دراسات سياسية

الصحراء الغربية وآفاق التسوية بالمغرب العربي

دراسة مفصلة / يوسف المعمري

أنتهى صيف العام 2021م بمفاجأة لم تكن غير متوقعة بعد أن أعلنت الجزائر قراراً أحادياً بقطع العلاقات مع المغرب بعد مرور أقلّ من أسبوع على تصريح الرئاسة الجزائرية أنها تعتزم “إعادة النظر” في علاقاتها مع جارتها، وعلى الرغم من امتداد العداء والمنافسة بين البلدين على مدار عقود إلا أن التوترات التي طالما شهدتها العلاقات الثنائية قد دخلت منعرجاً جديداً في ديسمبر 2020 عندما أعلن المغرب تطبيع علاقاته مع إسرائيل مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المملكة على أراضي الصحراء الغربية، وهو الموقف الذي أدى بالجزائر إلى عزل نفسها دبلوماسياً عن المغرب بشكل تدريجي خاصة بعد أن أعلنت أسبانيا في آذار/مارس من العام الحالي تأييدها لخطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية التي تدعمها المغرب وهو ما جاء كصدمة هازمة للجزائر .

حيث أعلنت الجزائر في أغسطس/ آب عام 2021، قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، واتهمت الرباط بالقيام بـ”أعمال عدائية”، وأوقفت تدفق خط أنابيب الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب، ومنعت في وقت لاحق جميع الطائرات المغربية من عبور مجالها الجوي .

وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قد أعلن في مارس/آذار الماضي أن العلاقة بين الجزائر والمغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة .

وتشهد العلاقات الجزائرية المغربية توتراً منذ عقود، على خلفية قضية الصحراء الغربية، وتُعتبر الحدود بين الجارتين مغلقة منذ عام 1994م .

وتمتد الصحراء الغربية على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة الأفريقية، وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة إذ يبلغ تعداد سكانها 567 ألف نسمة وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي .

ويزعم المغرب الذي يسيطر على 80% من أراضي الإقليم، إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه، ولكنه لا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصر جبهة البوليساريو بمساندة جزائرية على استفتاء لتقرير المصير، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991م .

بينما أعتبر ملك المغرب، محمد السادس، أن العلاقات المغربية الجزائرية “مستقرة”، وأعرب عن أمله في “عودة الأمور إلى طبيعتها” بين البلدين، وأن يتم فتح الحدود بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين .


معضلة الصحراء الغربية في العلاقات المغربية – الجزائرية

توترت العلاقات بشكل أوسع صيف العام الماضي عندما أعلن عمر هلال، سفير المغرب لدى الأمم المتحدة تأييده الصريح لحق سكان منطقة القبائل في تقرير مصيرهم رداً على الدعم الجزائري لجبهة البوليساريو، وهو ما أثار غضب الحكومة الجزائرية التي سارعت لاستدعاء سفيرها لدى المغرب «للتشاور»، وفي الوقت نفسه تصدرت الصحف تقارير إعلامية – نفتها المغرب- تشير إلى تورط المملكة في استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس الإلكتروني لاستهداف هواتف شخصيات عامة ومسؤولين سياسيين وعسكريين جزائريين، زاد الطين بلة اتهام الجزائر المغرب بدعم جماعتين تدرجهما الجزائر على قوائم المنظمات الإرهابية وهما «رشاد الإسلامية» و»ماك» الانفصالية في منطقة القبائل، وحمّلها، بدون دليل مادي، مسؤولية الحرائق التي اجتاحت الحياة البرية في الجزائر .
وفي نوفمبر الماضي نسبت الجزائر إلى المغرب مقتل ثلاثة سائقين جزائريين في الصحراء الغربية عن طريق قصف شاحناتهم أثناء قيامها برحلات تجارية بين الجزائر وموريتانيا، أما المغرب فقد تجنب الرد رسميا، هذا أدى إلى عدم التصعيد وأزال احتمال اندلاع صراع عسكري مباشر للمرة الأولى منذ عقود، وعلى الرغم من أنه غير محتمل، لأدى الحادث المأساوي إلى تأجيج التوترات بدرجة لم تشهد لها المنطقة مثيلاً إلا بعد انتهاء وقف إطلاق النار الذي دام ما يقارب 29 عاماً بين المغرب والبوليساريو في 2020 .
كانت الحدود البرية بين المغرب والجزائر قد أغلقت في عام 1994 بناءً على طلب تقدمت به الجزائر بعد أن اتهمت المغرب أجهزة المخابرات الجزائرية بالتورط في تفجيرات مراكش باستخدام عملاء فرنسيين من أصول شرق أفريقية وفرضت استخراج تأشيرة دخول على المواطنين الجزائريين وطردت أولئك الذين لا يحملون رخصة إقامة .
وبالتالي لم تكن القطيعة الدبلوماسية الأخيرة هي الأولى من نوعها بين البلدين، ولكنها جعلت الأمر الواقع أكثر وضوحاً وزادت عمق الهوة التي تجلت في إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطيران المغربي، ورفض الجزائر تجديد عقد خط الغاز المغاربي الأوروبي الذي يحمل الغاز إلى أسبانيا عبر المغرب
على مدار تاريخهما المشترك، كانت مشكلة الصحراء الغربية شوكة في جنب العلاقات الجزائرية المغربية والسبب الرئيس للعداء بين البلدين، فالمغرب يعتبر المستعمرة الأسبانية السابقة جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، ويعتبر هيمنته عليها مسألة كرامة وطنية تعتمد عليها سياساته الخارجية، أما الجزائر فتدعم «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الإقليم .
في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1975 شهد الصراع تحولاً جيوسياساً كبيراً لصالح المغرب نتج عنه مزيداً من التعقيد في العلاقات بين البلدين، حيث قامت المغرب بتنظيم ما يعرف بـ «المسيرة الخضراء» التي زحف فيها نحو 350 ألف من المغاربة غير المسلحين إلى مناطق بالصحراء الغربية، وخلال بضعة أيام تم توقيع اتفاقية مدريد الثلاثية بين المغرب وأسبانيا وموريتانيا على أن يتم بموجبها إنهاء الوجود الإسباني في الصحراء، ولكن الاتفاقية على أهميتها، فشلت في حل المشكلة التاريخية بين البلدين لأنها حملت اعترافاً ضمنياً بإقصاء الجزائر وجبهة البوليساريو اللتان لم تشاركا فيها .

 

حيث قامت الجزائر فجأة بطرد 45,000 عائلة مغربية مقيمة على أراضيها، واتبعت ذلك في آذار/مارس من عام 1976 باعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية التي أقامتها جبهة البوليساريو المسلحة، وهو ما أدى بالمغرب لقطع علاقاته الدبلوماسية مع الجزائر على الفور، وفي محاولة لتبرير موقفها المتعنت من مسألة الصحراء الغربية قالت الحكومة الجزائرية إنها إنما تؤيد الحق في تقرير المصير، وهو المبدأ الذي قامت عليه الدولة الجزائرية الحديثة وادعت أيضاً أن أي تسوية للنزاع على أراضي الصحراء الغربية يجب أن يتم تحت إشراف دولي وبرعاية الأمم المتحدة وليس من خلال المفاوضات المباشرة مع المغرب، وهو الموقف الذي يزيد من استعداء المغرب ويؤجج التوتر بين الدولتين .

لكن، وعلى الرغم من محورية قضية الصحراء الغربية في الصراع المغربي الجزائري إلا أنها في الحقيقة ما هي إلا ذريعة يستند إليها البلدان لتبرير تناحرهما المستمر وتغطية السبب الحقيقي للصراع وهو التنازع على الأرض والرغبة في السيطرة الإقليمية التي هيأت التربة لاندلاع حرب بينهما تركت أثرا لا يمحى في جسد علاقاتهما، بحلول ستينات القرن الماضي، حيث ازداد التباعد الكبير في المسار السياسي والأيديولوجي بين الدولتين حديثتي الاستقلال وضوحاً خاصة عندما رحبت الحكومة الجزائرية الاشتراكية باستقبال شخصيات يسارية من المعارضة المغربية على أراضيها وسمحت لها بالعمل في جامعتها المرموقة حينذاك .

تجمع الدولتين عوامل مشتركة من لغة ودين وثقافة، ولكن فرقهما النظام السياسي الحاكم وما أملاه من خلافات ونزاعات وتحالفات دولية- خاصة إبّان الحرب الباردة -وهو ما أدى بهما إلى مسارات متفرقة، بل ومتباعدة تختلف تماماً عن التوافق والتعاون الذي كان يصبغ علاقتهما عندما اشتركتا في النضال ضد المستعمر الفرنسي، شهد الكفاح المشترك ضد الاستعمار وحدة المصائر والمسارات وطالما اعتمدت الجزائر على الحدود المغربية واتخذتها بمثابة القاعدة الخلفية لجبهة التحرير الوطنية الجزائرية، وحتى تاريخ استقلال الجزائر ارتبطت النخب في البلدين بعلاقات وثيقة، بل بروابط عائلية أحيانا، وهناك العديد من الأمثلة على شخصيات سياسية معروفة بصلاتها بكلا البلدين في ذلك الوقت .

وعلى سبيل المثال لا الحصر كان المغربي عبد الكريم الخطيب وهوسياسي ووزير مغربي ومن أشد مؤيدي النظام الملكي المغربي، ينحدر من أصول جزائرية، وكان ابن عمه يوسف الخطيب قائداً لجيش التحرير الوطني الجزائري خلال حرب التحرير الجزائرية، أما على الجانب الجزائري فكان شريف بلقاسم السياسي البارز الذي ينتمي لمجموعة «وجدة» -وهي الفصيل المؤيد للرئيس الجزائري السابق هواري بومدين والذين استخدمهم في الاستيلاء على الحكم في صيف عام 1962- مغربي الأصول، وحتى الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقه، وهو بالطبع جزائري الأصل إلا أنه مغربي المنشأ .
ولهذا السبب وعلى الرغم من مسيرته الطويلة كدبلوماسي جزائري مرموق إلا أن انتخابه في عام 1999 أحيا آمال النخبة السياسية المغربية في تحسين العلاقات بين البلدين، ولكن، لم يكن مفاجئا، أن لم تشهد فترة حكمه التي استمرت عشرين عاماً أي تغيير إيجابي مبشر، بل إن البلدين لم يعقدا أي محادثات رسمية على مستوى القمة منذ التقى الملك محمد السادس والرئيس الراحل بوتفليقة في عام 2005 على هامش قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في الجزائر العاصمة .
أنتج هذا التباعد حالة من التغريب بين اللاعبين السياسيين في كلا البلدين، فبالكاد يعرف بعضهم بعضاً، بل ونشأت أجيال جديدة تقتات على مفاهيم خاطئة وكليشيهات تكرسها الآلات الإعلامية الحكومية على كلا الجانبين تعمل على تشويه سمعة الشخصيات السياسية وتركز على الأزمات والتناحرات الداخلية. ومع كل ذلك، فإن الخلاف السياسي المشتعل منذ عقود لم يؤثر بالفعل على النظرة الاجتماعية المتبادلة بين مواطني البلدين، على العكس نجد الشعبين يدعوان باستمرار إلى فتح الحدود بين الجارتين ونجد الفعاليات الرياضية حافلة بمواطني كلتا الدولتين يدعمون بعضهم البعض في صورة حقيقية للأخوة والتواد .

من المؤسف أن المواطنين الجزائريين والمغاربة هم الذين يدفعون ثمن الخلافات السياسية التي فرقت الأسر التي لديها علاقات قرابة في البلدين، خاصة تلك التي لديها أفراد موزعون بين الجهتين في مناطق الحدود، حيث أصبح التواصل العائلي صعباً مع غلق الحدود البرية وارتفاع تكاليف النقل الجوي بشكل خيالي، ما شكل معاناة لآلاف الأسر التي أصبحت تعاني من أجل الالتقاء وأصبحت مضطرة للسفر بالطائرة من الدار البيضاء المغربية إلى الجزائر العاصمة والعكس صحيح. ورغم أن الحدود بين البلدين كانت مغلقة رسميا، لكن كان بالإمكان اختراقها وتهريب المازوت والبضائع، غير أن عمليات التهريب أصبحت صعبة منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، بعد أن شددت الحكومة الجزائرية مراقبتها للحدود .

في الآونة الأخيرة وجد المزارعون المغاربة، الذين طالما زرعوا الأراضي عبر الحدود، أنفسهم في وضع مزر نتيجة لعملية الإغلاق ما أدى بهم للتظاهر في منطقة العرجة في مقاطعة فجيج في آذار/ مارس 2021 رداً على طردهم من قبل السلطات الجزائرية. يخشى كثير من المراقبين أن الانقطاع الحالي في العلاقات قد يؤثر سلباً على المجتمعات المحلية التي أُنشئت في البلدين، وأن أي تفاقم جديد للأوضاع قد ينتج عنه عمليات ترحيل جديدة .

بذل المغرب جهوداً في سبيل الوصول إلى مصالحة ودعا الملك المغربي في عدة مناسبات إلى الحوار وفتح الحدود، بل واقترح في خطبة العرش استراتيجيات جديدة للتعامل تضمن تهدئة التوترات المتصاعدة، أما على الجانب الجزائري فإن القادة الجزائريين الذي ينتمون لجيلٍ أكبر سناً، والذين يعانون في مواجهة الأزمات السياسية الداخلية الطاحنة، لا يبدو أن لديهم الإرادة السياسية أو الرغبة في المصالحة. وفي كل الأحوال لن تتحسن العلاقات الثنائية إلا إذا اتفق القادة من كلا الجانبين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات .

 


خريطة موقع الصحراء الغربية في المغرب العربي


 

الخلفيات والعوائق التي تحول دون استئناف العلاقات وفتح الحدود بين المغرب والجزائر ؟
أثارت تصريحات ملك المغرب، محمد السادس، الأخيرة بشأن علاقات بلاده المقطوعة مع الجزائر والحدود المغلقة بين البلدين، تفاعلا على مواقع التواصل الاجتماعي .
صحفيون عرب، عبروا عن أملهم على موقع «إكس» في أن تستجيب الجزائر لدعوة ملك المغرب استئناف العلاقات وفتح الحدود بين البلدين .
في المقابل قال زيان على نفس الموقع، إن دعوة الملك محمد السادس مرفوضة كما حدث العام الماضي .
وتصدر وسم «طلبك مرفوض» مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر على مدار اسبوع ، ردا على طلب ملك المغرب فتح الحدود .
هذا وقد كان العاهل المغربي قد عبر في وقت سابق عن أمله في «عودة الأمور إلى طبيعتها مع الجزائر وإعادة فتح الحدود بين البلدين على الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين» .
وقال الملك محمد السادس في خطابه بتاريخ 29 يوليو :
نؤكد مرة أخرى لإخواننا الجزائريين، قيادة وشعبا، أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء، وكذا الأهمية البالغة التي نوليها لروابط المحبة والصداقة والتبادل والتواصل بين شعبينا» .
يذكر أن العاهل المغربي دأب في مناسبات وطنية سابقة على توجيه خطاب للقيادة الجزائرية يدعوها فيه الى فتح الحدود البرية بين البلدين خدمة لمصالح الشعبين .
هذا ولم يصدر أي تعليق رسمي من جانب الجزائر على تصريحات ملك المغرب حتى الآن .

علاقات مقطوعة

كانت الجزائر قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في آب/أغسطس 2021، متهمة الرباط بـ»أعمال عدائية»، وهو قرار اعتبرته المملكة «غير مبرر إطلاقا» .
وفي أكتوبر/ تشرين أول أوقفت الجزائر تدفق الغاز عبر أنابيب إلى إسبانيا كانت تمر عبر الأراضي المغربية في شمال البلاد. وفي وقت لاحق منعت الطائرات المغربية من عبور المجال الجوي الجزائري.
وتصاعدت حدة التوتر بين البلدين وسط تراشق إعلامي وحرب كلامية بين البلدين. وفي مارس/آذار الماضي، أعلن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أن القطيعة بين البلدين وصلت إلى نقطة اللاعودة، كما أن المغرب رفض مؤخرا أي مساعدات جزائرية عقب الزلزال الذي تعرض له، ناهيك عن القطيعة الدبلوماسية وطرد السفراء والدبلوماسيين والمقيمين بشكل مستمر .

قضية الصحراء الغربية

 

التوتر الأخير بين كل من الجزائر والمغرب لم يتوقف عند هذا الحد، بل زاد تفاقما مع دخول إسرائيل على الخط فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية.

فقد اعترفت إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، وقالت إنها «تدرس إيجابياً فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة»، وهو قرار انتقدته الجزائر بشدة، واعتبرته «خرقاً للقانون الدولي».

وكان المغرب قد طبع علاقته مع إسرائيل في ديسمبر/كانون الأول عام 2020، بوساطة أمريكية مقابل الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، و أعربت الجزائر وقتها، عن استيائها من تنامي العلاقات بين الرباط وإسرائيل خصوصاً العلاقات الأمنية.

ولطالما شهدت العلاقات الجزائرية المغربية توترا منذ عقود، على خلفية قضية الصحراء الغربية، وتُعتبر الحدود بين الجارتين مغلقة منذ عام 1994.

وتمتد الصحراء الغربية على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة الأفريقية، وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة إذ يبلغ تعداد سكانها 567 ألف نسمة وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي.

ويقول المغرب الذي يسيطر على 80% من أراضي الإقليم، إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه، لكنه لا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، بينما تصر جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، على استفتاء لتقرير المصير كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع العام 1991 والذي أعلنت جبهة البوليساريو إلغاءه بموجب مرسوم أصدره زعيمها إبراهيم غالي في نوفمبر 2020 .

 


خارطة النفوذ والسيطرة بالصحراء الغربية

 


 

المواقف الدولية والإقليمية من قضية الصحراء المغربية

 

ترى حكومة المغرب أن الصحراء الغربية تشكل جزءًا من اقاليمها الجنوبية. وتعتبر الحكومة المغربية «جبهة البوليساريو» حركة انفصالية، ويرفض تسمية الصحراء الغربية، ويشير للصحراء في مختلف الوثائق الإدارية الرسمية باسم الأقاليم الجنوبية، كما ينظر إليها على أنها جزء من الأراضي المغربية، كان الاستعمار الأوروبي قد اقتطعه من أراضيه، ويقدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع .

من جهة أخرى تطالب جبهة البوليساريو الانفصالية أنه وفقًا لقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، فإن سكان الصحراء لهم الحق في تقرير مصيرهم، في إطار تصفية الإستعمار  فإن المملكة المغربية تحتل الصحراء بشكل غير قانوني الصحراء الغربية و تخضعها لسيطرتها .

لا تعترف أيٌ من الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء لكنها تقوم بمجموعة من الاستثمارات في عدة مجالات كالفوسفات و الصيد البحري و السياحة .

تعترف الولايات المتحدة و دول الخليج العربي و مجموعة كبيرة من الدول في غرب افريقيا مثل السنغال وبوركينا فاسو بمغربية الصحراء .

تدعم فرنسا والولايات المتحدة خطة الحكم الذاتي في إقليم الصحراء المغربية تحت السيادة المغربية .

 

فيما يلي مواقف أبرز الدول ذات الشأن والعلاقة بقضية الصحراء الغربية

الجزائر

تعترف الجزائر بالجمهورية العربية الصحراوية وتعتبر هذه القضية قضية تصفية استعمار وتدعو إلى حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتتهم المغرب الجزائر بدعم جبهة البوليساريو وأنها جزء من الصراع بينما الجزائر تعتبر هذه الاتهامات باطلة وان هذه قضية من صلاحيات الأمم المتحدة .

موريتانيا

أعلنت موريتانيا أن لسكان الصحراء الغربية نفس التقاليد والعادات التي لدى الشعب الموريتاني وعلى هذا الأساس طالبت بالجزء الجنوبي من الصحراء الغربية، ثم ما لبثت أن تراجعت عن مطالبها بل وقامت في سنة 1979 بتوقيع اتفاق السلام بين موريتانيا والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بالعاصمة الجزائرية والذي بموجبه انسحبت موريتانيا بصفة نهائية من الجزء الذي كانت تحتله من تراب الصحراء الغربية واعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية .

تونس

دخل المغرب وتونس في خلاف دبلوماسي يوشك أن تمتد تداعياته إلى علاقاتهما التجارية، فقد سحب المغرب سفيره من تونس في 26 آب/أغسطس بعد أن استقبل الرئيس التونسي قيس سعيّد زعيم «جبهة البوليساريو» إبراهيم غالي، بينما استدعت تونس سفيرها في الرباط .

 

مجلس الأمن الدولي

أصدر مجلس الأمن الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2021 قراره رقم 2602، وقرر بموجبه تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة سنة كاملة، داعيا إلى استئناف المفاوضات للوصول إلى حل يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير .

 

إسبانيا

تعتبر إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف، بعد رسالة بعثها رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس .

 

إيران

في سنة 2018، قام المغرب بقطع علاقته مع إيران وإتهمها بدعم البوليساريو لاستهداف أمن المغرب .

 

الولايات المتحدة الأمريكية

في 10 ديسمبر 2020، إعترفت الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على كامل إقليم الصحراء الغربية، وجددت دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد والواقعي وذي المصداقية، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع حول الصحراء الغربية. كما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة .

 

ألمانيا

وكانت ألمانيا قد أعربت سابقا عن تأييدها المقترح المغربي الذي يعود تاريخه لعام 2007، والذي تعتبره الرباط الحل الوحيد لهذا «الخلاف» .

 

ومن بين الدول التي تعترف بما يسمى بالجمهورية الصحراوية، نذكر الجزائر وفنزويلا وفيتنام ونيجيريا وأوغندا والمكسيك وغانا وانغولا وبنما .

الهند

وكانت الهند قد اعترفت بالجمهورية الصحراوية، وسمحت بفتح سفارة في نيودلهي في عام 1985 إلا أنها سحبت اعترافها في عام 2000 .

 


الإعتراف الدبلوماسي

 

الإعتراف الدبلوماسي، الحالة السياسية للصحراء الغربية

فيما يلي قائمة الدول التي أعترفت أو سحبت أعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية

 

 

 


الصحراء الغربية

هي منطقة مُتنازع عليها بشمال غرب إفريقيا، وتعتبر من أبرز مناطق الصراع منذ عقود أنتهاء حقبة الاستعمار، حيث يُسيطر المغرب على جزء كبير منها؛ فيما تَعتبرها دول أخرى منطقة مُستعمَرة في عملية تصفية الاستعمار، تسعى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي بإصدار قرارات لإيجادِ حلٍ نحو عملية تقرير المصير لسكان الصحراء .
من قبل الحكومة المغربية التي تحصل على دعم ضمني من فرنسا والولايات المتحدة، أما الثلث المتبقي فيُدار من قبل الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة باسم البوليساريو .
من الناحية الدولية، فهناك بعض البلدان التي اتخدت موقفا غامضا في قضية الصحراء مثل روسيا التي تقول إن موقفها محايد وتدعم الطرفين معا؛ لكن يجب الضغط على كل الأطراف من أجل الوصول لاتفاق وحل سلمي. هذا وتجدر الإشارة إلى أن كل من المغرب وجبهة البوليساريو يسعيان إلى الحصول على اعتراف رسمي من دول أفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية وباقي الدول في العالم النامي وهذا ما يُفسر تحركاتهما الكبيرة في هذا المجال وإنجاز مشاريع عديدة في دول فقيرة قصد الحصول على دعمها. وكانت جبهة البوليساريو قد حصلت على الاعتراف الرسمي بملكيتها للمنطقة من 37 دولة مما مكنها من تمديد عضويتها في الاتحاد الأفريقي، أما المغرب فقد فاز بدعم العديد من الحكومات الأفريقية معظمها من العالم الإسلامي والبلدان ضمن جامعة الدول العربية .
لم تعترف أي دولة عضو في الأمم المتحدة رسميا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية،، وظل الأمر إلى غاية إعلان دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رسميا اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء الغربية سنة 2020 مقابل تطبيع المغرب لعلاقاته مع إسرائيل .

الجغرافيا

تقع الصحراء الغربية في شمال أفريقيا؛ حيث تُطل على المحيط الأطلسي الشمالي وتحدها عموديا موريتانيا والمغرب أما أفقيا فهي محدودة بالجزائر والبحر .
تُعتبر أراضي الصحراء الغربية من أكثر المناطق القاحلة والقاسية على هذا الكوكب، وهي تمتد على طول الساحل ثم ترتفع خصوصا في الشمال، كما تتوفر على جبال صغيرة قد يصل طولها في بعض الأحيان إلى 600 متر (2,000 قدم) على الجانب الشرقي بشكل خاص .

قد تواجه المنطقة خطر الفيضانات في فصل الربيع، إلا أنها لا «تعاني» من التيارات الدائمة، ففي بعض الأحيان يكون الجو بارد قبالة الساحل مما ينتج عنه ضباب وندى ثقيل. وتمتاز المنطقة بدرجة الحرارة العالية خاصة في فصل الصيف؛ حيث تصل في العادة إلى ما بين 43–45 °م (109–113 °ف) تحديدا في شهر يوليو/تموز، أما فصل الشتاء فيشهد انخفاضا طفيفا لكنه يظل مرتفعا مقارنة بمناطق أخرى، ففي العادة لا تقل درجة الحرارة بردا على 25 إلى 30 °م (77 إلى 86 °ف) إلا أن الجزء الشمالي من الإقليم يشهد درجة حرارة منخفضة إلى حد ما وقد تصل أحيانا إلى أقل من 0 °م (32 °ف) في الليل خاصة في ديسمبر/كانون الأول وكانون الثاني/يناير أما سقوط الثلوج فنادر الحدوث .
التاريخ المبكر
من المعروف أن سكان الصحراء الغربية ينتمون لشعب الجيتول، واعتمادا على المصادر التي وردت في الحقبة الرومانية فإن المنطقة كان يسكنها شعب الجيتول بالإضافة إلى وجود قبائل يقطنها أمازيغ؛ ولا يزال تراث الأمازيغ واضحا في معالمها وأسماء مواقعها الجغرافية وكذلك أسماء قبائلها. إلا أن مصادر أخرى تُؤكد على أن السكان الأوائل للصحراء الغربية قد يكونون من شعب البافور، ثم استوطنها في وقت لاحق شعب السيريريون. أو ربما أن البافور استوطنوا المنطقة في وقت متأخر وتعلموا اللغة الأمازيغية بل اندمجوا مع سكان المنطقة الأصليين ليصبحوا في نهاية المطاف وجراء العديد من الاندماجات منتمين لقبيلة بني حسان العربية .
وصول الإسلام للمنطقة في القرن الثامن لعب دورا رئيسيا في تطوير المغرب العربي؛ خاصة في المجال التجاري فتطور إقليم الصحراء الغربية وأصبح واحدا من طرق القوافل الرئيسية خاصة تلك الرابطة بين مراكش ومنطقة تمبكتو في مالي .
في القرن الحادي عشر، استقر بنو معقل في المغرب (تحديدا في وادي درعة، وادي ملوية، تافيلالت وتاوريرت)؛ وفي نهاية الخلافة الموحدية بني بنو معقل قبائلهم هناك واستوطنوها فعليا حيث غيروا اسمها ونظام الحكم فيها والعديد من الأمور الأخرى كما جعلوها تابعة بشكل مباشر لالسوس الأقصى ثم توسعوا في منطقة سوس وبنوا القصور المتواجدة في مدن مغربية عديدة مثل تارودانت. خلال حقبة المرينيين، تمرد بني حسان على الدولة ولكنهم هُزموا من قبل السلطان فهربوا للخارج وقيل إنهم سكنوا نهورا جافة، قبل أن يعودوا للحرب مجددا لكن هذه المرة مع لمثونة مما تسبب في رحيل البربر نحو الصحراء الكبرى. وعلى مدى ما يقرب من خمسة قرون، وبسبب عملية معقدة من التثاقف والتخالط والتجانس بين بعض السكان الأصليين من البربر وقبائل مختلطة عربية تشكلت ثقافة فريدة من نوعها خاصة في المغرب وموريتانيا .

الاستعمار الإسباني

السيطرة الإسبانية على الصحراء الغربية كانت بهدف تحويل المنطقة إلى ميناء من أجل تجارة الرقيق، لكن في عام 1700 غيرت إسبانيا هدفها حيث باتت تعتمد على المنطقة من أجل النشاط الاقتصادي والصيد البحري بدل تجارة البشر التي تعالت أصوات بتجريمها في تلك الفترة، وبعد عقد اتفاق بين القوى الاستعمارية الأوروبية في مؤتمر برلين عام 1884 تم الوصول إلى نتيجة مفادها تقسيم مناطق النفوذ في أفريقيا فسيطرت إسبانيا على الصحراء الغربية والتي طورتها على أساس أنها مستعمرة إسبانية.

 

بعد عام 1939 وجراء اندلاع الحرب العالمية الثانية، كانت هذه المنطقة تُدار من قبل الحماية الإسبانية، ونتيجة لذلك، قام أحمد بلبشير حسكوري رئيس مجلس الوزراء والأمين العام للحكومة الإسبانية المغربية بالتعاون مع الإسبان من أجل اختيار المحافظين في المنطقة، وفعلا هذا ما وقع حيث حصل لوردات على مناصب بارزة وعالية وعلى رأسهم أسرة ماء العينين التي تحكمت في المنطقة لعقود طويلة جنبا إلى جنب مع قياد إسبان ساميون والذي سهل لهم بلبشير الحكم في الإقليم .
خلال الاحتفال السنوي بعيد ميلاد نبي الإسلام محمد كان يتم دفع اللوردات إلى إظهار الولاء إلى المملكة المغربية حتى لا تشن عليهم هجوما أو تقوم بطردهم من المنقطة .

وبمرور الوقت، بدأ الحكم الاستعماري الاسباني يخف مع موجة عامة من الغضب الشعبي بعد الحرب العالمية الثانية؛ خاصة في شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى مما دفع بالقوات الاستعمارية إلى ترك تلك البلدان ومنحها استقلالها عنها، إلا أن استقلال المناطق الجنوبية المغربية عن إسبانيا كان بطيئا جدا وبسبب الضغوط الداخلية والسياسية والاجتماعية قرر فرانسيسكو فرانكو الانسحاب من تلك المناطق بشرط بناء قاعدة إسبانية هناك. كان هناك اتجاه عالمي نحو استكمال إنهاء الاستعمار، مما جعل إسبانيا تُسرِّع من عملية الانسحاب من كل المناطق التي احتلتها من قبل، وفي 1974-75 أصدرت الحكومة وعود بالقيام باستفتاء من أجل استقلال الصحراء الغربية .

في نفس الوقت، كان الصراع مشتدا بين كل من المغرب وموريتانيا اللذان يُطالبان بملكية الإقليم، خاصة المغرب الذي ادعى أن القوى الاستعمارية الأوروبية سرقت بعضا من أراضيه ومنحتها عند الاستقلال لدول أخرى. وتدخلت في وقت لاحق دولة الجزائر التي لها حدود هي الأخرى مع الإقليم وشككت في مطالب المغرب ثم دعمت استقلال تلك المنطقة؛ إلا أن المغرب ادعى مجددا أن بعضا من المحافظات الجزائرية خاصة ولاية تندوف وبشار ملكا له مما تسبب له في جدل مع جارته، وقد استمر الجدل فترة طويلة قبل أن تدخل الأمم المتحدة على الخط من أجل التوصل لحل نهائي فاستعانت بالحكومة الجزائرية التي كان يقودها في تلك الفترة هواري بومدين وتم التوصل عام 1975 إلى اتفاق بمساعدة من جبهة البوليساريو التي عارضت كل المطالب المغربية والموريتانية وطالبت باستقلال الصحراء الغربية .

حاولت الأمم المتحدة تسوية المنازعات من خلال إرسال بعثات متعددة في أواخر عام 1975، كما استعانت بمحكمة العدل الدولية ثم أقرت في نهاية المطاف بأن للصحراء الغربية روابط تاريخية مع المغرب وموريتانيا ولا علاقة للجزائر بالموضوع إلا أن هذا غير كافي لإثبات سيادة أي دولة على تلك الأراضي خاصة وأن الاستعمار الإسباني خلط الأوراق. في النهاية تم إصدار قرار يُعطي الحق لسكان الإقليم من أجل تقرير مصيره بنفسه .

في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1975؛ بدأ المغرب حملة المسيرة الخضراء التي وصلت حتى الصحراء الغربية؛ وكانت قريبة جدا من مدينة طرفاية في جنوب المغرب وانتظر المشاركون في المسيرة إشارة من الملك الحسن الثاني بن محمد قصد عبور الحدود في مسيرة سلمية. وقبل أيام قليلة من يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر غزت القوات المغربية الصحراء الغربية من جهة الشمال وتوغلت فيها .

 

مطالب الاستقلال

في الأيام الأخيرة من حكم فرانكو وبعد المسيرة الخضراء المغربية، اضطرت الحكومة الإسبانية لتوقيع اتفاق مدريد (سُمي أيضا بالاتفاق الثلاثي) مع كل من المغرب وموريتانيا كما بدأت في نقل الأراضي لملاكها ابتداء من 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1975، وحينها قررت ترك ملكية الصحراء الغربية مشتركة بين المغرب وجارته الجنوبية موريتانيا؛ فسيطر الأول على الثلثين الشماليين من المنطقة القريبة منه بينما سيطرت الثانية (موريتانيا) على المحافظات الجنوبية بما في ذلك الثلث الجنوبي من زيمور الغربية، ثم أنهت إسبانيا وجودها في الصحراء الإسبانية في غضون ثلاثة أشهر، وتم إعادة تسمية ما تبقى المناطق .
السيطرة المغربية-الموريتانية على الصحراء الغربية لقيت مقاومة شرسة من قبل جبهة البوليساريو التي دعمتها الجزائر، وحينها بدأت حرب العصابات التي استمرت حتى عام 1979، فانسحبت موريتانيا بسبب ضغوط من البوليساريو، بما في ذلك قصف هذه الأخيرة لمنطقة رأس المال وغيرها من الأهداف الاقتصادية، وفي نفس الوقت كان المغرب يبسط سيطرته تدريجيا على بقية الأراضي؛ مما استفز العصابات المسلحة التي حاولت استهداف الجدار الرملي والذي بنته المغرب قصد استبعاد مقاتلي حرب العصابات عن حدودها. توقف القتال عام 1991 بإشراف من بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية وذلك في إطار شروط قصد الوصول إلى خطة تسوية مناسبة للطرفين .

المماطلة في الاستفتاء على خطة التسوية

الاستفتاء الذي كان مقررا في عام 1992، توقع إعطاء السكان المحليين الخيار بين الاستقلال أو الخضوع لسيادة المغرب لكنه سرعان ما توقف. ثم كانت هناك محاولة عام 1997 من قبل هيوستن من أجل إعادة إحياء مقترح الاستفتاء ولكن هذا لم ينجح. واعتبارًا من 2010 تمت عدة مفاوضات وسط شروط كثيرة لكنها لم تسفر عن أي حل، ومنذ سنة 2000 تعتبر السلطات في المغرب أن أي استفتاء هو استفتاء لاغي وغير مقبول وذلك بسبب عدم تحديد هوية المشاركين في ذلك الاستفتاء وما إذا كانوا فعلا مواطنين قاطنين في الجنوب أم تابعين لجماعة البوليساريو التي يعتبرها المغرب جماعة محرمة، وفي نفس الوقت لا تزال تصر البوليساريو على إجراء الاستفتاء قصد تحديد المصير النهائي للمنطقة، وإلا فلن يكون هناك حل لهذه المشكلة القائمة منذ فترة .

