دراسات إقتصادية

انهيار العملة وأثره على تزايد الفقر في اليمن

فخر العزب - تعز

بجسده النحيل المتهالك وثيابه الرثة يقف (ع. س) البالغ من عمره 60 عاما أمام برميل خاص بالقمامة في إحدى شوارع مدينة تعز، بانتطار أن يمتلئ البرميل ببقايا الطعام ليقوم بالبحث عن ما تيسر منها لحمله لزوجته وأطفاله، حيث بات واحدا من ملايين اليمنيين العاجزين عن توفير قوتهم اليومي، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد. وتعاني اليمن من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، في ظل الانهيار المتسارع للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، حيث بلغ سعر الصرف في المناطق التابعة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، 210 ريالات مقابل الريال السعودي، و800 ريال مقابل الدولار الأمريكي في ظل حالة عدم استقرار بسعر الصرف، وتوقع بأن يصل سعر الدولار الأمريكي إلى 1000 ريال نتيجة غياب دور الحكومة الشرعية في وضع حلول إسعافية لإيقاف الانهيار المتسارع بسعر العملة .

الانهيار المتسارع بأسعار صرف العملة الوطنية ألقى بآثاره السلبية على الحالة المعيشية للمواطنين في بلد يعد من أفقر بلدان العالم، ويعاني من حرب مستمرة للعام السادس على التوالي، حيث إن انخفاض سعر الصرف قد تسبب بارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الغذائية، في ظل انخفاض القيمة الشرائية للريال، وهو ما زاد من حجم المعاناة لدى المواطنين الذين يعاني غالبيتهم من انقطاع رواتبهم.

ويأتي ذلك بالتزامن مع تزايد التحذيرات الصادرة عن المنظمات الدولية من اتساع رقعة الفقر في البلاد في ظل ضرورة تدخل دولي عاجل لإيقاف التردي الاقتصادي المتسارع، في بلد يعاني 80% منه على المساعدات الغذائية.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ”الفاو” نحو 15.9 مليون يمني يندرجون تحت تصنيف من يعانون انعدام الأمن الغذائي بين السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة.

وكانت الأمم المتحدة وعبر تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد قالت في أبريل الماضي إن اقتصاد اليمن انكمش بنسبة 50 بالمئة، وهو على وشك الانهيار بسبب الصراع المستمر في البلاد للعام السادس على التوالي، كما أن أكثر من ربع الأطفال خارج المدرسة حالياً، بينما أزيد من 80 % من السكان، هم دون خط الفقر“.

 ويعد انقلاب الحوثيين على الدولة في سبتمبر 2014 وتسببهم بالحرب المندلعة منذ مارس 2015 السبب الأبرز الذي أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد، حيث استولى الحوثيون علي 85% من ايرادات الدولة، ما تسبب بانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 48 %، كما قاموا بنهب 5 مليار ريال من البنك المركزي بصنعاء.

وقد تسببت هذه الإجراءات أيضا بتوقف صرف رواتب الموظفين في القطاع العام، وانعدام فرص العمل في ظل نزوح مئات الآلاف من اليمنيين داخل البلاد وخارجها. من وجهة نظر الصحفي المتخصص بالشؤون الاقتصادية وفيق صالح الذي تحدث لــ”مركز بينون”، لابد من انقاذ العملة اليمنية من الانهيار وذلك برفد البنك المركزي في عدن بوديعة مالية جديدة تضمن قيام البنك بدوره في استقبال الاعتمادات المستندية للتجار وتمويل استيراد السلع الأساسية، بدلا من أن يذهب التجار إلى السوق المصرفية لسحب الدولار مما يؤدي إلى تنشيط عملية المضاربة بالعملات الصعبة وبالتالي يساهم في انهيار قيمة العملة المحلية، وكذلك لابد من إعادة تشغيل كافة الموارد، لا سيما قطاع النفط والغاز، على اعتبار أنها من أكبر مصادر الدخل من النقد الأجنبي للحكومة، وايرادتها تكفي لتكوين احتياطي من العملات الصعبة في البنك المركزي وضمان قيامه بدوره في تمويل استيراد السلع الأساسية، والحفاظ على استقرار أسعار الصرف”.

 ويؤكد الصحفي الإقتصادي على ضرورة قيام الحكومة بوضع برنامج تقشفي لإصلاح كافة الاختلالات الإدارية والاقتصادية الحاصلة في دوائر الحكومة ومايحدث من استنزاف مستمر للعملة الصعبة طيلة السنين الماضية، فرغم شحة مصادر النقد الأجنبي للبلاد، إلا أن الحكومة لا تزال تستنزف هذه الإيرادات في نفقات وصرفيات عبثية لاعضائها في الخارج، الأمر الذي يحرم السوق المصرفية محليا من العملة الصعبة، وهو ما يتطلب بعودة الحكومة وكافة المسؤولين إلى الداخل ووقف عمليات الفساد المسشتري في أجهزة ودوائر الحكومة، والبدء بخطوات حقيقية وجادة للسيطرة على كافة الأوعية الايرادية”.

ويضيف ”وفيق” إنه يحتم على الحكومة تحركا سريعا وعاجلا هو حظر الفئات النقدية الجديدة للعملة من قبل الحوثيين في مناطق سيطرتهم، هذا الإجراء تسبب بانقسام نقدي ومصرفي غير مسبوق في اليمن وأدى إلى نهب أموال الناس بطرق غير قانونية وتسبب بمعاناة المواطنين في كافة المناطق، وبالتالي لا بد على الحكومة أن تتحرك بكافة الوسائل للضغط على الحوثيين من أجل القبول بالطبعة الجديدة من العملة والسماح للتجار والصرافين والمواطنين بتداولها، لدى الحكومة خيارات كثيرة بهذا الجانب ووقف عمليات نهب أموال المواطنين، وحتى لو اقتضى الأمر إلغاء الطبعة القديمة من الريال اليمني، من أجل ارغام الحوثيين القبول بالطبعة الجديدة من العملة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق