دراسات عسكرية

القواسم المشتركة في الإنقلابات العسكرية بالقارة السمراء

قراءة مفصلة / يوسف المعمري

مثلت الإنقلابات جزأ كبيرا من مشهد السيطرة والحكم السياسي في قارة أفريقيا ، حيث شهدت القارة على مدار تاريخها العديد من الانقلابات منذ استقلال الدول الافريقية في منتصف القرن العشرين ،حتى نهاية السبعينيات. وصل عددها الى سنة 2023 (221) انقلابا عسكريا أطاحت بالعديد من الحكومات المنتخبة، ومن المتعارف عليه أنه وبعد استقلال الدول الأفريقية تم تقسيم الحدود السياسية لتلك الدول وفقًا لمصالح خاصة بالمستعمر دون أي أعتبار للتكوين الاجتماعي والقبلي للقارة حيث أن الطبيعة القبلية كانت الغالبة حتى مع نشوء واستقلال الدول عن الاستعمار فقد نشأت دول مشوهة على الصعيد الاجتماعي والسياسي نظرًا لانعدام التجانس بين مواطني الدولة الواحدة واختلاف انتمائها العرقي والديني والقبلي واللغوي ، كان الحكم الأوروبي على معظم القارة الإفريقية قصير الأمد نسبياً، وكانت المصالح الأوروبية في إفريقيا أقتصادية بشكل رئيسي وذلك قبل التقسيم الذي حصل في القسم الأخير من القرن التاسع عشر، وحل الأوروبيون محل العرب في ربط إنتاج إفريقيا ببقية العالم وحتى القرن التاسع عشر كان ناتج إفريقيا الرئيسي هو الإنسان أي العبيد، وكانت الموارد الأخرى مجهزة لخدمة الاحتياجات الغربية، وأدت السيطرة السياسية الغربية إلى فرض نظام جديد مما أدى الى خلق دول أو نواة دول ضلت خاضعة كمستعمرات أوروبية ضمن حدود مقبولة دوليا، ونتيجة للسياسة الاستعمارية في تقسيم هذه الدول ن2استمرت النزاعات الداخلية والخلافات القبلية والثقافية وتمثلت بالعديد من الأشكال منها الجماعات المتطرفة والخلافات العميقة والحكومات الهشة وغياب نخب سياسية متمكنة، وبالحديث عن الأسباب الداخلية هناك أسباب أخرى ومصالح دولية تقوم هي بدورها بشراء ولاءات عسكرية وقبلية، أفضت الى العديد من الإنقلابات العسكرية على مدى العقود الماضية، كوسيلة متبعة لنقل السلطة .

لتحميل ملف التصميم كاملاً بصيغة PDF أضغط هنا


 

القواسم المشتركة في الإنقلابات العسكرية بأفريقيا

فيما يلي سرد لأبرز الظروف والعوامل المشتركة الممهدة للانقلابات في أفريقيا

 

من أبرز الظروف والعوامل الحاصلة حاليا هي ان هذه الدول الإفريقية مازالت تعيش ظروفا مهيئة للانقلابات، مثل الفقر وضعف الأداء الاقتصادي والفساد، أضافة الى ذلك فأن حدوث أي انقلاب في دولة ما، غالبا ما يكون نذيرا لوقوع مزيد من الانقلابات في الدول المجاورة .

وعلى الرغم من الإبلاغ عن انقلاب واحد فقط في عام 2020 في مالي، فإن عام 2021 شهد عددا أعلى من المتوسط بشكل ملحوظ، وقد تعرضت الدول التالية لانقلابات أو محاولات انقلابية : تشاد، ومالي، وغينيا، والسودان، والنيجر .

وحدثت خمس محاولات في عام 2022، لكن محاولتين منها فقط نجحتا في بوركينا فاسو.

حيث كانت الانقلابات العسكرية في أفريقيا تعد حدثا منتظما في العقود التي تلت الاستقلال، لكنها، أصبحت – فيما يبدو – حدثا أكثر تكرارا، وقبل إعلان تولي عسكريين السلطة في الغابون، كانت النيجر آخر دولة أفريقية تشهد انقلابا.

ووقعت محاولتان في بوركينا فاسو في عام 2022، إضافة إلى محاولات انقلاب فاشلة في غينيا بيساو، وغامبيا، وجزيرة ساو تومي وبرينسيبي.

وفي عام 2021، وقعت ست محاولات انقلابية في أفريقيا، نجحت أربع منها.

ولفت هذا انتباه موسى فكي محمد، المسؤول الكبير في الاتحاد الأفريقي، فعبر عن قلقه من «عودة التغييرات غير الدستورية للحكومات».

وظل العدد الإجمالي لمحاولات الانقلاب في أفريقيا ثابتا بشكل ملحوظ بين عامي 1960 و2000، بمعدل حوالي أربع محاولات سنويا.

الدول الافريقية التي شهدت اكبر عدد من الانقلابات العسكرية منذ عام 1952

 


 

تنامي ظاهرة الإنقلابات في القارة الأفريقية

فيما يلي سرد لأبرز الدول التي شهدت أكبر عدد من محاولات الإنقلاب مع سرد مانجح منها وماخاب

شهد السودان أكبر عدد من الانقلابات ومحاولات الاستيلاء على السلطة، إذ بلغ عددها 16 محاولة، ستة منها ناجحة.

وفي عام 2019، أقيل الرئيس عمر البشير بعد أشهر من الاحتجاجات، وهو الذي نال السلطة في انقلاب عسكري عام 1989.

وشهدت بوركينا فاسو، الواقعة في غرب أفريقيا، أنجح الانقلابات، إذ أفلح منها تسعة انقلابات وأخفق واحد.

واشتهرت نيجيريا بالانقلابات العسكرية التي أعقبت الاستقلال، حيث شهدت ثمانية انقلابات بين يناير/كانون الثاني 1966 واستيلاء الجنرال ساني أباتشا على السلطة في عام 1993.

واستتب النظام في البلاد بعد عام 1999، حينما انتقلت السلطة فيها خلال انتخابات ديمقراطية.

وتميز تاريخ بوروندي بـ11 انقلابا منفصلا، كان معظمها مدفوعا بالتوترات بين مجتمعات الهوتو والتوتسي.

وشهدت سيراليون ثلاثة انقلابات بين عامي 1967 و1968، وآخر في عام 1971.

وشهدت أيضا خمس محاولات انقلاب أخرى بين عامي 1992 و1997.

ووقعت في غانا ثمانية انقلابات عسكرية خلال عقدين من الزمن. كان الأول في عام 1966، عندما أزيحت حكومة كوامي نكروما من السلطة، وحدثت في العام التالي محاولة أخرى فاشلة من صغار ضباط الجيش.