تبادل كلا الجانبين التهم وإلقاء اللوم على بعضهما البعض بسبب المماطلة في إجراء الاستفتاء، حيث أصرت البوليساريو على السماح للمواطنين المسجلين في الإحصاء الإسباني لسنة 1974 بالتصويت في حين يرغب المغرب في السماح لكل سكان الجنوب بالتصويت وهذا ما تخشاه جماعة البوليساريو التي ترى أن المغرب أرغم مواطنين من مناطق أخرى على العيش في الصحراء مقابل تعويضات مادية مغرية وذلك بهدف التصويت على سيادة المغرب على تلك الأقاليم. وكانت جهود مبعوثي الأمم المتحدة لإيجاد أرضية مشتركة لكلا الطرفين قد فشلت؛ وبحلول عام 1999 حددت الأمم المتحدة حوالي 85,000 من الناخبين، نصفهم يعيشون في المناطق التي تُسيطر عليها المغرب أما النصف الآخر فينتشر في مخيمات تندوف للاجئين وموريتانيا وغيرها من الأماكن. هذه القائمة من الناخبين قبلتها جبهة البوليساريو كما فعلت مع القائمة السابقة التي قدمتها الأمم المتحدة (اعتُمد في كلاهما على الإحصاء الإسباني لعام 1974) إلا أن المغرب رفضهما مؤكدا على أن المنظمة استثنت عددا كبيرا من المواطنين الذين يعيشون هناك، وأصر على ضرورة إدراجهم .

خطة بيكر

قام المبعوث الشخصي للأمين العام جيمس بيكر بزيارة جميع الجهات المتنازعة حول قضية الصحراء الغربية ثم وقع اتفاقية شهيرة عُرفت بـ «خطة بيكر» (نسبة إلى اسم المبعوث)، وقد نوقشت هذه الخطة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2000، حيث اعتبرت الصحراء الغربية منقطة مستقلة ذاتيا بحكم الأمر الواقع لكن هذا لا يعني ملكيتها لجبهة البوليساريو بل الاستفتاء الذي كان من المتوقع أن يتم بعد خمس سنوات هو من سيحدد مصير المنطقة ومصير الشعب الصحراوي القاطن فيها، لكن هذا لم يحصل بعدما طالب المغرب بضرورة إدراج كل شخص موجود في الإقليم في اللوائح الانتخابية بغض النظر عن مسقط رأسه وهذا ما لم تصادق عليه الجبهة .

تم رفض إجراء الاستفتاء من قبل كلا الجانبين، وعلى الرغم من أن الرفض كان مغربي في البداية لكن سرعان ما نهجت البوليساريو نهج المملكة وقررت رفض الاستفتاء هي الأخرى، ووفقا لخطة بيكر فإن عشرات الآلاف من قاطني الصحراء هم مهاجرين ومواطنين مغاربة ضمهم المغرب لتلك المنطقة (يُنظر إليهم من قبل البوليساريو كمستوطنون أما المغرب فيعتبرهم سكان شرعيين) وقد منحهم مشروع بيكر حق التصويت في الاستفتاء لكن الجبهة رفضت هذا الأمر عرضا وتفصيلا .

مشروع الاقتراع كان يهدف إلى جعل الشعب الصحراوي يُقرر مصيره بيده وحتى لو صوت على الحكم الذاتي فلم تكن السلطات في المغرب لتسمح بذلك، فهي قوضت في العديد من المناسبات الدعوات إلى الاستقلال في المخيمات الجنوبية. هذا بالإضافة إلى أن المغرب أكد مرارا وتكرارا على أنه لن يسحب جيشه من المنطقة وسيبقى مسيطرا على كل القضايا الأمنية سواء حدث استقلال أم انضم الإقليم رسميا للملكة. وتجدر الإشارة إلى أن ملك المغرب محمد السادس بن الحسن كان قد صرح عام 2002 أن فكرة الاستفتاء هي فكرة «خارج التاريخ» و«لا يمكن تنفيذها»، مما خلف ردود فعل قوية لدى جبهة البوليساريو التي اتهمت المملكة باحتلال تلك المنطقة وعدم ترك تقرير المصير لشعبها .

في عام 2003، تم اقتراح نسخة جديدة من الخطة الرسمية (خطة بيكر) مع بعض الإضافات والتعديلات؛ إلا أن سلطات المغرب رفضتها مجددا مؤكدة على أن التعديلات في مشروع القرار يُقلص من صلاحياتها. وكانت الخطة المعدلة قد قدمت مزيدا من التفاصيل حول عملية الاستفتاء من أجل جعل الأمر أكثر صعوبة في حالة الرغبة في المماطلة أو المقاطعة، وقد عُرف المشروع الثاني باسم «بيكر الثاني» الذي وافقت عليه مجموعة البوليساريو في لحظة شكَّلت مفاجئة للعديد من الأطراف المفاوضة والمشاركة في النزاع .

عقد الـ 2000

استقال بيكر من منصبه في الأمم المتحدة عام 2004؛ وقد صرح عقب تقديم الاستقالة قائلا: «إنني لا أظن أن هناك حل لهذه الأزمة»، وقد جاءت استقالته بعد عدة أشهر من المحاولات الفاشلة لاستمالة المغرب من أجل الدخول في مفاوضات رسمية بشأن خطته لكن السلطات في المملكة قابلته بالرفض. خاصة بعدما عارض محمد السادس ملك المغرب إجراء أي استفتاء على الاستقلال قائلا: «نحن لن نتخلى عن شبر واحد من بلدنا الحبيب ومن صحرائنا بل لن نتخلى عن حبة واحدة من رمالها» .
بدلا من ذلك، تم اقتراح تعيين هيئة استشارية حملت اسم المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (يُعرف اختصارا باسم CORCAS) من أجل النظر في قضية الحكم الذاتي في الصحراء الغربية. وكان والد محمد الحسن الثاني قد أيد ودعم في البداية (تحديدا عام 1982) فكرة الاستفتاء من حيث المبدأ لكن تأييده هذا بدأ يقل تدريجيا بعدما تحركت جبهة البوليساريو هي الأخرى ووقعت عقودا متعددة مع الأمم المتحدة في عامي 1991 و1997؛ كما كانت القوى الكبرى العالمية قد أعربت عن رغبتها في الوصول لحل نهائي للمسألة، ومع ذلك فقد أظهر المغرب القليل من الاهتمام في الاستفتاء .
تحركت الأمم المتحدة قصد العثور على حل بديل بعد انهيار خطة بيكر الثانية خاصة بعد تجدد القتال وخرق اتفاق وقف إطلاق النار. وفي عام 2005 نشر الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان تقريرا أكد فيه زيادة النشاط العسكري من جانب جبهة البوليساريو التي اتهمها بخروقات عدة خاصة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار كما اتهم المغرب بزيادة التحصينات العسكرية ورفع درجة التأهب لمستوى كبير.
حاول المغرب والجزائر مرارا وتكرارا من خلال مفاوضات ثنائية الوصول لحل لكن هذا لم ينجح، خاصة وأن المملكة تتهم الجزائر بدعم جبهة البوليساريو وتعتبرها مخلب قط تابع للجيش الجزائري، في حين تنفي الجزائر في معظم الأحيان هذه التهم وتُؤكد هي بدورها أن المغرب حصل على دعم صريح من قبل كل من فرنسا والولايات المتحدة قصد السيطرة على تلك الأقاليم، وكانت المفاوضات التي عقدها «الجارين» من شأنها أن تحدد بالضبط الحدود كما من شأنها أن تمنح للصحراء الغربية حق الاستقلال الذاتي أو السيادة

 

تحت الحكم المغربي، إلا أن هذا الأخير لم يبد استعدادا من خلال تصريحات مسؤوليه التي أكدوا فيها أن منطقة الصحراء منطقة غير مسموح التصرف فيها، أما الحكومة الجزائرية فقد رفضت باستمرار ما تدعيه المملكة التي دخلت في خصام مع جارتها الجزائرية بعدما اعتبرت أن ما تقوم به ليس من شأنها وليس لها أصلا حق التفاوض نيابة عن جبهة البوليساريو .
اندلعت مظاهرات وأعمال شغب عام 2005 من قبل أنصار الاستقلال في عدة مناطق بالمغرب لا سيما في بلدة آسا؛ وقد اعترضتهم الشرطة وعنفتهم حسب عدة تقارير مما دفع بالعديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية للتعبير عن قلقها إزاء ما أسموه سوء المعاملة من قبل قوات الأمن المغربية، وكان عدد من النشطاء الصحراويين قد تم سجنهم دون محاكمة خاصة الناشطين المنتميين لجبهة البوليساريو، وقد سُميت هذه المظاهرات باسم «انتفاضة الاستقلال» .
المظاهرات والاحتجاجات لا تزال تحدث داخل مدن المغرب (خاصة الجنوبية منها) بشكل متقطع على الرغم من أن المملكة كانت قد أعلنت في شباط/فبراير 2006 أنها تُفكر في خطة نقل محدودة للحكم الذاتي للإقليم ولكنها لا تزال ترفض علنا وبصراحة إجراء الاستفتاء على الاستقلال .
اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2007 لم تعد تصريحات رفض الاستفتاء من قبل السلطات المغربية علنية، وادعت الحكومة المغربية في أكثر من مرة أن الاستفتاء غير مكتمل وإلا لكانت ستوافق عليه .
هددت جبهة البوليساريو بشكل متقطع باستئناف القتال، مشيرة إلى أن المغرب رفض الاستفتاء كما خرق وقف إطلاق النار، ولكن معظم المراقبين يرون أن احتمال اندلاع نزاع مسلح حول المنطقة غير وارد خاصة وأن البوليساريو لا يمكنها التحرك إلا بالحصول على الضوء الأخضر من الجزائر التي لا ترغب على الأقل في الفترة الحالية في ضم الصحراويين لها .
في نيسان/أبريل 2007، اقترحت حكومة المغرب أن تصبح الصحراء الغربية كيانا يتمتع بالحكم الذاتي وذلك عن طريق المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (CORCAS) الذي ينبغي أن يحكم الإقليم؛ وقد تم عرض المشروع على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في منتصف نيسان/أبريل 2007 .

عقد الـ 2010

في تشرين الأول/أكتوبر 2010، تم إنشاء مخيم إكديم يزيك بالقرب من العيون احتجاجا من النازحين الصحراويين بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة، وقد كان المخيم يضم أزيد من 12.000 من النازحين وبدأ العدد في تزايد تدريجي؛ لكن في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 (بعد أقل من شهر على إنشائه) تدخلت قوات الأمن المغربية واقتحمت المخيم في الساعات الأولى من الصباح ثم قامت باستخدام طائرات هليكوبتر ومدافع المياه لإجبار الناس على ترك تلك المخيمات في اعتداء صارخ على حقوق الإنسان؛ لتتحرك جبهة البوليساريو بعد الواقعة مؤكدة على لسان المتحدث الرسمي باسمها أن قوات الأمن المغربية قد قتلت مجموعة من المتظاهرين في المخيم وهو ادعاء نفته المغرب .

 

عُرفت الحادثة بقضية تفكيك مخيم إكديم يزيك؛ وقد نجم عنها غضب شعبي من جانب الصحراويين الذين خرجوا لشوارع مدينة العيون وقاموا بإلقاء الحجارة على الشرطة كما أضرموا النار في إطارات السيارات وأرسلوها مباشرة نحو مجموعة من المباني بما في ذلك محطة التلفزيون التي دمرتها ألسنة اللهب وقد صرح مسؤولون في الشرطة المغربية أن خمسة من أفراد الأمن قد قُتلوا خلال هذه الاضطرابات .

في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، اتهمت الحكومة المغربية المخابرات الجزائرية بتدبير تمويل مخيم إكديم يزيك وذلك بهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة. أما الصحافة الإسبانية فقد اتهمت السلطات في المغرب بشن حملة تضليل ضد الصحراويين وذلك بعدما قامت بمنع جميع الصحفيين الأجانب من دخول المنطقة وطردت آخرين بينما منعت الباقي من السفر، وقد تزامنت الاحتجاجية مع جولة جديدة من المفاوضات في الأمم المتحدة .

في عام 2016، أعلن الاتحاد الأوروبي أن «الصحراء الغربية ليست جزءا من الأراضي المغربية.» وفي آذار/مارس 2016 طرد المغرب أكثر من 70 عاملا في الأمم المتحدة أو عاملا في بعثتها وذلك بسبب توتر العلاقات بعد أن صرح بان كي مون في مؤتمر مدعيا أن ضم المغرب للصحراء الغربية هو بمثابة «احتلال لدولة ذات سيادة» .

السياسة

لا تزال السيادة على الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو ومركزها القانوني دون حل، فالأمم المتحدة تعتبر المنطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي .
يُدار المغرب بشكل رسمي من قبل برلمان من مجلسين ويتحكم برلمان المغرب في إصدار القرارات في إطار الملكية الدستورية أما مجلس النواب المغربي فله القدرة على تعيين الحكومة وحل البرلمان إلا أن التحكم في القرارات الكبرى ومنها قضية الصحراء تظل في يد الملك الذي يُصر على أن تلك المنطقة تابعة للمغرب بما في ذلك العديد من المحافظات التي يعتبرها جزءا لا يتجزأ من المملكة. وتدعم الحكومة المغربية بشدة أقاليم الصحراء كما تحاول السيطرة عليها من خلال خفض معدل استهلاك الوقود والإعانات في حالة ما رفضت سيادة المغرب عليها .
للجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية حكومة في المنفى وتعمل الجمهورية بنظام الحزب الواحد البرلماني والنظام الرئاسي، ولكن وفقا للدستور فإن هذا سوف يتغير إلى نظام متعدد الأحزاب عند تحقيق الاستقلال، وتعتبر الجمهورية مدينة العيون عاصمة لها وتطمح للسيطرة عليها أو الحصول على استقلالها من المغرب .

 

التقسيمات الإدارية:

الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
الولاية
الشرطة
المناطق والمحافظات المغربية

ثلاثة مناطق مغربية موجودة جزئيا داخل الصحراء الغربية وهي :

جهة كلميم واد نون
إقليم آسا الزاك
جهة العيون الساقية الحمراء
إقليم بوجدور
إقليم السمارة
إقليم العيون
إقليم طرفاية
جهة الداخلة وادي الذهب
إقليم أوسرد
إقليم وادي الذهب

يُسيطر المغرب على أراضي غرب الجدار الرملي في حين تدعي الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية أن مدينة العيون عاصمتها وكل تلك المناطق الجنوبية ملكا لها .

النزاع

تم تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب وموريتانيا في نيسان/أبريل 1976، حيث حصل المغرب على الثلثين الشماليين من الإقليم، أما موريتانيا فقد انسحبت تحت ضغط من ميليشيات البوليساريو ثم تخلت في وقت لاحق عن جميع مطالبها وذلك بحلول آب/أغسطس عام 1979، في تلك الفترة انتقل المغرب لاحتلال القطاع مستغلا انسحاب جارته الجنوبية وقد تمكن فعليا من فرض سيطرته على الإقليم كله، ثم تحدث الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مؤكدا على أن «المحافظات الجنوبية» في الصحراء الغربية ملكا لهم وتتألف بالأساس من وادي الذهب والساقية الحمراء .

بالرغم من كل هذا فالحكومة المغربية لم تُسيطر بعد على كامل المنطقة؛ خاصة تلك التي تقع بين الجدار الرملي وكذلك المناطق الحدودية مع الجزائر (انظر الخريطة). أما جبهة البوليساريو فقد طالبت بتشغيل هذا المنطقة الحرة نيابة عن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ثم بدأت تحركاتها فعليا من خلال دوريات تابعة لقوات البوليساريو، التي تقيد وصول الصحراويين أنفسهم لتلك المنطقة بسبب الظروف المناخية القاسية في الصحراء الكبرى، وكذلك بسبب الصراع العسكري ووفرة الألغام الأرضية. وكانت المملكة المتحدة قد قامت بإجراءات متعددة من أجل النظر في قضية الألغام الأرضية حيث أجرت المسح الأولي في تشرين الأول/أكتوبر 2005 ثم في شباط/فبراير–آذار/مارس 2006، وقد كشف التقييم الميداني الذي تم في محيط بئر لحلو والسواتر عن تركز الألغام أمام الحواجز؛ حيث زُرعت في تعرجات تصل إلى متر واحد، وفي بعض أجزاء من السواتر هناك ثلاثة صفوف من الألغام. هناك أيضا حواجز خاضعة لسيطرة المغرب خاصة في مدينة الداخلة وتمتد حتى بوجدور بما في ذلك السمارة على الحدود المغربية. ومع ذلك، فإن زرع الألغام لا يقتصر على محيط الحواجز فقط؛ فالمستوطنات الخاضعة لجبهة البوليساريو مثل بير لحلو تُحيط بها حلقية من الألغام زرعتها القوات المغربية .
العائق الأكبر حسب الأمم المتحدة هو وجود مدنيين في تلك المنطقة، لذلك فالهيئة تخشى اندلاع نزاع مسلح قد يودي بحياة العشرات منهم خاصة الرحل الصحراويين القادمين من تندوف أو من مخيمات اللاجئين في الجزائر أو من المجتمعات الصحراوية في موريتانيا. وكانت بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية قد نشرت تقريرها الذي أكدت فيه وجود قوات من الطرفين المتنازعين؛ كما أشرفت قوات الأمم المتحدة على وقف إطلاق النار بين جبهة البوليساريو والمغرب المتفق عليه في عام 1991 حسب خطة التسوية .
قوات البوليساريو (من الصحراويين والجيش الشعبي لتحرير السودان) قسمت الإقليم إلى سبعة «مناطق عسكرية»، كل تسيطر عليها جبهة معينة وكل الجبهات تابعة لرئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. أما إجمالي عدد قوات جبهة البوليساريو والناشطين في حرب العصابات التابعين لهم فغير معروف ولكن يُعتقد أن عددهم لا يتحاوز بضعة آلاف من الرجال على الرغم من العديد منهم قد تم تسريحهم بسبب وقف إطلاق النار. وتقوم القوات التابعة للبوليساريو بحفر الخنادق تحت الأرض وتجهيز المضادات الدفاعية والقواعد العسكرية فضلا عن تسيير دوريات متحركة من الإقليم .

قام الرئيس الصحراوي بعقد عدة مؤتمرات مع قياد في جبهة البوليساريو كما عقد دورات في المجلس الوطني الصحراوي (برلمان الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية في المنفى) وعقد أيضا اتفاقات في المنطقة الحرة (خاصة في تفاريتي وبير لحلو)، لأنه من وجهة نظر الرئيس من المهم من الناحية السياسية والرمزية إجراء الشؤون السياسية في الأراضي الصحراوية. وفي عام 2005 قدم الرئيس الصحراوي شكوى لبعثة مجلس الأمن في الأمم المتحدة بسبب «مناورات عسكرية وتدريبات على إطلاق نار في المناطق المحظورة» من قبل المغرب .

الإقتصاد

بصرف النظر عن أنشطة الصيد الفلاحي واحتياطيات الفوسفات الكبيرة في الصحراء الغربية؛ فهذه الأخيرة لديها عدد قليل من الموارد الطبيعية كما تفتقر إلى ما يكفي من الأمطار وموارد المياه العذبة في معظم الأنشطة الزراعية. هذا مع العلم أن احتياطيات الفوسفات غير مهمة نسبيا ولا تستطيع التعويض عن غياب باقي مصادر الطاقة خصوصا أنها لا تُشكل سوى نسبة 2% من احتياطي الفوسفات لدى المملكة المغربية. لكن ما يُعطي للمنطقة أهمية أكبر هو احتمالية وجود النفط وحقول الغاز الطبيعي قبالة الساحل، وبالرغم من ذلك فالنقاش لا يزال قائما حول ما إذا كانت هذه الموارد مُربحة ويجب استغلالها ومما إذا كان هذا مسموحا به أصلا حسب قانون الأمم المتحدة للأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي .
يعتمد اقتصاد الصحراء الغربية «كليا» على الصيد ومناجم الفوسفات التي توظف ثلثي شباب المنطقة، فيما يعمل الثلث الباقي بدرجة أقل في الزراعة وتُسهم السياحة (بنسبة ضعيفة) أيضا في اقتصاد الإقليم. أما معظم المواد الغذائية التي يقتنيها السكان في المناطق الحضرية فتأتي من المغرب الذي يُسيطر على كل الأنشطة الاقتصادية بما في ذلك التجارة .
شجعت الحكومة المغربية مواطنيها على الانتقال للعيش في الإقليم وذلك من خلال تقديم الدعم والرقابة على أسعار السلع الأساسية. وكانت المملكة قد قدمت حوافز متعددة لسكان الجنوب وذلك من أجل تحفيزهم على العيش والبقاء في تلك المنقطة .
كشف تسرب البرقيات الدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية على أن الإقليم يُشكل إلى حد ما عبئا اقتصاديا على المغرب؛ حيث قدمت المملكة 800 مليون دولار أمريكي لبرنامج الدعم في الصحراء الغربية لتكون بذلك واحدة من أكبر برامج المساعدات في التاريخ. كما تقوم المملكة بإعادة الحياة للأراضي التي تُعاني من شح موارد المياه العذبة والأمر مكلف للغاية؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن جميع مياه الشرب في مدينة العيون تأتي من مراكز تحلية تُكلف 3 دولار لكل متر مكعب علما أن السعر الوطني هو 0.0275 دولار أمريكي، أما فرق السعرين فتتكلف الحكومة المغربية بدفع ثمنه. أما الوقود فيُباع بنصف سعره الحقيقي ويُعتبر من السلع الأساسية المدعومة بشكل كبير، لذلك فالشركات العاملة في الإقليم لا تدفع الضرائب، ويتم كل هذا من أجل الحفاظ على التوازن المالي في الصحراء الغربية، وبالرغم من ذلك يعتقد الخبراء أن الإقليم غير قابل للحياة من الناحية الاقتصادية كما أن سكان الإقليم غير قادرين على العيش فيه لولا الإعانات المغربية .

استغلال الموارد الطبيعية

هناك حقول نفط في موريتانيا مما رفع من التكهنات بخصوص إمكانية العثور على نفط قبالة سواحل الصحراء الغربية وهذا ما يُعطيها أهمية كبرى، فعلى الرغم من أن النتائج لم تُحسم بعد إلا أن كل من المغرب وجبهة البوليساريو قد وقعتا صفقات مع عدة شركات فرنسية وأمريكية (لا سيما توتال) قصد التنقيب عن النفط والغاز .
في عام 2002، نشر هانز كوريل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مكتب الشؤون القانونية تقريرا بشأن هذه المسألة، وقد صدر التقرير بعد إجراء تحليل الأحكام ذات الصلة بميثاق الأمم المتحدة بالإضافة إلى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك قرارات محكمة العدل الدولية وممارسات الدول ذات السيادة. وخلص التقرير إلى أن ما يقوم به الطرفان المتنازعان أمر غير قانوني حيث جاء فيه: «إن إجراء مزيد من أنشطة الاستكشاف واستغلال الأراضي والمضي قدما في تجاهل مصالح ورغبات شعب الصحراء الغربية يُمثل انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي» .
بعد ضغوط من المجتمع الدولي؛ انسحبت الشركات التي وقعت عقود التنقيب على النفط في أواخر عام 2004، وكان الاتحاد الأوروبي قد وقع اتفاقيات صيد مع المغرب تشمل الصحراء الغربية، إلا أن البرلمان الأوروبي واستنادا إلى القانون رأى أن الصيد من قبل السفن الأوروبية في الصحراء الغربية في الوضعية الحالية انتهاك صارخ للقانون الدولي. وبالمثل، فإن استغلال الفوسفات والمناجم في بوكراع خلق ضجة كبيرة، حيث اتهمت الجمعيات الدول الأوروبية التي تعمل في تلك المنطقة بانتهاك القانون الدولي مما جعل تلك الدول تسحب استثماراتها إلى حين الوصول لحل نهائي ودائم .

الثقافة

المجموعة العرقية الرئيسية في الصحراء الغربية هم الصحراويين البدو وهي مجموعة عرقية تتحدث اللهجة الحسانية القريبة إلى حد ما من اللغة العربية بل مشتقة منها، وتنتشر هذه اللهجة أيضا في موريتانيا. كما أن هناك بعض الأفراد الذين يتحدثون لغة البربر، وغالبية المصادر تُرجع نَسَبَ متحدثي الحسانية لقبيلة بني حسان العربية التي هاجرت عبر الصحراء في القرن الحادي عشر .
فعليا لا يمكن التمييز بين متحدث اللهجة الحسانية ومتحدث المورو من موريتانيا، فالشعب الصحراوي يختلف عن جيرانه جزئيا في الانتماءات القبلية وكذلك في اللهجة وذلك نتيجة تعرضهم لاستعمار إسباني طويل الأمد إلى حد ما، أما الأراضي المحيطة به فقد تعرضت لحكم استعماري فرنسي خالص .

 

اهتم الأدب الإسباني مؤخرا بدراسات حول اللاجئين؛ وقد خصصت إسبانيا منحة قصد دراسة واستكشاف الدور الرئيسي الذي تلعبه المرأة في المجتمع الصحراوي، ودرجة الحرية التي تتمتع بها في ظل تجربة العيش داخل أراضٍ يُقال عنها أنها محتلة وكذلك العيش في مخيمات اللاجئين. عموما فهناك توافق في الآراء بين النساء الصحراويات باعتبار أنهن يتمتعون بدرجة كبيرة من الحرية والنفوذ داخل المجتمع الصحراوي .

تقليديا، لعبت النساء الصحراويات دورا محوريا في الثقافة الصحراوية، وكذلك في الجهود الرامية إلى مقاومة الاستعمار والتدخل الأجنبي في أراضيها، كما لعبت دورا مهما في ترسيخ التقاليد البدوية في القارة الأفريقية، مما مكنها من التحكم في السلطة ولو نسبيا بالإضافة إلى الدور الكبير الذي تلعبه داخل المخيم .

يُمكن للنساء الصحراويات وراثة الممتلكات والعيش بشكل مستقل عن الآباء والإخوة والأزواج وغيرهم من الأقارب الذكور، كما يُمكن للمتزوجات تشكيل «تحالفات» مع نساء متزوجات أخريات وتبادل الخبرة في عدة أمور وهذا ما يُعرف لدى الصحراويين بثقافة تبادل قيم الزواج بين كل قبيلة وأخرى. وعلاوة على ذلك، فالنساء الصحراويات حصلن على مناصب عليا وتحملن المسؤولية الرئيسية في حماية المخيم والعناية به خلال فترات طويلة من غياب الرجال بسبب الحرب أو التجارة. ومن بين مسؤوليات المرأة إنشاء المخيمات وإصلاحها في حالة ما أصابها عطب ما بالإضافة إلى تحريكها ونقلها عند الضرورة وكذلك المشاركة في كبرى القرارات التي تخص القبائل .

في التاريخ المعاصر للصحراء الغربية، لعبت النساء دورا متوسطا في المجال السياسي، فأثناء الاستعمار الأسباني ساهمت النساء الصحراويات بالمال قصد دعم حركات المقاومة خاصة في ثلاثينيات، خمسينات وستينينات القرن الماضي. كما لعبت دورا مهما عام 1994 من خلال إنشاء الاتحاد الوطني الصحراوي للنساء (NUSW) الذي يعنى بقضايا المرأة الصحراوية بالإضافة إلى أربع مجالات أخرى وهي: الأراضي المحتلة، الهجرة، الثقافة (بشتى أنواعها) ثم الشؤون الخارجية .

 

 


تسلسل زمني لأبرز المحطات في العلاقات بين المغرب والجزائر

1516: باتت الجزائر ولاية عثمانية، وقد نشب صراع بين العثمانيين والدولة السعدية في المغرب حول منطقة المغرب الأوسط (الجزائر حالياً) وتركز النزاع حول تلمسان .

1830: خضعت الجزائر للاحتلال الفرنسي الذي شرع في التدخل في شؤون المغرب، وفي عام 1844 وقعت معركة «إسلي» التي هُزمت فيها القوات المغربية، واستمر التدخل الفرنسي حتى تم فرض الحماية الفرنسية على المغرب في عام 1912 .

1884: بدء الاستعمار الإسباني للصحراء الغربية .

1934: الصحراء الغربية تصبح إقليماً إسبانياً يحمل اسم الصحراء الإسبانية .

نوفمبر/ تشرين الثاني 1956: نيل المغرب استقلاله .

1957: المغرب حديث الاستقلال يؤكد أحقيته في الصحراء الغربية .

يوليو/ تموز 1962: حصول الجزائر على استقلالها .

أكتوبر/ تشرين الأول 1963: وقوع خلاف حدودي بين البلدين حول منطقتي تندوف وبشار اللتين طالب بهما المغرب، وأدى ذلك الخلاف إلى اندلاع مواجهات عسكرية بينهما عرفت بـ»حرب الرمال».

1965: الأمم المتحدة تطالب إسبانيا بإنهاء احتلالها للصحراء الغربية .

1973: تأسيس جبهة البوليساريو.

أكتوبر 1974 : المغرب يحيل ملف الصحراء الغربية إلى محكمة العدل الدولية التي أبدت رأيا استشاريا غير ملزم رأت فيه الرباط ما يدعم وجود «روابط تاريخية» بينها وبين القبائل التي تسكن المنطقة .

نوفمبر 1975 : الحسن الثاني ينظم ما عرف بـ» المسيرة الخضراء» التي دعا فيها 350 ألف مغربي للذهاب إلى الصحراء الغربية، وانسحاب إسبانيا من المنطقة لتندلع حرب عصابات بين جبهة البوليساريو ) الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والقوات المغربية استمرت 16 عاما .

ديسمبر 1975: الجزائر تطرد آلاف المغاربة المقيمين فيها بعد مرور شهر على تنظيم المسيرة الخضراء، وتؤكد أن العملية أتت ردا على عدم تعويض المغرب للجزائريين المقيمين فيه بعد تأميمه الممتلكات والأراضي الزراعية العائدة لأفراد وكيانات أجنبية .

1975-1976 : المغرب يضم ثلثي الصحراء الغربية بعد انسحاب إسبانيا منها. وجبهة البوليساريو تعلن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وحكومتها في المنفى في الجزائر. والآف من اللاجئين الصحراويين يفرون إلى غرب الجزائر ليقيموا مخيمات قرب بلدة تندوف .

مارس/ آذار 1976 : قطع العلاقات بين المغرب والجزائر، على خلفية دعم الأخيرة لجبهة «البوليساريو»

1979: موريتانيا تنسحب من الصحراء الغربية، والمغرب يضم حصتها من المنطقة .

يونيو/ حزيران 1981: موافقة المغرب، على تنظيم استفتاء في الصحراء .

نوفمبر/تشرين الثاني 1984: انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية (أصبحت لاحقا الاتحاد الإفريقي)، على خلفية قبول المنظمة لعضوية البوليساريو فيها .

مايو/أيار 1988: تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر .

فبراير/شباط 1989: تأسيس «اتحاد المغرب العربي» بمدينة مراكش المغربية، ويتألف من 5 دول هي: ليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وموريتانيا، وذلك من خلال التوقيع على ما سُمي بـ»معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي» .

أبريل/ نيسان 1991 : صدور قرار مجلس الأمن رقم 690، القاضي بإنشاء بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) من أجل مراقبة وقف إطلاق النار (بين المغرب والبوليساريو) وتنظيم الاستفتاء.

سبتمبر/ أيلول 1991 : إعلان وقف إطلاق النار في الصحراء .

1994: إغلاق المغرب حدوده مع الجزائر .

1999: انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجزائر، وصدور إشارات إيجابية من طرف المغرب مهدت للتحضير للقاء بين البلدين في صيف 1999، إلا أن وفاة العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، أدت إلى إرجاء اللقاء .

سبتمبر/أيلول 1999 : فشل التقارب بين البلدين، بعد اتهام الجزائر للمغرب بإيواء جماعات جزائرية مسلحة معارضة .

يوليو/ تموز 2001 : إعلان الأمم المتحدة لمشروع اتفاق الإطار الخاص بالحكم الذاتي في الصحراء، والذي قوبل بمعارضة جزائرية شديدة .

مارس/آذار 2003 : مذكرة من المغرب إلى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، أكد فيها أنه حسم موقفه وفق مفهوم الحل السياسي الذي كان يقدم دائما كحل وسط، يرتكز أساسا على حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية .

مايو/آيار 2004 : رسالة من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إلى محمد عبد العزيز زعيم البوليساريو، عبر فيها عن دعم بلاده لقضية الصحراء .

سبتمبر / أيلول 2004: مذكرة توضيحية موجهة من المغرب إلى الأمم المتحدة، شرح فيها مسؤولية الجزائر في النزاع.

مارس/آذار 2005 : عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الجزائري، والعاهل المغربي محمد السادس، يلتقيان لأول مرة بصفة رسمية في الجزائر .

يوليو/تموز 2005 : الأمين العام للأمم المتحدة حينئذ كوفي عنان، يعين الهولندي بيتر فان فالسوم، مبعوثا خاصا للصحراء، من أجل التشاور مع الأطراف ودول المنطقة للخروج من المأزق الراهن .

فبراير/شباط 2006 : رسالة من الرئيس الجزائري إلى كوفي عنان، أشار فيها إلى أن الأمر يتعلق بنزاع بين المغرب و»الشعب الصحراوي» .

أبريل/نيسان 2007 : المغرب يوجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول «انتهاكات» حقوق الإنسان الحاصلة بمخيمات «تندوف»، ومسؤولية الجزائر بخصوص «الخروقات» التي ترتكب فوق أراضيها .

يونيو/حزيران 2007 : إجراء الجولة الأولى من المفاوضات في مانهاست (في نيويورك)، تحت رعاية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة .

أبريل/نيسان 2008 : المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء بيتر فان فالسوم، يصرح أمام مجلس الأمن بأن «استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا» .

يونيو/تموز 2011 : انطلاق الجولة السابعة من المفاوضات غير الرسمية، المنعقدة في منهاست، بين المغرب من جهة و»البوليساريو» والجزائر من جهة أخرى .

يناير/كانون الثاني 2012 : زيارة سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي حينئذ للجزائر، لتعزيز العلاقات في زيارة لأول وزير خارجية منذ 2003 .

ديسمبر/كانون الأول 2013 : الجزائر تقرر مقاطعة الاجتماعات والنشاطات السياسية التي قد تقام في المغرب بعد حكم القضاء المغربي بمعاقبة شاب أهان العلم الجزائري بشهرين حبسا مع وقف التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 250 درهم (نحو 22 يورو) .

نوفمبر/تشرين الثاني 2015 : العاهل المغربي محمد السادس، يدعو الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى تطلعات الشعبين، والعمل على بناء اتحاد المغرب العربي، وذلك في برقية تهنئة بمناسبة احتفال الجزائر بالذكرى الستين لاندلاع ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي .

2016: وفاة محمد عبد العزيز الأمين العام لجبهة البوليساريو ورئيس الجمهورية الصحراوية وتولي إبراهيم غالي القيادة خلفاً له .

2016 : منطقة الكركرات تشهد توتراً بين جبهة البوليساريو والمغرب، والبعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية (مينورسو) تتدخل لمنع المواجهات، والطرفان يسحبان قواتهما بعد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش .

مارس/آذار 2017 : مشادة كلامية بين مندوبي المغرب والجزائر بالجامعة العربية، على خلفية رفض المندوب الجزائري إدراج بند لمشروع القرار الذي سيرفعه المندوبون الدائمون لاجتماع وزراء الخارجية يرحب بعودة المغرب للاتحاد الإفريقي .

أبريل/نيسان 2017 : المغرب يستدعي السفير الجزائري لدى الرباط، ويعرب عن «قلقه البالغ» إزاء أوضاع نازحين سوريين على الحدود مع الجزائر، والخارجية الجزائرية، تعلن استدعاء السفير المغربي لإبلاغه رفضها القاطع لما وصفته بـ»الادعاءات الكاذبة» التي وجهها المغرب لجارته الشرقية بمحاولة ترحيل رعايا سوريين نحو أراضي المملكة .

أكتوبر/ تشرين الأول 2018 : دعت الأمم المتحدة المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو إلى إجراء محادثات في جنيف بشأن الصراع الدائر في المنطقة الصحراوية .

أكتوبر/تشرين الأول 2020 : ناشطون صحراويون يغلقون المعبر الحدودي الوحيد الذي افتتحه المغرب عام 2002 لإيصال منتجاته إلى غرب أفريقيا عبر الأراضي الموريتانية .

نوفمبر/تشرين الثاني 2020 : المغرب يعلن إقامة حزام أمني لتأمين تنقل الأشخاص ونقل السلع عبر معبر الكركرات الحدودي، وجبهة البوليساريو تعلن انتهاء وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه عام 1991 .

يوليو/تموز 2021 : ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة يدعو إلى «حق تقرير المصير» لسكان منطقة القبائل في الجزائر .

24 أغسطس/ آب 2021 : الجزائر تقطع علاقاتها مع المغرب .

25 أغسطس/آب 2021 : المغرب يعرب عن أسفه لقرار الجزائر بقطع العلاقات.
31 أكتوبر/تشرين الأول 2021: الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يعلن عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مروراً بالمغرب .

 


 

ملف حقوق الإنسان في قضية الصحراء الغربية

 

نتج عن نزاع الصحراء الغربية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أبرزها القصف الجوي بالنابالم والفوسفور الأبيض لمخيمات اللاجئين الصحراويين، وبالتالي نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الصحراويين من البلاد، وطرد عشرات الآلاف من المدنيين المغاربة من الجزائر من قبل الحكومة الجزائرية ومصادرتها لأملاكهم قسريًا كرد فعل على المسيرة الخضراء، بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات جسيمة لاتفاقية جنيف من قبل كل من جبهة البوليساريو والحكومة المغربية والحكومة الجزائرية .
يتهم كل من المغرب والبوليساريو بعضهما البعض بانتهاك حقوق الإنسان للسكان الموجودين تحت سيطرة كل منهما، أي في الأجزاء التي يسيطر عليها المغرب في الصحراء الغربية ومخيمات تندوف للّاجئين في الجزائر على التوالي، يعتبر المغرب ومنظمات مثل «فرانس ليبرتي» أن الجزائر مسؤولة مباشرة عن أي جرائم تُرتكب على أراضيها، ويتهمونها بالتورط المباشر في مثل هذه الانتهاكات .

أُدين المغرب وانتُقد مرارًا وتكرارًا بسبب أعماله في الصحراء الغربية من قبل العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية، مثل:

منظمة العفو الدولية
هيومن رايتس ووتش
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
فريدوم هاوس
مراسلون بلا حدود
اللجنة الدولية للصليب الأحمر
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان
منظمة ديريتوس لحقوق الإنسان
الدفاع الدولي
فرونت لاين ديفندرز (المنظمة الدولية لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان)
الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان
مجتمع الشعوب المهددة
المجلس النرويجي للاجئين
مركز روبرت ف. كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان

تلقت جبهة البوليساريو إنتقادات من المنظمة الفرنسية «فرانس ليبرتي» بشأن معاملتها لأسرى الحرب المغاربة، وسلوكها العام في مخيمات اللاجئين في تندوف المذكور في تقارير المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن، اتهم عدد من أعضاء البوليساريو السابقين الذين انضموا إلى المغرب المنظمة بانتهاك حقوق الإنسان وعزل السكان في مخيمات تندوف .

خلال الحرب (1975-1991)، اتهم الطرفان بعضهما باستهداف المدنيين، لم يحظ أي من هذه الادعاءات على الدعم في الخارج، رفضت الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، إدراج جبهة البوليساريو في قوائمها ضمن المنظمات الإرهابية، يؤكد قادة جبهة البوليساريو أنهم يعارضون الإرهاب أيديولوجيًا، فقد أدانوا الهجمات الإرهابية، ووقعوا «اتفاقية منع الإرهاب ومكافحته»، تحت إطار الاتحاد الأفريقي .
وفقاً لمنظمة العفو الدولية في عام 2003، وهيومن رايتس ووتش في عام 2004، فإن حقوق الإنسان تتعرض للقمع في الأراضي التي يسيطر عليها المغرب في الصحراء الغربية. ورغم تحسن الوضع منذ أوائل التسعينيات، فإن التحرير السياسي في المغرب لم يكن له التأثير نفسه على الصحراء الغربية وفقًا لمنظمة العفو الدولية في عام 2004. عندما يتعلق الأمر بموقف مؤيد للاستقلال، فهناك ادعاءات من منظمات البوليساريو عن سوء معاملة وتعذيب على أيدي الشرطة، وتعرض المشتبه بهم من المعارضين للمضايقة. أفادت وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2000 أن هناك اعتقالات تعسفية للصحراويين ولا توجد عمالة منظمة. ووفقًا لمجموعات البوليساريو فقد احتُجز سجناء الرأي في ظروف بائسة. يشكو بعض الصحراويين أيضًا من التمييز المنهجي لصالح المستوطنين المغاربة .
كان الرد المغربي على مظاهرات عام 2005 عدوانيًا للغاية، وأثار ردود فعل دولية. في محاكمة جماعية مُنتقدة في ديسمبر 2005، حُكم على 14 ناشطًا صحراويًا بارزًا بالسجن؛ وكان الكثيرون قد سبق احتجازهم. أُطلق سراح معظم هؤلاء السجناء في وقت لاحق بموجب مرسوم ملكي في ربيع عام 2006، ولكن أُعيد اعتقال بعضهم مرة أخرى .

حقوق الإنسان في الصحراء الغربية الواقعة تحت سيطرة المغرب
إن أخطر الاتهامات الموجهة إلى الحكومة المغربية بشأن ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان هي تفجيرات النابالم والفوسفور الأبيض في المخيمات المرتجلة للاجئين في الصحراء الغربية في أوائل عام 1976، ما أسفر عن مقتل مئات المدنيين، ومصير مئات المدنيين الصحراويين «المختفين» أيضًا الذين تحتجزهم قوات الجيش أو الشرطة المغربية، ومعظمهم خلال حرب الصحراء الغربية، ومن الاتهامات الأخرى تعذيب الصحراويين الذين يعارضون الاحتلال المغربي بشكل سلمي وقمعهم وسجنهم، وطرد الصحافيين الأجانب، والمدرسين، وأعضاء المنظمات غير الحكومية، والتمييز ضد الصحراويين في العمل واستغلال الموارد الطبيعية للإقليم .

في الدورة الخامسة عشرة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ندد «المامي عمار سالم» وهو سجين سابق، ومدافع عن حقوق الإنسان، والنائب الثاني لرئيس منظمة «جماعة المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان»، بتعرض أكثر من 30,000 مواطن صحراوي للتعذيب على أيدي القوات المغربية منذ عام 1975.

 

«المختفون»
في عام 2010، بقي نحو 520 مدنيًا صحراويًا «مختفيًا» على أيدي القوات المغربية، وفقًا لجماعات حقوق الإنسان؛ إذ يقدر البعض أن إجمالي عدد «المختفين» قد يصل إلى 1500 شخص. في الماضي، أنكر المغرب وجود أي من هؤلاء السجناء السياسيين، لكن في عام 1991 أطلق سراح نحو 200 سجين «مختفٍ»، كان الكثير منهم محتجزين في مراكز اعتقال سرية منذ منتصف السبعينيات، ومنذ ذلك الحين، لم يحدث المزيد من عمليات إطلاق السراح لأي من

السجناء «المختفين». ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير عام 1999 أن:
«الرجال والنساء وحتى الأطفال الذين «اختفوا» في الصحراء الغربية جاؤوا من جميع مناحي الحياة، اعتُقل العديد منهم بسبب أنشطتهم المزعومة المؤيدة للاستقلال، ودعمهم لجبهة البوليساريو، ومعارضتهم للسيطرة المغربية على الصحراء الغربية، بينما اختفى آخرون، بمن فيهم كبار السن والأطفال، بسبب صلاتهم الأسرية بمعارضين معروفين أو مشتبه بهم لسياسة الحكومة المغربية في الصحراء الغربية». – تقرير منظمة العفو الدولية لعام 1999 .

فريدوم هاوس
في أواخر عام 2005، أدرجت منظمة فريدوم هاوس الدولية لمراقبة الديمقراطية انتهاكات المغرب لحقوق الإنسان
وكانت الانتهاكات المتعلقة بالعمليات السياسية هي: التحكم بالانتخابات، وعدم السماح للصحراويين بتكوين جمعيات سياسية (مثل المنظمات العمالية) أو منظمات غير حكومية، وتضمنت الورقة تقارير عن تدابير قمعية ضد المتظاهرين .

منظمة العفو الدولية
بعد لفت الانتباه مرارًا وتكرارًا إلى انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في الصحراء الغربية الخاضعة للسيطرة المغربية، تلقت منظمة العفو الدولية في أبريل عام 2006، ردَين مُفصّلين من وزارة العدل المغربية، أعلنت الوزارة أن المدافعين عن حقوق الإنسان لم يتعرضوا للإيقاف أو الاحتجاز بسبب آرائهم، ولكن بسبب تورطهم في أفعال مخالفة للقانون. شددت الوزارة على أن حرياتهم المدنية الكاملة كانت مضمونة، وقدمت تفاصيل دقيقة بشأن التحقيقات الجارية في مزاعم التعذيب المتعلقة بحسين ليدري وإبراهيم النومرية، بالإضافة إلى ذلك، دحض الخطاب المزاعم المُحددة بالمضايقة والترهيب في ما يتعلق بالمتظاهرين الآخرين في الصحراء .

 


المغرب يعيد قضية الصحراء الغربية إلى عهدة الاتحاد الأفريقي

يشكّل تصويت الاتحاد الأفريقي في 30 كانون الثاني/يناير على قبول المغرب من جديد عضواً في الاتحاد قراراً تاريخياً في سياق العلاقات العاصفة بين المغرب والدول الأفريقية الأخرى. وقد جاء التصويت بعد حملة ديبلوماسية واقتصادية غير مسبوقة شنّتها المملكة على امتداد عام من أجل حشد الدعم لمسعاها الهادف إلى الانضمام إلى الاتحاد من جديد. تُحوِّل هذه الخطوة بصورة مؤقتة التركيز في قضية الصحراء الغربية من المفاوضات المتعثرة في الأمم المتحدة إلى المشاحنات الديبلوماسية في الاتحاد الأفريقي حول جبهة البوليساريو الساعية إلى الاستقلال ودولتها المدعومة من الجزائر المعروفة بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. غير أن الآفاق المتاحة من أجل بداية جديدة أو إطلاق مقاربات مبتكرة لتسوية الخلاف حول الصحراء الغربية، ضئيلة.
المسألة الخلافية للصحراء الغربية هي التي دفعت بالمغرب – عضو مؤسس في منظمة الوحدة الأفريقية في العام 1963، ومن داعمي تيارات التحرير الأخرى – إلى الانسحاب في العام 1984 من المنظمة التي تحولت لاحقاً إلى الاتحاد الأفريقي، وذلك بعد اعتراف المنظمة بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عضواً كاملاً فيها في خطوة مشوبة بالغموض القانوني.1 كانت هذه المنظمة تقوم في جوهرها على الإقرار الصريح من الدول بقدسية حدودها الموروثة من الحقبة الاستعمارية – على الرغم من التحفظات التي أبدتها الرباط معتبرةً أن تمامية أراضيها لم تتحقق بعد (في إشارة إلى الصحراء الغربية) .
إذ تحرص الرباط على الأرباح الاقتصادية والتجارية والمكاسب الدبلوماسية، تأمل في أن تساهم إعادة قبولها في الاتحاد الأفريقي في جعله أكثر حياداً حول مسألة الصحراء الغربية، فيمتلك بالتالي القدرة على ممارسة نفوذ إضافي لدى الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للخلاف حول الصحراء الغربية. على الرغم من أن المغرب تعهّد بالسعي إلى تعليق عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في الاتحاد الأفريقي، إلا أنه ليست لهذا التهديد – لا بد منه بعدما أمضى المغرب العقود الثلاثة الأخيرة في تكرار القسَم بأنه لن يجلس في القاعة نفسها مع ممثّلي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية – قيمةٌ تُذكَر، فصلاحية الاتحاد تقتصر على تعليق عضوية الدول الأعضاء التي تسلّمت حكوماتها السلطة بطرق غير دستورية. غير أن رحيل نكوسازانا دلاميني-زوما، وزيرة خارجية جنوب أفريقيا سابقاً، من رئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، والسياسة الداخلية التي أحاطت بتعيين خلف لها بعد فترة من التأخير ربما شجّعا الرباط على السعي إلى إعادة الانضمام إلى الاتحاد. بالفعل، في اليوم نفسه الذي أعيد فيه قبول المغرب عضواً في الاتحاد الأفريقي، انتخب هذا الأخير رئيساً للمفوضية أكثر مؤاتاة هو الديبلوماسي التشادي موسى فكي محمد؛ يُشار إلى أن تشاد سحبت اعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في العام 2006.
قد تتمكّن الرباط من الضغط لتعليق عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عبر إدخال تعديلات دستورية إلى الاتحاد الأفريقي (تتطلب غالبية الثلثَين)، على الرغم من أنها قد تواجه معركة ضارية مع دول شديدة الدعم لجبهة البوليساريو، مثل الجزائر ونيجيريا وجنوب أفريقيا والعديد من دول أفريقيا الجنوبية .

إلى جانب المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية، فإنّ التوقيت الزمني لعوامل عدة دفعَ بالمغرب إلى الانضمام من جديد إلى الاتحاد الأفريقي. وتشمل هذه العوامل عدم إحراز الأمم المتحدة تقدماً أساسياً في موضوع الصحراء الغربية، وحاجة المغرب إلى الحد من الضغوط الدولية الهادفة إلى إدراج حقوق الإنسان في إطار التفويض الموكَل إلى بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو). كما أن نقل ساحة المعركة الديبلوماسية حول الصحراء الغربية من نيويورك إلى أديس أبابا يتيح للرباط الإفادة من الانتقال في قيادة الاتحاد الأفريقي من أجل انتزاع شروط أكثر مؤاتاة للأهداف المغربية في مسألة الصحراء الغربية، بما في ذلك تعليق عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. أخيراً، تتيح وفاة محمد عبد العزيز، رئيس البوليساريو المثير للجدل، في أيار/مايو 2016، للرباط اختبار القيادة الجديدة للجبهة التي يُتوقَّع أن تتحلى بمرونة أكبر في موضوع التوصل إلى تسوية لوضع الصحراء الغربية عن طريق التفاوض .

حينها رحّب كل من الجزائر والبوليساريو بإعادة قبول المغرب في الاتحاد الأفريقي معتبرين أنها تشكّل اعترافاً ضمنياً من المملكة بحدودها الدولية عند نيلها الاستقلال (أي من دون الصحراء الغربية) وأنها تُرتّب عليها، بصفتها عضواً في الاتحاد، الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. كما أنهما يصفان قرار الرباط بأنه دليل على فشل مناوراتها التعطيلية في الأمم المتحدة في التوصل إلى حل لمسألة الصحراء الغربية تفرض من خلاله شروطها الخاصة، لكن خلف ترحيب الجزائر التكتيكي بعضوية المغرب في الاتحاد الأفريقي – إقرار ضمني بالتغييرات الجارية في أفريقيا – ثمة استراتيجية مضادّة راسخة الهدف منها إنقاذ مكانة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في الاتحاد الأفريقي. حتى الآن، كان للاتحاد تأثير محدود على الخلاف حول الصحراء الغربية، ما وضع مجلس الأمن الدولي في المقعد الأمامي في هذا المجال، لا بل استُبعِدت المسألة أيضاً من المداولات المشتركة التي يجريها الاتحاد بصورة منتظمة. بيد أن انضمام المغرب من جديد إلى الاتحاد قد يؤدّي إلى التخفيف من الضغوط على مجلس الأمن الدولي من أجل التوصل إلى تسوية، وذلك عبر تأمين محفل جديد للتداول في نزاع المملكة الديبلوماسي مع الجزائر – ليس فقط على خلفية الخلاف على الصحراء الغربية إنما أيضاً مجموعة واسعة من المسائل الإقليمية والأمنية حيث للبلدَين الواقعَين في المغرب العربي مصالح متنافسة .
في نقطة أساسية، يصب انضمام المغرب من جديد إلى الاتحاد الأفريقي في مصلحة استراتيجيتها القائمة على ترشيد مسألة الصحراء الغربية، لا بل وضعها جانباً، كي لا يقف الخلاف عائقاً أمام المصالح الإقليمية في المدى الطويل. فالحكم الذي يفرضه المغرب على الجزء الأكبر من أراضي الصحراء الغربية بفعل الأمر الواقع لم يعد عائقاً أمام إدارته للعلاقات مع الاتحاد الأفريقي ومعظم الدول الأفريقية. لكن، وبحسب ما اكتشفته الرباط في كانون الأول/ديسمبر 2016، عندما أصدرت محكمة العدل الأوروبية حكمها الأخير حول اتفاق تحرير التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، سوف تصطدم تلك الاستراتيجية على الدوام بعقبة قانونية. فسواءً كان المغرب داخل الاتحاد الأفريقي أم خارجه، ما زالت هناك حاجة إلى تحديد الجهة التي تملك السيادة على الصحراء الغربية .

 


مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية التي تقدمت بها المغرب

مقترح الحكم الذاتي للصحراء الغربية هي مبادرة اقترحها المغرب عام 2006 كحل لإنهاء نزاع الصحراء الغربية والتي تمنح منطقة الصحراء حكما ذاتيا موسعا مع الاحتفاظ برموز السيادة كالعلم والسياسة الخارجية والعملة وغيرها، واعتبرها مبادرة جدية لإنهاء النزاع عبر تنظيم استفتاء شعبي لسكان الإقليم .

اقترح المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (كوركاس) خطة للحكم الذاتي للصحراء الغربية وزار أعضاء المجلس عددًا من البلدان لشرح الاقتراح، قدمت الخطة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أبريل 2007، وحظيت بدعم الولايات المتحدة وفرنسا. شكلت هذه المبادرة الأرضية الرئيسية للاقتراح المغربي في مفاوضات مانهاست .
جاء هذا الاقتراح في أعقاب الاقتراحين الفاشلين لخطة بيكر التي شددت على إجراء استفتاء على استقلال الصحراء الغربية بعد خمس سنوات من الحكم الذاتي لكن المغرب رفض الخطة. كما قدم اقتراح آخر من قبل جبهة البوليساريو إلى الأمم المتحدة في 10 أبريل 2007 قبل يوم من الاقتراح المغربي. صوّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع على القرار رقم 1754 في 30 أبريل 2007 الذي يدعو إلى إجراء محادثات بين الطرفين، ويقدر اقتراح المغرب ويأخذ بالحسبان اقتراح البوليساريو. عٌقدت أربع محادثات سلام برعاية الأمم المتحدة بين وفدي البوليساريو والمغرب في 18-19 يونيو 2007، و 10-11 أغسطس 2007 ، و7-9 يناير 2008 و18-19 مارس 2008، وعقدت جميعها في مانهاست، نيويورك، غير أن إصرار جبهة البوليساريو على خيار الاستقلال ورفضها التفاوض حول المقترح المغربي، دفع المغرب إلى البدء بإنزال مشروع الحكم الذاتي عبر العمل على تطبيق «الجهوية الموسعة» .

نص المبادرة

21 . يتولى رئيس حكومة جهة الحكم الذاتي للصحراء تشكيل حكومة الجهة، ويعين الموظفين الإداريين الضروريين لمزاولة الاختصاصات الموكولة إليه، بموجب نظام الحكم الذاتي. ويكون رئيس حكومة الجهة مسؤولا أمام برلمان الجهة .
22 . يجوز للبرلمان الجهوي أن يحدث محاكم تتولى البت في المنازعات الناشئة عن تطبيق الضوابط التي تضعها الهيئات المختصة لجهة الحكم الذاتي للصحراء. وتصدر هذه المحاكم أحكامها بكامل الاستقلالية، وباسم الملك .
23 . تتولى المحكمة العليا الجهوية، باعتبارها أعلى هيئة قضائية بجهة الحكم الذاتي للصحراء، النظر انتهائيا في تأويل قوانين الجهة، دون إخلال باختصاصات المجلس الأعلى والمجلس الدستوري للمملكة .

 

24 . يجب أن تكون القوانين والمراسيم التنظيمية والأحكام القضائية الصادرة عن هيئات جهة الحكم الذاتي للصحراء مطابقة لنظام الحكم الذاتي في الجهة، وكذا لدستور المملكة .

25 . يتمتع سكان الجهة بكافة الضمانات التي يكفلها الدستور المغربي في مجال حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها دوليا .

26 . تتوفر جهة الحكم الذاتي للصحراء على مجلس اقتصادي واجتماعي يتشكل من ممثلي القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والجمعوية، ومن شخصيات ذات كفاءات عالية .

مسار الموافقة على نظام الحكم الذاتي وتفعيله

27 . يكون نظام الحكم الذاتي للجهة موضوع تفاوض، ويطرح على السكان المعنيين بموجب استفتاء حر، ضمن استشارة ديمقراطية، ويعد هذا الاستفتاء، طبقا للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، بمثابة ممارسة حرة من لدن هؤلاء السكان، لحقهم في تقرير المصير .

28 . وتحقيقا لهذا الغرض، تلتزم الأطراف بالعمل سويا وبحسن نية، من أجل تفعيل هذا الحل السياسي، وموافقة سكان الصحراء عليه.

29 . كما تتم مراجعة الدستور المغربي وإدراج نظام الحكم الذاتي فيه، ضمانا لاستقرار هذا النظام وإحلاله المكانة الخاصة اللائقة به داخل المنظومة القانونية للمملكة .

30 . تتخذ المملكة المغربية كافة الإجراءات اللازمة من أجل إدماج الأشخاص الذين تتم عودتهم إلى الوطن إدماجا تاما في حظيرته، وذلك في ظل ظروف تكفل الحفاظ على كرامتهم وسلامتهم وحماية ممتلكاتهم .

31 . ولهذه الغاية، تصدر المملكة بالخصوص عفوا شاملا يستبعد أي متابعة أو توقيف، أو اعتقال أو حبس، أو أي شكل من أشكال الترهيب، ينبني على وقائع مشمولة بهذا العفو .

 

32 . بعد موافقة الأطراف على مشروع نظام الحكم الذاتي، يساهم مجلس انتقالي مكون من ممثلي الأطراف، في تدبير عودة سكان المخيمات إلى الوطن، ونزع السلاح والتسريح، وإعادة إدماج العناصر المسلحة التي توجد خارج تراب الجهة، وكذا في أي مسعى يهدف إلى إقرار هذا النظام وتطبيقه، بما في ذلك العمليات الانتخابية .

33 . إن المملكة المغربية لمقتنعة اليوم، مثل سائر أعضاء المجموعة الدولية، بأن حل الخلاف حول الصحراء لن يتأتى إلا بالتفاوض. وبناء على هذا الخيار، فإن المقترح الذي تطرحه على أنظار الأمم المتحدة، يشكل فرصة حقيقية من شأنها أن تساعد على انطلاق مفاوضات، بهدف التوصل إلى حل نهائي لهذا الخلاف في إطار الشرعية الدولية، وعلى أساس إجراءات توافقية تنسجم مع الأهداف والمبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة .

34 . وفي هذا السياق، يتعهد المغرب بالتفاوض، بحسن نية وبروح بناءة، منفتحة وصادقة، من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي ومقبول من جميع الأطراف، لتسوية هذا الخلاف، الذي تعانيه المنطقة برمتها. ومن أجل ذلك، فإن المملكة على استعداد للإسهام الفعال في توفير مناخ من الثقة، كفيل بالمساعدة على إنجاح هذا المشروع .

35 . تأمل المملكة المغربية أن تستوعب الأطراف الأخرى دلالة هذا المقترح بكل أبعاده، وأن تقدره حق قدره وتسهم فيه إسهاما إيجابيا وبناء، معتبرة أن الدينامية التي أفرزتها هذه المبادرة تتيح فرصة تاريخية لحل هذه القضية بصفة نهائية .


السيناريوهات والحلول والمقترحات

 

 

 

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق