشر بإيران من خلال فتح الرحلات الأسبوعية بين صنعاء وطهران حينها ، مثلت تلك التحولات في اليمن مصدر قلق للمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي الذي تتحرك مصالحه عبر المياه الإقليمية للبحر الأحمر مرورا بباب المندب ومع تواجد الايرانيين في منطقة المحيط الهندي ومضيق هرمز والخليج العربي .
التهديد الحوثي لطرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر
مثلت تحركات الحوثي كجماعة خارج منظومة مؤسسات الدولة الشرعية في اليمن والتي سيطرت عليها الجماعة مصدر قلق كبير لدى المجتمع الدولي في الدعم الايراني اللامحدود ومع موقف المجتمع الدولي المعارض لهذا الجماعة والتي ترجمت لعدة قرارات دولية تدين هذه الجماعة وانقلابها على الحكومة الشرعية في اليمن بدأت تحركات هذه الجماعة باتجاه استهداف مصالح الدول الكبرى وطريق الملاحة الدولية في البحر الأحمر خصوصا بعد إعلان عاصفة الحزم في 27 مارس 2015 بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وبمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية التي أعلنت انضمامها للتحالف .
واعتبرت مليشيا الحوثي أن قيام التحالف العربي الداعم لاستعادة الشرعية في اليمن عدوان خارجي على اليمن وروجت لذلك عبر وسائل اعلامها لتبدأ ألتها العسكرية في تهديد طريق الملاحة الدولي الاستفادة من الدعم الايراني لها الذي سبق عاصفة الحزم أو الدعم اللاحق عبر التهريب أو التصنيع الذاتي للمتفجرات عبر ورش خاصة أنشئت لذلك بدعم واشراف من خبراء حزب الله والحرس الثوري الايراني .
وسبق لقيادات مليشيا الحوثي أن هددت عبر وسائل إعلامها المجتمع الدولي باستهداف طريق الملاحة الدولية تحت مبرر ما يسمى صد العدوان الخارجي على اليمن من قبل التحالف العربي وأمريكا بالإضافة إلى إشراكهم اسرائيل وفقا للشعارات الخمينية التي ترفعها هذه الجماعة .
تعامل المجتمع الدولي مع التهديدات والاستهدافات العسكرية لمليشيا الحوثي بمحمل الجد ولكن ذلك لم يمنع الحوثيون بما لهم من قدرات عسكرية وبما تسمه به الجغرافيا – من تنفيذ تهديداتهم تلك من أجل رضوخ المجتمع الدولي أمام مطالبهم والتعامل معهم كطرف شرعي بدلا عن الحكومة الشرعية ونفذت مليشيا الحوثي تهديدها من قبل , فقد بلغ عدد هجمات الحوثيين البحرية خلال الأعوام من 2016-2018 أكثر من 22 هجوماً، استهدفت 12 سفينة وبارجة حربية، وأكثر من 10 زوارق عسكرية.
ورغم تهديدات الحوثي وعملياته العسكرية تلك إلا أنه يدرك أن المجتمع الدولي لن يقبل بجعل المضيق والبحر نفسه منطقة غير مستقرة للملاحة ، لأن إغلاق المضيق -ولو لأيام معدودة- يعتبر خطاً أحمر بالنسبة للمجتمع الدولي, وهو ما سيضع الحوثيين بموقف حرج امامهم .
ومع ذلك استمرت تحركاتهم في مساحة جغرافية معينة للضغط على المجتمع الدولي بفك ما يسمونه الحصار ، و كما يرى كثير من المراقبين أن هذه التهديدات رسالة من الحوثيين للمجتمع الدولي وكل من يهمه الأمر، للتذكير بوجودهم. وليؤكدوا أن إقفال الرئة الوحيدة التي يتنفسون منها اليوم -وهي ميناء الحديدة- بعد المطار، هو أيضاً بالنسبة لهم خط أحمر.
المعطيات الجغرافية ومليشيا الحوثي
جغرافيا، يتجاوز طول السواحل اليمنية 2500 كلم وتطل بمعظمها على بحر العرب (السواحل الجنوبية)، أما السواحل الغربية التي يقارب طولها 600 كلم فهي تمتد من خليج عدن وتتجه شمالاً لتطل على البحر الأحمر. ويشكل مضيق باب المندب بوابة هذا البحر، وهو من جانب اليمن حيث “ذباب” و”المخا” ثم “الحديدة” التي يسيطر عليها الحوثيون.