وشهدت أفريقيا، بشكل عام، انقلابات أكثر من أي قارة أخرى. فقد تعرض العالم منذ عام 2017، إلى عدد من الانقلابات بلغ 17 انقلابا، كانت 16 منها في أفريقيا، وانقلاب في ميانمار في عام 2021.

ويقول محللون إن الانقلابات العسكرية في القارة الأفريقية في العقدين الأخيرين تميزت بسلميتها وابتعادها عن العنف.

ولاحظ مراقبون أن العسكريين الذين يضطلعون بتلك الانقلابات هم الأغلب من القادة الشباب. كما هيمن على تلك الانقلابات خطاب معاد للغرب، خاصة فرنسا.

وتركزت أكثر الانقلابات العسكرية في أفريقيا في دول غرب القارة، التي يتمتع بعضها بثروات تطمح دول غربية إلى استغلالها.

الإنقلابات العسكرية التي شهدتها الدول الإفريقية في العقود الأخيرة

 


عقدي الإنقلابات في القارة السمراء

فيما يلي سرد لأشهر الإنقلابات، أومحاولات الإنقلاب، أو تغيير الجيش للحكم، أو الانتفاضات الشعبية في القارة الأفريقية خلال العقدين الماضيين :

 

  • السودان:

أبريل/نيسان 2019: القوات المسلحة السودانية بقيادة أحمد عوض بن عوف تطيح بعمر حسن أحمد البشير خلال الثورة السودانية

سبتمبر/أيلول 2021: فشل محاولة انقلاب على مجلس السيادة الحاكم من القوات الموالية لعمر حسن أحمد البشير

أكتوبر/تشرين الأول 2021: الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، يسيطر على الحكومة بعد اعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء مدنيين آخرين في مجلس السيادة.

أبريل/نيسان 2023 وحتى الآن: محاولة انقلابية مستمرة ونزاع مسلح مع قوات الدعم السريع.

 

  • تونس:

يوليو/تموز 2021: قيس سعيد يطيح بمجلس نواب الشعب

 

  • ليبيا:

أبريل/نيسان 2013: محاولة انقلاب ليبي على رئيس الوزراء علي زيدان من الموالين لمعمر القذافي

أكتوبر/نشرين الأول 2013: محاولة انقلاب ليبية ثانية بقيادة عبد المنعم الحور على رئيس الوزراء علي زيدان

أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2014: انقلاب فاشل على رئيس الوزراء علي زيدان في الأول، ورئيس الوزراء عبد الله الثني في الثاني بقيادة اللواء خليفة حفتر.

أكتوبر/تشرين الأول 2016: انقلاب فاشل على رئيس الوزراء فايز السراج من رئيس الوزراء الأسبق خليفة الغويل.

 

  • بنين: 7 مارس/أذار

بوركينا فاسو: أكتوبر/تشرين الأول 2003، أكتوبر/تشرين الأول 2014، سبتمبر/أيلول 2015، أكتوبر/تشرين الأول 2016، يناير/كانون الثاني 2022، سبتمبر/أيلول 2022

 

 

 

 

  • بوروندي: مايو/أيار 2015

(جمهورية أفريقيا الوسطى)

 

  • جمهورية أفريقيا الوسطى :

مايو/أيار 2001 أكتوبر/تشرين الأول 2002، مارس/أذار 2003، مارس/أذار 2013، أكتوبر/تشرين الأول 2015، يناير/كانون الثاني 2021

 

  • تشاد :

مايو/أيار 2004، مارس/أذار 2006، مايو/أيار 2013

 

  • الغابون :

يناير/كانون الثاني 2019، أغسطس/أب 2023

 

  • غامبيا :

ديسمبر/كانون الأول 2014، ديسمبر:كانون الأول 2022

 

  • غينيا :

ديسمبر/كانون الأول 2008، سبتمبر/أيلول 2021

 

  • مالي:

مارس/أذار 2012، أغسطس/آب 2020، مايو/أيار2021، مايو/أيار 2022

 

  • النيجر :

فبراير/شباط 2010، مارس/أذار 2010، يوليو/تموز 2023

 

  • زيمبابوي :

يونيو/حزيران 2007، نوفمبر/تشرين الثاني 2017

 


 

عامان حافلان بالإنقلابات العسكرية بأفريقيا

 

مالي، غينيا، بوركينا فاسو، تشاد، النيجر، وأخيرا الغابون
ست دول في وسط وغرب أفريقيا شهدت ثمانية انقلابات في غضون ثلاث سنوات

 

فيما يلي ، تسلسل زمني لقائمة الانقلابات «الناجحة» التي شهدتها المنطقة خلال العامين الأخيرين :

 

مالي ، 2020-2021 .. انقلاب يخفي آخر

في أغسطس/ آب 2020، أطاحت مجموعة من القادة العسكريين بزعامة أسيمي غويتا برئيس مالي إبراهيم أبو بكر كيتا. وجاء الانقلاب بعد احتجاجات مناهضة للحكومة بسبب تردي الأوضاع الأمنية وانتخابات تشريعية متنازع عليها ومزاعم بالفساد .

في ظل ضغط من جيران مالي الواقعة في غرب أفريقيا، وافق المجلس العسكري على التنازل عن السلطة لحكومة مؤقتة بقيادة مدنية مكلفة بالإشراف على فترة انتقالية مدتها 18 شهرا تمهيدا لانتخابات ديمقراطية تجرى في فبراير/ شباط 2022 .

لكن قادة الانقلاب اختلفوا مع الرئيس المؤقت الجنرال المتقاعد باه نداو ورتبوا انقلابا ثانيا في مايو /أيار 2021، فصعد غويتا الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس المؤقت إلى سدة الحكم .

رفعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس» بعض العقوبات المفروضة على مالي بعد أن اقترح الحكام العسكريون فترة انتقالية لعامين ونشروا قانونا جديدا للانتخابات .

ومن المقرر أن تشهد البلاد انتخابات رئاسية في فبراير/ شباط 2024 للعودة إلى الحكم الدستوري .

 

تشاد ، 2021 .. الجيش يختار نجل إدريس ديبي لخلافة والده

في أبريل/ نيسان 2021، استولى الجيش التشادي على السلطة بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي في أرض المعركة أثناء تفقد قوات تحارب المتمردين في الشمال. وينص القانون في تشاد على أن يتولى رئيس البرلمان منصب الرئاسة في هذه الحالة لكن مجلسا عسكريا تدخل وحل البرلمان بدعوى توفير الاستقرار .

واختير الجنرال محمد إدريس نجل الرئيس ديبي رئيسا مؤقتا وأسندت إليه مهمة الإشراف على فترة انتقالية مدتها 18 شهرا تمهيدا لإجراء انتخابات .

وفجر الانتقال غير الدستوري للسلطة أعمال شغب في العاصمة نجامينا أخمدها الجيش .

 

غينيا ، 2021 .. انقلاب على ألفا كوندي الساعي للبقاء في الحكم

في سبتمبر/ أيلول 2021، أطاح قائد القوات الخاصة الكولونيل مامادو دومبيا بالرئيس ألفا كوندي، وقبلها بعام عدل كوندي الدستور لتغيير القواعد التي تمنعه من الترشح لفترة ثالثة، الأمر الذي أدى لأعمال شغب واسعة النطاق. وأصبح دومبيا رئيسا مؤقتا وتعهد بإجراء انتخابات ديمقراطية في غضون ثلاثة أعوام .

رفضت «إيكواس» الجدول الزمني وفرضت عقوبات على أعضاء المجلس العسكري وأقاربهم شملت تجميد حساباتهم المصرفية .

وفي وقت لاحق، اقترح النظام العسكري بدء الفترة الانتقالية ومدتها 24 شهرا في يناير/ كانون الثاني 2023، لكن أحزاب المعارضة تقول إنه لم يفعل شيئا يذكر لوضع خارطة طريق للعودة إلى النظام الدستوري .

 

بوركينا فاسو ، 2022 .. انقلابان في عام واحد

في يناير/ كانون الثاني 2022، أطاح الجيش برئيس بوركينا فاسو روك كابوري واتهمه بالإخفاق في التصدي لعنف متشددين إسلاميين . واستولى قائد المجلس العسكري الحالي الكابتن إبراهيم تراوري على السلطة .

وتعهد قائد الانقلاب اللفتنانت كولونيل بول هنري دوميبا باستعادة الأمن، لكن الهجمات تزايدت وأثرت سلبا على معنويات القوات المسلحة،  ما أدى إلى انقلاب ثان في سبتمبر/ أيلول 2022 .

واستولى قائد المجلس العسكري الحالي الكابتن إبراهيم تراوري على السلطة .

 

النيجر ، 2023 .. الانقلاب على الرئيس بازوم

في يوليو/ تموز 2023، احتجز أفراد من الحرس الرئاسي محمد بازوم في القصر الرئاسي بنيامي، وظهروا على شاشة التلفزيون الرسمي وقالوا إنهم استولوا على السلطة لإنهاء «الوضع الأمني المتدهور وسوء الحوكمة» .

وبعدها بأيام أعلن المجلس العسكري قائد قوات الحرس الرئاسي عبد الرحمن تشياني رئيسا جديدا للبلاد، ما أثار مخاوف بخصوص الأمن في منطقة تعتبر النيجر فيها حليفا رئيسا للقوى الغربية التي تسعى للسيطرة على تمرد جماعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة و»الدولة الإسلامية» .

وتحاول «إيكواس» التفاوض مع قادة الانقلاب العسكري، لكنها قالت إنها مستعدة لإرسال قوات إلى النيجر لاستعادة النظام الدستوري إذا فشلت الجهود الدبلوماسية .

وسمحت النيجر للقوات المسلحة لمالي وبوركينا فاسو بالتدخل إذا تعرضت أراضيها لهجوم .

 

الغابون ، 2023 .. انقلاب فور إعلان فوز بونغو بالانتخابات

في 30 آب/ أغسطس 2023، أعلنت مجموعة من كبار ضباط الجيش في الغابون على شاشة التلفزيون الرسمي الاستيلاء على السلطة وإلغاء نتائج الانتخابات بعد دقائق فحسب من إعلان فوز الرئيس علي بونغو بفترة رئاسة ثالثة .

وشدد الانقلابيون على أن الانتخابات «لم تستوف شروط الاقتراع الشفاف» الذي كان كثر من أبناء الغابون يعولون عليه .

واستنكروا «حكما غير مسؤول يتسبب بتدهور مستمر للتماسك الاجتماعي، ما قد يؤدي إلى دخول البلاد في حالة من الفوضى… قررنا باسم الشعب الغابوني الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم» .

وفي وقت لاحق، أعلن العسكريون في بيان متلفز تعيين قائد الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما «رئيسا للمرحلة الانتقالية» .

خريطة الانقلابات العسكرية التي شهدتها منطقة وسط وغـرب أفريقـيا خـلال عامين

 


 

عسكرة الديمقراطية في السودان

تاريخ حافل بمحاولات الإنقلاب الناجحة والفاشلة منذ الاستقلال

 

اندلعت مؤخرا في السودان أزمة حرب أهلية، بين أبرز طرفين في القوات المسلحة، وهو ما يراه مراقبون نتيجة لمسلسل عسكرة الديمقراطية منذ عقود في السودان عقب استقلاله

فقبلها بعامين أعلن رئيس مجلس السيادة في السودان، الفريق عبد الفتاح البرهان، في خطاب متلفز، حل مجلسي السيادة والوزراء وحالة الطوارئ وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية

وبعدها مباشرة اعتقل الجيش، عددا من المسؤولين المدنيين في الحكومة والمجلس الانتقالي من بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وزوجته

بعدها مباشرة تولى مجلس السيادة المنحل والحكومة، والاثنان يضمان عسكريين ومدنيين، السلطة في السودان منذ أغسطس/ آب 2019 بموجب اتفاق توصل إليه الأطراف بعد بضعة أشهر على الإطاحة بالرئيس عمر البشير في إبريل/ نيسان من العام نفسه وإنهاء حكمة الذي استمر 30 عاما

وقد شهد السودان منذ استقلاله عام 1956 عدة انقلابات عسكرية نجح بعضها وباءت محاولات أُخرى منها بالفشل

 

فيما يلي أبرز الانقلابات ومحاولات الانقلاب العسكري في السودان :

عام 1957 : بعد عام من الإستقلال، قاد مجموعة من ضباط الجيش بقيادة إسماعيل كبيدة، انقلابا ضد أول حكومة وطنية ديمقراطية. أحبط المحاولة رئيس الحكومة إسماعيل الأزهري

 

عام 1958 : انقلب الفريق إبراهيم عبود ومجموعة من الضباط على حكومة ائتلافية بين حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي

 

عام 1964 : اندلعت ثورة شعبية أدت إلى سقوط حكم عبود. ودخلت الأطراف السياسية في حلقة جديدة من الصراعات على السلطة استمرت أريع سنوات

 

عام 1969 : نفذت مجموعة «الضباط الأحرار» بقيادة جعفر النميري انقلابا عسكريا، بعد فترة من الأزمات السياسية والمؤامرات والتحالفات المتهافتة على السلطة

 

عام 1971 : قاد الضابط هاشم العطا ومجموعة من الضباط المحسوبين على الحزب الشيوعي في الجيش السوداني انقلابا استولوا فيه جزئيا على السلطة لمدة يومين لكن النميري استعاد سلطته وحاكم الانقلابيين وعدد من المدنيين