يقارب عرض المضيق 25 كلم، وتعبره يومياً مئات السفن التجارية على اختلاف أحجامها. ويعتبر البحر الأحمر -وبالتالي باب المندب- شرياناً حيوياً للملاحة الدولية؛ فعلى شاطئه الشرقي تقع مرافئ اليمن وأهمها الحديدة، وشواطئ السعودية وأهمها جدّة، وصولاً إلى ميناء العقبة الرئة البحرية الوحيدة للأردن.
وعلى الشواطئ الغربية، تقع جيبوتي وإريتريا والسودان ومصر، حيث تعبر منها السفن إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس. إذن؛ فإن أهمية هذا المعبر البحري الدولي ليست شأنا خاصا بالسعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن على أهميته لها، بل شأناً دولياً.
سمحت المساحة الجغرافيا المتاحة للحوثيين عبر بقائهم في محافظة الحديدة بعد هزيمتهم في المخا وانحسارهم في الحديدة بالإضافة إلى القدرات العسكرية لهم من جعل الحديدة منطلقا لتهديد الملاحة الدولية وتم استهداف سفن وبوارج سعودية وإماراتية في البحر الأحمر؛ إذ أكد بيان للحوثيين صدر في يوليو/تموز 2017 استهدافهم حينها ميناء “المخا” بقارب مسيّر (زورق بدون رُبّان) محمل بالمتفجرات، اصطدم بالرصيف وأصاب إحدى السفن الراسية عنده وهذا ما تسمح به الجغرافيا لتنفيذ تهديد الحوثيين، بتحويل البحر الأحمر إلى “ساحة حرب”.
وقد ذكرت “قوات التحالف” وجود زوارق حربية للحوثيين تجوب البحر الأحمر؛ كما أعلنت هذه القوات في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 إحباط “عملية عسكرية” وشيكة كانت تستهدف سفنها في تلك المنطقة.
تنامي القدرات العسكرية للحوثيين
وبالنسبة للقدرات العسكرية؛ هناك حديث عن تنامي الخطر الذي باتت تحتله القوة الصاروخية لدى مقاتلي الحوثيين، كمّاً ونوعاً.
حيث يؤكّد الحوثيون أن قدراتهم العسكرية مطورة محلية، مع عدم نفيهم الاستعانة بخبرات غيرهم أو استيراد التكنولوجيا من الخارج، ويقصدون به إيران. ومنها مثلا صواريخ “توتكا” و”سكود” و”بركان” و”زلزال” وغيرها، وقد وصلت هذه الصواريخ إلى عمق أراضي السعودية وعاصمتها الرياض.
وأكثر من ذلك؛ تمكن الحوثيون من تصنيع طائرات بدون طيار(DRONE) بمختلف الأحجام، وهي قادرة على تنفيذ مهمات استطلاع وتصوير، وهناك أخرى لحمل رؤوس متفجرة وصواريخ تنطلق بالتحكم من الأرض. هذا بالإضافة إلى مئات المدرعات والدبابات والمركبات.
وفيما يتعلق بالشأن البحري؛ يمتلك الحوثيون عشرات الزوارق البحرية الحديثة والقديمة التي تم تحديثها، بعد ان وضعوا ايديهم على معظم سلاح البحرية اليمني والموجودة في ميناء الحديدة ، وضمنه زوارق إنزال وقطع بحرية لخفر السواحل وزوارق طوربيد.
علاقة ايران بالصراع ودوافع الحوثيين
قال علي أكبر ولايتي مستشار آية الله خامنئي للشؤون الدولية: “إذا فشلت إيران في تصدير نفطها عبر الخليج العربي ، فلن يتمكن أي من الطرفين من تصدير نفطها في الشرق الأوسط”.
منذ سيطرة جماعة الحوثي على مؤسسات الدولة في سبتمبر/أيلول من العام 2014، والانقلاب على شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لم يستقر وضع خطوط الملاحة والممرات التجارية في البحر الأحمر، بل بات الخطر يتصاعد بشكل مطرد مع طول أمد الحرب وتدويل الصراع في اليمن، وأخذ الحوثيون- بمساعدة إيرانية- يطورون منظومة سلاحهم البحري، وقد أعلنوا في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 امتلاكهم منظومة صواريخ بحرية محلية الصنع، يُطلَق عليها (المندب1).
وقد كشف تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، مطلع عام 2017، عن امتلاك جماعة الحوثي قدرات تكنولوجية بحرية تمكِّنهم من شنِّ مزيد من الهجمات على السفن، مستدلاً على ذلك بدقة الهجمات التي تعرضت لها بعض سفن التحالف خلال عام 2016، ومنها الفرقاطة السعودية التي تحمل اسم (المدينة 702)، في حين تشير تقارير أخرى إلى حيازتهم صواريخ إيرانية طراز 102C، استُخدم بعضها في الهجمات على سفن التحالف .
وجاء استهداف مليشيات الحوثي لناقلة نفط تجارية سعودية في 25 يوليو2018 في خضم توترات وتجاذبات دولية محمومة، أهمها التوجه الأمريكي الجديد تجاه السياسات الإيرانية في المنطقة، وقد تزامنت تلك الحادثة مع تصاعد التهديدات المتبادلة بين الجانبين؛ حيث توعدت طهران على لسان قائد القوات البحرية الإيرانية، الأميرال حسين خانزادي، أن بقاء مضيق هرمز مفتوحاً مرهون بتأمين المصالح الإيرانية، وأن الرد على أي عقوبات أمريكية على صادراتها النفطية سيؤدي إلى إغلاق مضيق هرمز ومنع نفط الخليج من الوصول إلى الأسواق الدولية، وهذا ما بدأ يتكشف من خلال تلك الحادثة المثيرة للجدل.
في الحقيقة قد لا تكون هناك مصلحة ذاتية لمليشيا الحوثي من هذه العملية، لا من حيث المكان والزمان، ولا حتى من حيث نوعية الهدف (ناقلة نفط تجارية)، سوى الاستجابة لطلب إيران، التي تريد إعطاء إشارة مبكرة لخصومها الدوليين عن قدرتها في خلط الأوراق والإضرار بمصالحهم الاستراتيجية في حال تعرضت مصالحها للخطر.
فيما يرى بعض المراقبين أن هدف مليشيا الحوثي من وراء تفجير ناقلة نفط تحمل كميات كبيرة من النفط الخام قبالة السواحل اليمنية، هو إحداث كارثة بيئية في البحر الأحمر، ومن ثم استغلالها للضغط على الحكومة الشرعية والتحالف للجلوس على طاولة المفاوضات التي يسعى المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، إلى عقدها بأي طريقة. الجدير بالذكر أن غريفيث كان في صنعاء في أثناء استهداف الناقلة السعودية (أرسان).
القانون الدولي للمياه الدولية
تعد المياه الإقليمية في قانون البحار شأن إقليمي، فيما المياه الدولية فهي شأن دولي، ويحدد قانون البحار مسؤولية وسلطة كل دولة فيما يتعلق بالمياه الدولية، وفي المياه الإقليمية. وبالنسبة للمضايق؛ فإن المياه الإقليمية للدول تنحسر إلى الحد الأدنى الذي يترك مجالاً ومجرى للمياه الدولية.
ولذلك، فإن استمرار تهديد الملاحة في البحر الاحمر من قبل جماعة الحوثي من شأنه تدويل الحرب اليمنية، فبالإضافة إلى قانون البحار واتفاقيات جنيف ولاهاي، ومصالح الدول التي تقع على البحر الأحمر؛ هناك الدول التي أقامت قواعد عسكرية في منطقة القرن الأفريقي مثل أميركا وتركيا بالإضافة إلى التداعيات التي سيُنتجها تنفيذ التهديد محلية وإقليمية ودولية في آن واحد.
إلا أنه من غير المستبعد أن يلجأ إليه الحوثيون بوصفه الكرت الاخير ، للخروج من “الحلقة المقفلة” التي وصلت إليها الحرب، ولإخراج هذا الملف من أيادي السعودية وحلفائها إلى أيادي عشرات الدول التي ترى أن إجراء كهذا بات يهدد مصالحها وأمنها.
تجاوزات وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر
نشطت المليشيا الحوثية بشكل أكبر في المياه الإقليمية اليمنية والمياه الدولية في البحر الأحمر بشكل كبير ما بين عامي 2016-2018 مما شكل خطرا حقيقيا على طرق الملاحة الدولية حيث بلغ عدد هجمات الحوثيين البحرية خلالها أكثر من 22 هجوماً، استهدفت 12 سفينة وبارجة حربية، وأكثر من 10 زوارق عسكرية، ومن أهمها:
1- هجوم على سفينة (إتش إس في -2 سويفت) الإماراتية، في أكتوبر/تشرين الأول 2016.
2- هجوم أول على المدمرة الأمريكية (يو إس إس مايسون)، في 10 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016.
3- هجوم ثان على المدمرة الأمريكية (يو إس إس مايسون)، في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
4- تعرض فرطاقة سعودية في 29 يناير/كانون الثاني 2017 لهجوم بثلاثة زوارق موجهة تابعة للمتمردين الحوثيين وقوات حليفهم حينها علي عبدالله صالح غرب ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل اثنين من طاقمها.
5- استهداف بارجة حربية إماراتية قبالة سواحل مدينة المخا، في 14 يونيو/حزيران 2017.
6- هجوم غير ناجح على منشأة تحميل بحرية سعودية في جازان، في 16 يونيو/حزيران 2017.
7- هجوم على سفن للتحالف في مارس/آذار الماضي في ميدي.
8- هجوم صاروخي فاشل على ناقلة النفط السعودية المزدوجة الهيكل (البقيق)، 3 أبريل/نيسان 2018 قبالة ساحل الحديدة.
9- هجوم صاروخي على سفينة تركية (إنسي إنيبلو) محملة بالمواد الغذائية، في 10 مايو/أيار 2018.
10- أخيراً تعرضت ناقلة نفط تابعة للشركة الوطنية السعودية (أرسان) لهجوم صاروخي أصاب هيكلها الخارجي، في 25يوليو/تموز الماضي قبالة ساحل الحديدة.
ناقلة النفط “صافر” والكارثة المؤجلة
تعدت ضغوط الحوثيين وتهديداتهم العسكرية للملاحة الدولية وأمن البحر الأحمر إلى التهديدات البيئي الذي سيمثل كارثة حقيقية ستكون لها عواقبها الوخيمة والمباشرة على جميع الدول المطلة على البحر الاحمر قبل أن يكون لها ضررها على الطريق الملاحة الدولية إذا يظل خزان النفط العائم صافر التابع للحكومة اليمنية والذي يسيطر عليه الحوثيون اليوم هو السلاح الآخر بيد هذه المليشيا التي تقايض بها المجتمع الدولي لفرض شروطها سواء فيما يخص المفاوضات مع الحكومة الشرعية التي يحاول المبعوث الأممي مارتن جريفث أن يعيدها على الطاولة أو من خلال الابتزاز القائم حول المخزون النفطي للخزان العائم أو فرض اشتراطات جديدة على دول التحالف العربي فيما يخص فك الحصار البحري عن ميناء الحديدة بما يسمح لهم التزود بالأسلحة المهربة من ايران .
وتصاعدت المخاوف الدولية، من حدوث كارثة بيئية محتملة في البحر الأحمر، جراء رفض مليشيا الحوثي الانقلابية، السماح لخبراء دوليين من تقييم حالة الناقلة اليمنية لتخزين النفط “صافر”، الراسية في ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة غربي اليمن.
وترسو الناقلة “صافر” على بُعد 7 كيلومترات قبالة ميناء رأس عيسى في مدينة الحديدة الساحلية، وعلى متنها مليون و140 ألف برميل من النفط الخام.
ومنذ اجتياح المليشيا الانقلابية للمدينة الواقعة على البحر الأحمر، لم تحصل السفينة على أي صيانة دورية، وتحديدا منذ أواخر العام 2014.
وأكدت مصادر حكومية يمنية ، أن هيكل في الناقلة والذي يحتوي على أكثر من مليون برميل من النفط الخام، بدأ يتعرض للتآكل، وهو ما يهدد بكارثة نفطية غير مسبوقة فيما ترفض المليشيا الحوثية السماح لخبراء دوليين بإجراء الصيانة الدورية للناقلة، وتستخدمها كمادة لابتزاز الحكومة اليمينية الشرعية والتحالف العربي، من أجل حصد مكاسب سياسية، كما ألمح القيادي الحوثي، محمد علي الحوثي.
وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، أن حالة ناقلة “صافر”، التي يسيطر عليها الحوثيين آخذةٌ في التدهور، وقد يُحدثُ ذلك تسربًا كارثيًا في البحر الأحمر ، في حين قالت السفارة الأمريكية باليمن، في بيان، إن المليشيا منعت ولسنوات السماح لخبراء دوليين من تقييم حالة الناقلة، وينبغي على الحوثيين السماح بإجراء فحص وإصلاح دوليين للناقلة قبل فوات الأوان”.
وطالبت واشنطن اكثر من مرة ، المليشيا الحوثية بالتعاون مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث، والسماح للأمم المتحدة لصيانة ناقلة النفط (صافِر)، وأكدت أن المليشيا ستتحمل وحدها التكاليف الإنسانية في اليمن والكارثة البيئية في البحر الأحمر إذا ما حدث تسرب للنفط من الناقلة ، وهو أمر غير منطقي حين ستكون الكارثة وعواقبها وخيمة على العالم أجمع وبالأخص الدول المطلة على البحر الأحمر .
تحذير حكومي
تواصل الحكومة اليمنية مطالبة أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بممارسة الضغط على ميليشيا الحوثي الإرهابية للسماح بوصول فريق فني من الأمم المتحدة إلى خزان صافر النفطي العائم، في رأس عيسى بمحافظة الحديدة ،
في رسالة بعثها وزير الخارجية، محمد الحضرمي؛ قال “أنّ ميليشيا الحوثي ما تزال، منذ 27 حزيران (مايو)، تمنع وصول فريق الأمم المتحدة إليه، لإجراء تقييم أولي لحال الخزان، الذي يتعرض للتآكل، والذي قد يتسبب بكارثة بيئية في البحر الأحمر، ستؤثر على اليمن والإقليم”، بحسب “الحياة” اللندنية محملا الميليشيات الحوثية الإرهابية مسؤولية حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر.
وسبق أن خاطبت وزارة الخارجية الأمم المتحدة وهيئاتها مراراً، وطالبت مساعدتها في تقييم وضع خزان صافر، وتنفيذ الصيانة اللازمة، أو تفريغ كمية النفط المخزون خشية حدوث تسريب نفطي ما سيتسبب بكارثة بيئية خطيرة ، لكن دون أن تفلح تلك المراسلات أو الجهود في تحقيق أي تقدم يذكر .
وبحسب وخبراء متخصصون ؛ فإنّ الخزان مهدَّد بحدوث تسرّب بسبب ازدياد درجة الحرارة، وارتفاع الرطوبة، ونظراً لتوقف الصيانة كلياً، بسبب عدم توفر وقود المازوت المسؤول عن تشغيل الغلايات، وهو ما يعرض جسم الخزان للتآكل.
ويحتوي خزان صافر العائم قرابة مليون برميل من النفط الخام، ويربطها أنبوب نفطي مع حقول صافر في محافظة مأرب (شرق)، يصل طوله لنحو 428 كيلومتراً.
ووصفت تقارير دولية خطر السفينة النفطية صافر بـ “القنبلة العائمة”، كونها لم تخضع للصيانة منذ عام 2015، لكن ميليشيا الحوثي تستخدمها ورقة مساومة مع الحكومة اليمنية التي طلبت المساعدة من الأمم المتحدة، لتجنب كارثة بيئية تهدّد حرية الملاحة.
ومنعت ميليشيات الحوثي، أكثر من مرة، فريقاً من الأمم المتحدة من الوصول إلى ناقلة النفط العائمة، الموجودة في منشأة رأس عيسى، منذ أوائل عام 2015، ولم تتم صيانتها أو تفريغ حمولتها؛ حيث يطالب الحوثيون بحصة من العائدات من المبيعات المحتملة لحوالي مليون برميل من النفط المتواجد داخلها.
ويستخدم الحوثيين “خزان صافر” النفطي غرب البلاد كـ”نقطة عسكرية”، تهدد الأمن البيئي للبحر الأحمر ويرفضون منذ 5 سنوات السماح لفريق أممي بصيانة الخزان.
وذكرت “اللجنة الاقتصادية” الحكومية ، أن الحكومة قدمت كل التنازلات من أجل إصلاح “الخزان النفطي” الذي يحتاج صيانة دورية، بعيدا عن الصراعات.
عواقب وخيمة
ويشكل الخزان النفطي على البحر الأحمر، كارثة إنسانية وبيئية وبحرية، في حال تسرب أية كميات من النفط، في ظل إصرار الحوثيون على إبقائه كمترس عسكري يهددون به أمن البحر الأحمر .
من جهتها، حذرت منصة “حلم أخضر” اليمنية المتخصصة في شؤون البيئة، من أن تسرب النفط من “صافر”، سيعرض بيئة اليمن البحرية للتدمير الكلي؛ قائلة إن “115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر ستفقد تنوعها البيولوجي”.
وأشارت المنصة، في تقرير لها خاص بخزان صافر العائم ، أن 850 ألف طن من المخزون السمكي في المياه اليمنية، سيتعرض للتلف داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن .
وأضافت: “بقع النفط الخام حال تسربها، ستؤدي إلى قتل 969 نوعا من الأسماك في المياه اليمنية”، إذ يحوي الخزان 150 ألف طن من النفط الخام ” وهو ما يشكل كارثة حقيقية ستكون لها عواقب وخيمة على التنوع البيئي ستكون لها انعكاساتها وامتدادها على مختلف الدول المطلة على البحر الأحمر بالإضافة إلى عرقلة حركة الملاحة الدولية .
ويبلغ وزن ناقلة خزان صافر 409 آلاف طن متري، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الموقع الذي تم اكتشاف النفط فيه أول مرة في اليمن.
وحسب خبراء في الحكومة اليمنية، أن تسرب أكثر من مليون برميل نفط خام إلى البحر الأحمر، سيؤدي إلى إغلاق ميناء الحديدة لعدة أشهر ونقص الوقود والاحتياجات الضرورية وارتفاع أسعار الوقود أكثر من 800% وتضاعف أسعار السلع والمواد الغذائية، كما ستكلف مخزونات الثروة السمكية أكثر من عشرة مليار دولار خلال السنوات العشرين القادمة.
إضافة إلى المخاطر البيئة والإنسانية، التي تخشاها الحكومة اليمنية، في حالة نشوب حريق محتمل في الخزان العائم جراء التسرب أو الانفجار، مما يعني تأثر 3 ملايين شخص في مدينة الحديدة بالغازات السامة.
كما أن تسرب النفط من الناقلة، سيقضي على مخزون الأسماك بالبحر الأحمر لأكثر من 20 عاما، وهو ما يهدد برمي نحو 500 ألف شخص اعتادوا على العمل في مهنة الصيد وعائلاتهم، إلى رصيف البطالة والمعاناة الإنسانية، حيث سيحتاج مخزون الأسماك 25 عاما للتعافي.
وأشار التقرير أيضا إلى أن الكارثة ستمتد أيضا إلى المياه الجوفية بعد اختلاط الغازات بمياه الأمطار، وهو ما قد يؤدي إلى التسمم البطيء ومشاكل صحية لنحو 6 ملايين شخص في محافظتي الحديدة وحجة.
وتهدد الكارثة، نحو 4% من الأراضي الزراعية المنتجة باليمن، والتي ستغطيها الغيوم السوداء، ويؤدي للقضاء على الحبوب والفواكه والخضروات والتي تقدر قيمتها بـ70 مليون دولار.
وذكر التقرير الحكومي الذي تم إرساله للأمم المتحدة، إلى أن الأضرار المحتملة، ستدمّر أيضا المحميات الطبيعية في الجزر الواقعة في البحر الأحمر، ومنها جزيرة كمران اليمنية، وتهديد الأسماك والأحياء البحرية والشعب المرجانية والطيور البحرية، وصناعة الملح البحري من البحر الأحمر.
المصادر
- هل سيحوّل الحوثيون البحر الأحمر ساحة حرب؟ 21/1/2018- هشام جابر- عميد وباحث في الشؤون الاستراتيجية ومكافحة الإرهاب
- موقع “العين الإخبارية
- موقع الحكومة اليمنية الرسمي
- رسالة بعثها نائب وزير الخارجية، محمد الحضرمي
- موقع “اللجنة الاقتصادية” الحكومية على فيسبوك
- منصة “حلم أخضر” اليمنية المتخصصة في شؤون البيئة