 

عام 1973 : وقع خلاف داخل المؤسسة العسكرية تحول إلى تمرد عسكري جديد، قام به مجموعة من الضباط معلنين عزمهم محاربة «الاستعمار الجديد» وإنهاء التبعية للغرب التي اتهموا بها نظام النميري

لكن التمرد لم يستمر سوى 3 أيام، تدخلت بعدها قوى دولية وإقليمية تتقدمها مصر وليبيا بشراكة بريطانية، إلى جانب دعم داخلي لهذا التدخل قاده رجل أعمال سوداني هو خليل عثمان، الأمر الذي ساعد في القضاء على التمرد في وقت قياسي، وأعيدت السلطة للنميري

 

عام 1975 : قاد ضابط الجيش حسن حسين، محاولة انقلاب جديدة لكنها أُحبطت وأُعدم منفذوها

 

عام 1976 : قاد العميد محمد نور سعد محاولة انقلاب على نظام النميري، الذي استخدم العنف البالغ لسحقها

 

عام 1985 : الجيش السوداني يعلن انتهاء حكم النميري بعد عصيان مدني شامل واحتجاجات على الغلاء غير أن الفريق عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب تصدى لعملية عزل النميري معلنا تشكيل مجلس عسكري أعلى لإدارة المرحلة الانتقالية تحت رئاسته

 

وحدّد مدة هذه الفترة في سنة واحدة تجرى الانتخابات في نهايتها بعد عام أظهرت نتائج الانتخابات صعود غير مسبوق للإسلاميين، حيث نالوا 51 مقعدا، واحتلوا المرتبة الثالثة بعد كل من الحزب الاتحادي (63 مقعدا) وحزب الأمة (100 مقعد) الذي كان الصادق المهدي، يرأسه حينها

 

عام 1989 : قاد العميد عمر حسن البشير انقلابا ضد الحكومة المدنية المنتخبة برئاسة رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي آنذاك شن الانقلابيون حملة اعتقالات طالت قادة جميع الأحزاب السياسية بمن فيهم حسن الترابي زعيم الجبهة الإسلامية القومية

 

عام 1990 : قاد اللواءان عبد القادر الكدرو ومحمد عثمان محاولة «انقلاب 28 رمضان» التي فشلت، وأعدم نظام البشير 28 ضابطا بمن فيهم قادة الانقلاب

 

عام 1992 : قاد العقيد أحمد خالد انقلابا نُسب إلى «حزب البعث»، لكن المحاولة أجهضت وسجن قادتها.

 

عام 2019 : أطاح مجلس عسكري بنظام الفريق عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاما، بعد أشهر من انتفاضة شعبية تزعمتها نقابه المهنيين السودانيين وطلاب الجامعات بمساندة كل من قوى إعلان الحرية والتغيير

 

عام 2021 : في يوليو/ تموز، أعلن الجيش إحباط محاولة انقلاب هدفت للإطاحة بالمجلس العسكري. اعتقل 12 ضابطا. وبعد بعد أيام قليلة، اعتقل رئيس أركان الجيش هاشم عبد المطلب أحمد، الذي وصف بأنه قائد ومخطط محاولة الانقلاب

 

2021 : في سبتمبر/ أيلول ، أعلنت الحكومة السودانية إحباط محاولة انقلاب اتهمت فيها ضباطا ومدنيين مرتبطين بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير. لكن سرعان ما سيطرت الحكومة على الأمور

وقبضت السلطة على قادة المحاولة الانقلابية البالغ عددهم 22 ضابطا بقيادة اللواء الركن عبد الباقي الحسن عثمان، بالإضافة إلى ضباط صف وجنود ومدنيين، وحققت معهم. وسيطر الجيش على الأوضاع في زمن قصير دون حدوث خسائر في الأرواح والممتلكات

وفي 25 أكتوبر/2021م، قاد رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان انقلاباً عسكرياً، تحول لاحقاً الى صراع بينه وبين القيادات الموالية له


 

مالي.. إنقلابات وأزمات متتالية تعصف بالدولة

من المفترض ان تؤدي العملية الإنتخابية، إلى انتهاء المرحلة الإنتقالية التي يقودها العسكر والتي بدأت منذ العام ٢٠٢٠م، الإنتخابات التي تم تأجيلها مؤخرا أجلت معها أي فرص لأنتقال السلطة من العسكر إلى المدنيين في بلد تنشط فيه الجماعات والأطراف المسلحة وبهذا تستمر الأزمات السياسية والأقتصادية في دولة مالي منذ الاستقلال وخروج المستعمر الفرنسي، حيث تفجرت الخلافات وتتالت الأزمات، وأصبحت الانقلابات العسكرية مشهدا مألوفا في البلاد كلما تصاعدت الخلافات وتعمقت المعاناة وأصبحت متلازمة الاضطرابات سمة بارزة حالها كحال شقيقاتها الأفريقيةـ فما بين العوامل الداخلية والخارجية يبقى المشهد العبثي سيد الموقف، فكيف نفهم ونفسر ما جرى مؤخرا في مالي؟ وإلى أين تتجه مع تجدد الأزمة وهبوط منسوب الثقة بين مكونات وأطراف الحكم فيها

ما الذي جرى في باماكو؟

في 24 مايو/أيار 2021 قام موالون لـ آسمي غويتا زعيم انقلاب أغسطس/آب 2020 باحتجاز رئيس الحكومة الانتقالية باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان، على إثر إقدام رئيس الحكومة الانتقالية بإجراء تعديلات لبعض الوزارات التي كان يشغلها العسكريون (وزارتي الدفاع والأمن) واقتادوه إلى معسكر للجيش في منطقة «كاتي» التي تبعد حوالي 18 كلم عن العاصمة ويصفها الكثيرون بأنها منبع الانقلابات في هذا البلد منذ ما يزيد على 10 أعوام

وكتفسير لما حصل، ذهبت تحليلات وتأويلات كثيرة في تفسير ما جرى، ولكن هناك مسارين رئيسيين :

التفسير الأول : يرى أنه امتداد للأزمات التي ظلت تعصف بالبلاد منذ الاستقلال والصراعات التي خلفها الاستعمار بين الشمال المهمش والجنوب النافذ أو الصراع التقليدي بأفريقيا بين المدنيين والعسكر، أو بين الرافضين لهيمنة الخارج والموالين له، ولكنه في النهاية امتداد أزمات سياسية تتفاقم منذ وقت بعيد كلما بدأت محاولات حلها

 

التفسير الثاني : تحليل الخبراء المتخصصين بأمن الساحل الأفريقي، والذي يذهب إلى أن ما جرى صراع نفوذ بين فرنسا وروسيا خاصة بعد عودة الروس بقوة لأفريقيا بالعقد الأخير، وكون أن رئيس الانقلاب (غويتا) وبعض الضباط تلقوا تدريبات في روسيا عام 2019 إضافة إلى أن موسكو لم تدن الانقلاب من أساسه

 

ما الذي قاد للأزمة وما أطرافها؟

بعد الانقلاب على الرئيس كيتا قبل العسكريون تقاسم السلطة مكرهين مع المدنيين، وتحت ضغوط كبيرة ضيقت لديهم مساحة المناورة والاستئثار بالحكم، ولكن يتضح من سياق الأحداث أن الطرفين لم يتمكنا من الوصول لحالة انسجام، كما فشلا في استيعاب متطلبات المرحة الانتقالية مما ضاعف مساحة القوى المعارضة للحكومة الانتقالية، وعلى وجه التحديد القوى السياسية التي كانت طرفا أساسيا في الإطاحة بأبو بكر كيتا، إضافة إلى رغبة كل طرف في السيطرة على مقاليد الحكم

وتشبث كلا الطرفين بالسيطرة له صلة مباشرة بما بعد المرحلة الانتقالية، حيث يعمل كل طرف لتحقيق رصيد أكبر يضمن له الغلبة والسيطرة، فالمكون المدني بالسلطة يرى أنه أصل وليس ظلا لأحد مما دفعه لاسترضاء قدر كبير من الحراك السياسي الذي كان له دور بإسقاط حكومة كيتا العام الماضي، وتنامي الغضب الشعبي بسبب بروز الشخصيات العسكرية مما شجع الرئيس الانتقالي لترجيح كفة المكون المدني بالحكم، فأوقف تعيين عسكريين في السلك الدبلوماسي

 

أما المكون العسكري فيرى أنه الأحق بالحكم لولا الضغوط الدولية والإقليمية التي مورست ضده ودفعته لقبول إشراك المدنيين بالسلطة، فقد صرح زعيم الانقلاب بأن الرئيس باه تعمد تهميش الجيش وتهميشه شخصيا وهو نائب الرئيس ولم يشاوره في التشكيل الذي أقبل عليه، ويتهم الرئيس ونائبه بالفشل في أداء مهامهما، وهو استباق لتثبيت الحضور مرحلة ما بعد الفترة الانتقالية، من خلال الهيمنة على المفاصل الأساسية بالحكومة

 

موقف الأطراف الدولية والإقليمية؟

كان موقف فرنسا الأكثر حدة حيث وصف رئيسها إيمانويل ماكرون الحدث «بانقلاب على الانقلاب» وشجب اعتقال الرئيس ورئيس الوزراء، وهدد بفرض عقوبات «محددة الهدف» كما هددت مجموعة إيكواس بفرض عقوبات ما لم يتم السماح بتشكيل حكومة تصريف الأعمال مدنية مؤقتة، كما أرسلت مبعوثا للتوسط وتهدئة الأوضاع، واللافت أن بيانات الإدانة هذه المرة خرجت مشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة واصفة ما جرى بأنه محاولة انقلابية

 


 

 

 

إنقلاب غينيا .. الموجة العسكرية الثانية خلال عام في القارة الأفريقية

 

أعلن ضباط من القوات الخاصة الغينية في (الخامس من أيلول/ سبتمبر 2021) اعتقال الرئيس ألفا كوندي والسيطرة على العاصمة كوناكري وكذلك «حل» مؤسسات الدولة في انقلاب قد ينذر بانتهاء دور أحد مخضرمي السياسة الإفريقية الذي بات معزولا بشكل كبير، بدأ كوندي (83 عاما) ولايته الثالثة في كانون الأول/ديسمبر 2020 رغم طعون من منافسه الرئيسي سيلو دالين ديالو وثلاثة مرشحين آخرين نددوا بـ «حشو الصناديق» وتجاوزات كثيرة مختلفة أصبح كوندي وهو معارض سابق تاريخيا، عام 2010 أول رئيس ينتخب ديموقراطيا في غينيا بعد عقود من أنظمة سلطوية الإنقلاب لم يكن مفاجئاً لمتابعي شؤون غينيا، وخاصة بعد «النزعة السلطوية» للرئيس وتغييره الدستور وتنظيم انتخابات تسمح له بالحكم لولاية ثالثة أثارت الكثير من الجدل وفي مقطع فيديو أُرسل إلى وكالة الأنباء الفرنسية، قال ضابط في زي رسمي محاطا بعدد من الجنود المسلحين بالبنادق: «لقد اتخذنا قرارا، بعد القبض على الرئيس، بحلّ «الدستور» كما أضاف الضابط أن أجواء غينيا وأراضيها قد أغلقت، وأن الحكومة قد تم حلها وأدان كلّ من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والاتحاد الأفريقي الانقلاب، مطالبين بالإفراج الفوري عن الرئيس الغيني ورغم ثراء غينيا بالموارد الطبيعية، إلا أنّ سنوات من الاضطرابات وسوء الإدارة، جعلت من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، واحدة من أفقر دول العالم وظهر في الخطاب المتلفزالرئيس حافي القدمين مع تسعة جنود لم يكشفوا عن أسمائهم، يرتدي عدد منهم ألوان العلم الوطني، وقالوا إنهم استولوا على السلطة بسبب تفشي الفساد وسوء الإدارة والفقر وأطلق الجنود على أنفسهم «اللجنة الوطنية للمصالحة والتنمية»، معلنين عن حلّ الدستور، وعن نيّة إجراء مشاورت لدستور جديد أكثر شمولاً ووردت عدة تقارير تفيد بأن الانقلاب تقوده وحدة من العسكريين النخبة تحت قيادة الليفتنانت كولونيل مامادي دومبويا وفي المقطع المصوّر الذي نشر، يطلب الجنود من الرئيس كوندي (83 عاما)، تأكيد أنه لم يتعرّض لأذى، لكنه يرفض الإجابة وظهر الرئيس حافي القدمين، جالسا على أريكة، يرتدي سروالا من الجينز، دون أن تظهر عليه أية إصابات الأمم المتحدة نددت بأي استيلاء على السلطة بالقوة  وهددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) باتخاذ إجراءات عقابية. وقال الاتحاد الأفريقي إنه سيعقد اجتماعا على وجه السرعة وسيتخذ «الإجراءات المناسبة» بينما دعت وزارة الخارجية في نيجيريا، القوة الرئيسية في المنطقة، إلى العودة إلى النظام الدستوري .


تعليق العمل بالدستور في إنقلاب أفريقي جديد في بوركينا فاسو

 

بدأ انقلاب بوركينا فاسو في 23 يناير 2022، عندما اندلع إطلاق نار أمام المقر الرئاسي في العاصمة واغادوغو والعديد من الثكنات العسكرية حول المدينة ،وبحسب ما ورد فقد استولى الجنود المتمردون على القاعدة العسكرية في العاصمة. لكن الحكومة نفت أن يكون هناك انقلاب في البلاد، وبعد عدة ساعات، ورد أن الرئيس روش مارك كريستيان كابوري قد جرى اعتقاله من قِبل الجنود المتمردين في المعسكر العسكري بالعاصمة. في 24 يناير، أعلن الجيش على شاشة التلفزيون أن كابوري قد عُزل من الرئاسة، وبعد الإعلان أعلن الجيش حل البرلمان والحكومة ووقف الدستور ، وحث بيان من حساب روش مارك كريستيان كابوري على تويتر على الحوار ودعا الجنود المتمردين إلى إلقاء السلاح وذكرت مصادر أخبارية أن الرئيس اعتقل مع مسؤولين حكوميين آخرين، حيث قال مسؤولان أمنيان في ثكنة سانغولي لاميزانا بالعاصمة إن «الرئيس كابوري ورئيس البرلمان والوزراء هم فعلياً في أيدي الجنود»، وقال النقيب العسكري سيدسوري قادر ويدراغو إن الحركة الوطنية للحماية والاستعادة «قررت تحمل مسؤولياتها قِبل التاريخ» وقال في بيان إن الجنود أنهوا رئاسة كابوري بسبب تدهور الوضع الأمني وسط تصاعد التمرد الإسلامي وعجز الرئيس عن إدارة الأزمة، وقال أيضًا أن القادة العسكريين الجدد سيعملون على وضع جدول زمني «مقبول للجميع» لإجراء انتخابات جديدة، دون الخوض في مزيد من التفاصيل الجدير ذكره انه بعد الحرب الأهلية الليبية الأولى وتدخل الناتو المتزامن في عام 2011، شهدت مالي وبوركينا فاسو المجاورة موجة من الهجمات، منذ عام 2015، تقاتل بوركينا فاسو تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة في بعض أنحاء البلاد، لكن بعض العسكريين اشتكوا من نقص المعدات العسكرية واللوجستية، وقد تسبب ذلك في استياء الرتب العسكرية منتقدين عدم بذل الحكومة جهوداً لمحاربة تلك الجماعات في الانتخابات العامة لعام 2020 في بوركينا فاسو، انتُخب روش مارك كريستيان كابوري للرئاسة للمرة الثانية، وواجهت حكومة كابوري احتجاجات منتظمة بسبب تعاملها مع أزمة الهجمات المسلحة المستمرة في البلاد وفي ديسمبر 2021، أُزيح رئيس الوزراء كريستوف جوزيف ماري دابير من منصبه وسط أزمة أمنية متصاعدة في 22 يناير 2022، اندلعت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العاصمة. وبحسب ما ورد فقد غضب المتظاهرون من عدم قدرة الحكومة على وقف الهجمات المسلحة في جميع أنحاء البلاد، طالب العديد من المتظاهرين باستقالة الرئيس كابوري بعد الانقلاب علق المجلس العسكري الجديد -الذي سمى نفسه الحركة الوطنية للحماية والاستعادة- الحكومة والبرلمان والدستور، وأغلقت الحدود الوطنية وفرض المجلس العسكري حظر تجول على مستوى البلاد بين الساعة 21:00 بتوقيت جرينتش حتى 05:00 بتوقيت جرينتش. أعلنت حكومة المجلس العسكري أنها ستعمل على تنظيم انتخابات جديدة تكون «مقبولة للجميع» دون إعطاء مزيد من التفاصيل وذكرت مصادر صحفية أن المفاوضات جارية بالفعل بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وزعيم المجلس العسكري بول هنري سانداوغو داميبا

وقد أرسلت وزارة الأمن العام برسالة استقالة مكتوبة بخط اليد من كابوري والتي تم توقيعها أيضًا، وجاء في الرسالة «من أجل مصلحة الأمة وبعد الأحداث التي وقعت منذ الأمس قررت الاستقالة من دوري كرئيس لبوركينا فاسو»  وبعدها تجمع حشد كبير في الساحة الوطنية بالعاصمة واغادوغو واحتفلوا بالانقلاب وعزفوا الموسيقى والغناء ونفخوا الأبواق ورقصوا في 31 يناير، أعلن المجلس العسكري إعادة العمل بالدستور وتعين قائد الانقلاب المقدم بول هنري سانوغو داميبا رئيسًا مؤقتًا


 

النيجر .. موطن الإنقلابات وبلد إستراتيجي للغرب في منطقة الساحل الأفريقي

 

في يوليو/ تموز 2023، احتجز أفراد من الحرس الرئاسي محمد بازوم في القصر الرئاسي بنيامي، وظهروا على شاشة التلفزيون الرسمي وقالوا إنهم استولوا على السلطة لإنهاء «الوضع الأمني المتدهور وسوء الحوكمة» .

وبعدها بأيام أعلن المجلس العسكري قائد قوات الحرس الرئاسي عبد الرحمن تشياني رئيسا جديدا للبلاد، ما أثار مخاوف بخصوص الأمن في منطقة تعتبر النيجر فيها حليفا رئيسا للقوى الغربية التي تسعى للسيطرة على تمرد جماعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة و»الدولة الإسلامية» .

وتحاول «إيكواس» التفاوض مع قادة الانقلاب العسكري، لكنها قالت إنها مستعدة لإرسال قوات إلى النيجر لاستعادة النظام الدستوري إذا فشلت الجهود الدبلوماسية

وسمحت النيجر للقوات المسلحة لمالي وبوركينا فاسو بالتدخل إذا تعرضت أراضيها لهجوم

ما يزال الغموض سيد في الموقف في النيجر بعد إعلان عسكريين إنقلابا عسكريا أطاح بنظام الرئيس محمد بازوم الذي تقول حكومته إنها تمثل «السلطات الشرعية والقانونية»بالبلد

وشهدت الدولة التي تمثل حليفا استراتيجيا للقوى الغربية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، أربع عمليات انقلاب منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1960 ومحاولات عدة أخرى للاستيلاء على السلطة

وتشهد منطقة الساحل الغربي الأفريقي تحولات جيوسياسية متسارعة قد تحمل معها إمكانية تصاعد التوترات والصراعات على النفوذ بين مختلف اللاعبين الدوليين تتبنى روسيا استراتيجية طموحة في التوسع الجغرافي وتعزيز تأثيرها على الساحة العالمية.

وتثير تحركاتها في جمهورية النيجر ودول الساحل الغربي لافريقيا استفسارات وتساؤلات حول طموحاتها وأهدافها الاستراتيجية في المنطقة.

و تشهد النيجر، إحدى الدول الواقعة في منطقة الساحل الغربي الأفريقي، تحولات أمنية هامة، في أعقاب الانقلاب الذي قاده الجنرال عبد الرحمن تشياني، رئيس قوات الحرس الرئاسي الذي أعلن نفسه حاكماً جديداً للنيجر، في يوليو/ تموز الماضي والإهتمام المتزايد من قبل روسيا في هذه الدولة واضح وهو ما عكسته تصريحات مسؤوليها الرافضة للتدخل العسكري ضد قادة الانقلاب قي النيجر ويبرز احتمال تحول دول الساحل الغربي الأفريقي إلى ساحة صراع على النفوذ بين روسيا والدول الغربية، حيث تعكف روسيا على تعزيز مواقعها في المنطقة من خلال التعاون الأمني والعسكري مع دول الساحل وتقديم الدعم اللوجستي والتدريب العسكري

مصافحة روسية نيجرية قريباً

يقول مدير مركز الحوار الروسي، إن روسيا لم تعد تقبل بواقع «عالم أُحادي القطب»، وهو ما دفع العديد من الدول لتلتف حول موسكو، لاسيما دول العالم الثالث «التي ترنو إلى التخلص من الهيمنة الاستعمارية الغربية»

ويضيف، أن النيجر ودول الساحل الإفريقي الغربي ودول العالم الثالث أيضاً، «ترى في روسيا طوق نجاة، وذلك لتاريخ روسيا -غير الاستعماري- و إمكانياتها الضخمة التي يمكن أن تحسن من اقتصاد تلك الدول على أساس

 

التعاون وليس على أساس استعماري وأوضح أن روسيا «لم تقف مع أو ضد انقلاب النيجر، بل تدعو إلى حل سلمي للأزمة وأوضح أن «التقارب العقائدي بين روسيا ودول العالم الثالث، يُتيح لروسيا أن يكون لها موطئ قدم ثابت في الساحل الغربي لإفريقيا ودول الساحل الأفريقي وفي آسيا وغيرها من الأماكن»

وأكد أن العالم سيرى «مصافحة روسية نيجرية قريباً، عند انتهاء الأزمة»،

وهو ما حدث مع دولتي بوركينا فاسو ومالي اللتين تحولت بوصلتهما إلى موسكو بعد سيطرة العسكر على الحُكم فيهما

 

قص أجنحة فرنسا في أفريقيا

وقالت أستاذة الجيوسياسة، الدكتورة سيلين جريزي، إن «خسارة فرنسا للنيجر هي خسارة جيوسياسية في المقام الأول وخسارة استراتيجية في المقام الثاني»، ونوهت إلى أن فرنسا كانت تعلم جيداً أنها «ستخرج من المنطقة في يوم من الأيام»، وذلك بسبب العداء الشعبي المتنامي ضد باريس في مستعمراتها السابقة

وأضافت، أن فرنسا كانت تريد الخروج «وهي تحمل عقوداً تجارية ومُسيطرة على الثروات مثل اليورانيوم، ومستوفية لتعويضات الحرب التي تطالب بها من مستعمراتها السابقة» وأشارت إلى أن النيجر كانت آخر وجود سياسي وعسكري لباريس في المنطقة، إذ أن جميع الدول المُحيطة بالنيجر «تكن العداء بطريقة ما لفرنسا» واستشهدت بأمثلة مثل ليبيا والجزائر وبوركينا فاسو وتشاد ومالي

وبينت أن فرنسا اخطأت في سياساتها في تلك الدول، إذ كان دورها بمثابة «الدركي وليس رجل الاطفاء»، إذ أنها دعمت انتخابات «كانت تنتج طبقات حاكمة لا تلبي طموحات الشعب، بل وتُعتبر بمثابة اليد الطولى لباريس في تلك البلدان»، وأشارت « أن فرنسا كانت تدعم انتخابات تفرز قيادات تضمن تفوق باريس وتضمن مصالحها في المنطقة»

وقالت إن مع خروج الرئيس محمد بازوم، من المعادلة السياسية في النيجر، «تكون باريس قد فقدت آخر معاقلها في مربع فرنسا التاريخي»، ووصفته بأنه «قص جناح فرنسا بطريقة شبه نهائية» في القارة الأفريقية.

وأعطت ايضا بُعداً للهجرة غير الشرعية، فلقد كان اهتمام النيجر المهم لباريس من وجهة نظر جيوسياسية -بعد الخروج من مالي- هو التأكد من وجود قوة يمكنها التحكم في محور الهجرة غير الشرعية نحوها ونحو أوروبا عموماً، لأن أغلب طرق غرب أفريقيا تتقاطع عند النيجر في طريقها إلى ليبيا

” مشاعر مُحبطة ضد الحكومات المُنتخبة “

 

وفيما يبدو إن هناك نمواً مستمراً لـ « المعلومات المضللة « التي يتم تداولها يتناسب مع وتيرة نمو مشاعر الإحباط وعدم اليقين بين المواطنين تجاه الحكومات المنتخبة»

 

حيث رأينا ذلك في بلدان أخرى مثل مالي، بوركينا فاسو وغينيا، أن المواطنين هناك قد أبدوا ارتياحهم إلى حد كبير على مدى السنوات الثلاث الماضية، واستجابوا وتعاطفوا مع « الإنقلابات «

وقالت إن مع خروج الرئيس محمد بازوم، من المعادلة السياسية في النيجر، «تكون باريس قد فقدت آخر معاقلها في مربع فرنسا التاريخي»، ووصفته بأنه «قص جناح فرنسا بطريقة شبه نهائية» في القارة الأفريقية.

وأعطت ايضا بُعداً للهجرة غير الشرعية، فلقد كان اهتمام النيجر المهم لباريس من وجهة نظر جيوسياسية -بعد الخروج من مالي- هو التأكد من وجود قوة يمكنها التحكم في محور الهجرة غير الشرعية نحوها ونحو أوروبا عموماً، لأن أغلب طرق غرب أفريقيا تتقاطع عند النيجر في طريقها إلى ليبيا

« مشاعر مُحبطة ضد الحكومات المُنتخبة «

وفيما يبدو إن هناك نمواً مستمراً لـ « المعلومات المضللة « التي يتم تداولها يتناسب مع وتيرة نمو مشاعر الإحباط وعدم اليقين بين المواطنين تجاه الحكومات المنتخبة»

 

حيث رأينا ذلك في بلدان أخرى مثل مالي، بوركينا فاسو وغينيا، أن المواطنين هناك قد أبدوا ارتياحهم إلى حد كبير على مدى السنوات الثلاث الماضية، واستجابوا وتعاطفوا مع « الإنقلابات «

 


 

الغابون ، إنقلاب فوري عقب إعلان فوز بونغو بالانتخابات الأفريقي

في 30 آب/ أغسطس 2023، أعلنت مجموعة من كبار ضباط الجيش في الغابون على شاشة التلفزيون الرسمي الاستيلاء على السلطة وإلغاء نتائج الانتخابات بعد دقائق فحسب من إعلان فوز الرئيس علي بونغو بفترة رئاسة ثالثة وشدد الانقلابيون على أن الانتخابات «لم تستوف شروط الاقتراع الشفاف» الذي كان كثر من أبناء الغابون يعولون عليه واستنكروا «حكما غير مسؤول يتسبب بتدهور مستمر للتماسك الاجتماعي، ما قد يؤدي إلى دخول البلاد في حالة من الفوضى… قررنا باسم الشعب الغابوني الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم»

وفي وقت لاحق، أعلن العسكريون في بيان متلفز تعيين قائد الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما «رئيسا للمرحلة الانتقالية»

 

فيما يلي أبرز المستجدات المتعلقة بإنقلاب الغابون :

أعلن ضباط كبار بجيش الغابون استيلاءهم على السلطة،وقرر الضباط إلغاء نتائج الانتخابات وحل الدستور والسيطرة على السلطة،ثم أعلن الجيش إغلاق حدود الغابون حتى إشعار آخر وحل مؤسسات الدولة، جاءات هذه القرارات بعد إعلان فوز الرئيس علي بونغو بفترة ثالثة مباشرة، حيث يرأس بونغو (64 عاما) البلاد منذ 14 عاما،الضباط قالوا أن : الانتخابات العامة الأخيرة تفتقر للمصداقية ونتائجها باطلة

 

فرنسابدورها دانت الانقلاب العسكري وأعلنت روسيا أنها قلقة للغاية

رئيس الغابون علي بونغو «قيد الإقامة الجبرية»، وخرج بعدها في فيديو مسجل موجها فيه نداء أستغاثة

مؤخرا أعتبر رئيس وزراء الغابون الجديد في الأمم المتحدة، أن الانقلاب كان «أهون الشرين» في الغابون لتلافي حدوث «كارثة» في مواجهة «عرقلة انتخابية أخرى»، مشيراً إلى أنه سيعلن جدولا زمنيا للانتخابات خلال فترة وجيزة

وعلى منصة الأمم المتحدة، قال ريموند ندونغ سيما، الذي عينه قبل أسبوعين الجنرال بريس أوليغي نغيما، قائد الانقلاب العسكري ضد الرئيس علي بونغو أونديمبا: «أقف أمام هذه الجمعية الموقرة في سياق غير مسبوق بالنسبة لبلادي، الشاهدة على مرحلة مروعة بعد عملية انتخابية اتسمت بالفوضى واوقفتها قوات الدفاع والأمن»

ودعا المجتمع الدولي إلى عدم «إصدار أحكام غير محددة، وخلط الأمور بسهولة وبشكل منفصل عن الحقائق» في السياق السياسي الغابوني الذي «برر هذا الاستيلاء على السلطة» في 30 أغسطس، عندما أطاح الجيش علي بونغو بعيد إعلان إعادة انتخابه في اقتراع اعتبر العسكريون والمعارضة أنه مزور

ورأى أن «إدانة مثل هذه العملية يعني التأكيد على أنه كان من الأفضل ترك الاشتباكات تجري وإحصاء عدد الضحايا لاحقًا، لأن لا أحد في المعارضة ولا أي أحد كان مستعداً للسماح بالمضي قدمًا بهذه الانتخابات»

 


 

 

تشاد ، 2021 .. الجيش يختار نجل إدريس ديبي لخلافة والده

 

في أبريل/ نيسان 2021، استولى الجيش التشادي على السلطة بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي في أرض المعركة أثناء تفقد قوات تحارب المتمردين في الشمال، وينص القانون في تشاد على أن يتولى رئيس البرلمان منصب الرئاسة في هذه الحالة لكن مجلسا عسكريا تدخل وحل البرلمان بدعوى توفير الاستقرار

واختار الجنرال محمد إدريس نجل الرئيس ديبي رئيسا مؤقتا وأسندت إليه مهمة الإشراف على فترة انتقالية مدتها 18 شهرا تمهيدا لإجراء انتخابات وفجر الانتقال غير الدستوري للسلطة أعمال شغب في العاصمة نجامينا أخمدها الجيش لاحقا فيما أعلنت السلطات ذاتها منتصف العام الحالي أفشال محاولة إنقلاب عسكري وأعتقال منفذيه وقالت الحكومة في بيان نشرته وزارة الإعلام: «تخطر حكومة تشاد الرأي العام الوطني والدولي بأن أجهزة الأمن الداخلي أحبطت محاولة فاشلة تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتقويض النظام الدستوري للجمهورية ومؤسساتها»

 

وأضافت: «قد وضعت هذه الخطة مجموعة صغيرة من المتآمرين تتألف من أحد عشر ضابطا في الجيش، بقيادة بحر الدين بردي تارقيو رئيس المنظمة التشادية لحقوق الإنسان»

 

واعتقلت الأجهزة الأمنية التشادية الأشخاص المرتبطين بهذه المحاولة، التي وصفها بيان الحكومة بأنها «ترمي إلى زعزعة استقرار مؤسسات الجمهورية»، مشيرةً إلى أن المتورطين استولوا على معدات عسكرية وأجهزة إرسال

 

وحتى الآن، وُضع جميع الأشخاص المعتقلين المرتبطين بمحاولة الانقلاب، تحت تصرف الشرطة القضائية، وخضعوا إلى الاستماع في محاضر منتظمة، قبل إحالتهم إلى مكتب المدعي العام لدائرة أنجمينا، بحسب البيان

 

قُتل رئيس تشاد السابق، إدريس ديبي، خلال معارك دارت بين الجيش ومتمردين في أبريل/ نيسان من عام 2021، وتولى نجله، محمد إدريس ديبي سلطة المجلس العسكري خلفا له

 

وأعلن المجلس العسكري الانتقالي في تشاد، في 9 مارس/ آذار الماضي، تشكيل لجنة للتفاوض مع ممثلي جماعات سياسية وعسكرية في البلاد، حيث استضافت قطر تلك المحادثات

 

ووقعت الحكومة التشادية على قرار يقضي بتشكيل المجلس الوطني الانتقالي وبدء مهامه، الثلاثاء 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وذلك بعد أيام من الإعلان عن أسماء أعضاء المجلس.

في ذات الشهر، خرجت تظاهرات حاشدة رافضة لمخرجات الحوار الوطني، ومنددة بما قالت إنه «سيطرة الجيش على السلطة». وقعت صدامات مع قوات الأمن وسقط نحو 50 قتيلا ومئات المصابين

 

 

 

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق