دراسات سياسية

الصراع السوداني ومعضلة الإستقرار الإقليمي

قراءة مفصلة / يوسف المعمري / خاص بمركز بينون

يستمر النزاع الذي أندلع بشكل مفاجيء منذ 15 أبريل الماضي، بين قوات الجيش التي يقودها الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية الموالية لحليفه السابق محمد حمدان دقلو في تحول مفاجئ للصراع إلى نزاع مسلح فيما تبادل الجنرالان الاتهامات، وذلك بعد أسابيع من التوتر المتصاعد بين الطرفين بشأن خلاف على خطة ترمي إلى تسليم السلطة للمدنيين، ومنذ ذلك اليوم لم يهدأ الوضع في الخرطوم او المدن السودانية الأخرى، حيث يرى مراقبون أن الأزمة كانت نتيجة لتراكمات وصراع مصالح محلية تحولت بعدها إلى صراع نفوذ عسكري وتدخل أقليمي ووساطات عديدة لم تسفر عن أي بوادر لحل الأزمة حتى اللحظة، كما أنه لم يتمكن أي من الطرفين من حسم المعركة وإعلان النصر لصالحه، عدا سيطرة واسعة لقوات الدعم السريع بالعاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث ومنافذها ومقارها الرئيسية، بينما يسيطر الجيش على معظم المدن ومقار رئيسية يتمركز فيها بالعاصمة، أدى ذلك الى تدمير واسع للبنية التحتيه وأنقطاع للإتصالات والأنترنت، وأمتداد القتال جنوباً وغرباً وتحديداً أقليم دارفور، اما على الصعيد الإنساني وهو الأكثر تدهوراً وتضرراً فقد قتل الألآف حسب وزارة الصحة ونزح أكثر من ثلاثة مليون شخص عقب إندلاع الصراع الذي من المتوقع أن يستمر لسنوات .

خريطة السيطرة والنفوذ في السودان،الخرطوم Battles،map،Sudan،war،Khartoum

 

الصراع السوداني ومعضلة الإستقرار الإقليمي


خارطة السيطرة والنفوذ

تشير المصادر المحلية إلى سيطرة برية واسعة لقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، مع تمركز دفاعي لقوات الجيش في مقار رسمية بالعاصمة وسيطرة واسعة في بقية المدن بالإضافة الى سيطرته الجوية التامة، بينما يتنافس الطرفان في حرب كر وفر مستمرة منذ أندلاع الأحداث للسيطرة على المواقع الإستراتيجية في العاصمة، بما في ذلك القصر الرئاسي والمطارات والقواعد العسكرية فضلا عن الطرق اللوجيستية والجسور من وإلى مدن العاصمة الخرطوم .

بدأ القتال في 15 أبريل/نيسان بمناوشات حول قاعدة لقوات الدعم السريع بالقرب من مدينة الخرطوم الرياضية جنوب العاصمة،  وسرعان ما انتشرت إلى وسط مدينة الخرطوم في منطقة مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية ومساكن قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في حي المطار،  واعتمد الجانبان على نقاط قوتهما لكسب اليد العليا في الصراع،  وبشكل خاص في مناطق المدن الثلاث بالعاصمة الخرطوم، حيث تقاتل القوات المسلحة السودانية بشكل رئيسي من الجو،  في حين أن قوات الدعم السريع لديها حملة برية فعالة،  كما وردت تقارير عن تفجيرات يومية وجميع أحداث العنف عن بعد المسجلة تقريبًا هي غارات جوية نفذتها القوات المسلحة السودانية في ولاية الخرطوم، حيث أستهدفت غارات جوية للقوات المسلحة السودانية قوات الدعم السريع في منطقة مقر القيادة العامة العسكرية التي تتمركز بها، بالإضافة إلى قواعد الدعم السريع بالمدينة الرياضية وقاعدة المطار الشرقي والقصر الرئاسي بالخرطوم وقاعدتي كافوري وشرق النيل ببحري، وهيئة التلفزيون، ومناطق تمركزهم بمدينة أم درمان، كما استهدفت الغارات الجوية عدة مباني حكومية .

منذ بداية الصراع، أفادت التقارير أن قوات الدعم السريع سيطرت على عدة مواقع استراتيجية، بما في ذلك السيطرة القصيرة على مطار مروي في الولاية الشمالية، ومطار نيالا في جنوب دارفور، والعديد من المناطق المهمة الأخرى في الخرطوم، حيث تنافس الجانبان للسيطرة على المواقع الاستراتيجية في العاصمة، بما في ذلك القصر الرئاسي والمطارات والقواعد العسكرية، فضلاً عن الطرق اللوجستية والجسور من وإلى الخرطوم، حيث تركز القتال بين الطرفين بشكل رئيسي في المدن الثلاث الرئيسية في ولاية الخرطوم على طول نهر النيل – الخرطوم وبحري وأم درمان والخرطوم، وأفادت التقارير أن قوات الدعم السريع نشرت قوات في الأحياء والشوارع الرئيسية في الجزء الشرقي من المدينة، والمطار والأحياء المجاورة له، ووسط المدينة، كما تسيطر قوات الدعم السريع على المنطقة الشمالية من الخرطوم، والتي تضم القصر الجمهوري، والمناطق المحيطة به، خاصة السوق العربية، التي تشهد منافسة شديدة، ومن ناحية أخرى، تسيطر القوات المسلحة السودانية على المنطقة الشرقية لمقر القيادة العامة وجسر كوبر، وتنتشر أيضًا في الجانب الجنوبي الغربي من مدينة الخرطوم، في منطقة الشجرة، التي تستضيف قاعدة للقوات المسلحة السودانية، وتسيطر القوات المسلحة السودانية أيضًا على منطقة مصانع الأسلحة العسكرية، وهي منطقة حساسة يقيد فيها الجيش الحركة ويفرض وجودًا أمنيًا مكثفًا، وفي بحري شمال العاصمة الخرطوم، تتواجد قوات الدعم السريع في معظم الأحياء، باستثناء القاعدة العسكرية للقوات المسلحة السودانية الواقعة في الجزء الجنوبي من المدينة وقاعدة أخرى تقع في الجزء الشمالي من المدينة، كما نشرت قوات الدعم السريع قواتها في معظم أحياء أم درمان باستثناء القاعدة العسكرية للقوات المسلحة السودانية الواقعة شرق وسط المدينة، وتسيطر القوات المسلحة السودانية على مناطق شمال غرب المدينة، وكذلك شمال شرق المدينة بالقرب من مطار وادي صيدنا العسكري في منطقة كرري، والذي يستخدم كمنصة لانطلاق الطائرات المقاتلة، ونجحت قوات الدعم السريع في انتشار قواتها بشكل مكثف في مدن العاصمة، نظرا لتفوقها في الحركة السريعة، إذ تتحرك قواتها في شاحنات بيك آب رباعية الدفع بكامل المعدات العسكرية . 

أهم مناطق الصراع بالسودان،الخرطوم Battles،map،Sudan،war،Khartoum

 


الصراع في دارفور

منذ 15 أبريل/نيسان، تركز القتال في غرب دارفور في العاصمة الجنينة، وخلال الأسبوع الثاني من القتال تضاعف العنف في غرب دارفور بأكثر من ثلاثة أضعاف مع اندلاع اشتباكات دامية بين المساليت والميليشيات العربية المرتبطة بقوات الدعم السريع، هدأ الوضع مؤقتًا في المدينة بعد الهدنة التي وقعها زعماء القبائل في بداية مايو، ثم تصاعدت مرة أخرى في 12 مايو، واندلعت اشتباكات استمرت لعدة أيام بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والميليشيات العربية والمساليت، مما أسفر عن سقوط مئات القتلى، وفي شمال دارفور، دارت الاشتباكات في المقام الأول في الفاشر، كما سُجلت اشتباكات في قبقابية وطويلة، وأعلنت القوات المسلحة السودانية أنها سيطرت على معسكرات قوات الدعم السريع في الفاشر، واستولت على ما يقرب من 100 مركبة عسكرية، وفي 20 أبريل/نيسان، توسطت السلطات والقادة المحليون في اتفاق لوقف إطلاق النار بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في الفاشر، مما أدى فعلياً إلى تقسيم المدينة بين الجانبين، وسمح الاتفاق للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بالاحتفاظ بمواقعهما غرب وشرق المدينة، مع عمل المنطقة الوسطى كحاجز بين الطرفين تحت سيطرة الشرطة،  وبعد أسبوع، تم اعتقال خمس جماعات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا للسلام – الفصيل الذي يقوده ميني ميناوي من حركة/جيش تحرير السودان، وحركة/جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي، وحركة العدل والمساواة، وتجمع قوات تحرير السودان، وحركة التحالف السوداني، ونشر حينها مئات المقاتلين لتأمين المدينة، وفي 8 مايو، سحب ميناوي قواته المتمركزة في شمال أم درمان إلى شمال دارفور، في أعقاب الفشل في التوسط بين الأطراف المتحاربة،  يشير انخفاض العنف في الفاشر في مايو/أيار إلى أن الهدنة صامدة في الوقت الحالي،  وفي جنوب دارفور، شهدت نيالا قتالاً عنيفاً بين الجانبين، وبحسب ما ورد حصل سكان المدينة على أسلحة لحراسة أحيائهم، ويبدو أن مبادرة محلية أطلقها صحفيون ونشطاء المجتمع المدني فشلت في الحفاظ على الهدوء في المدينة، مع استمرار القتال بين الجانبين في مايو/أيار، يقال إن قوات الدعم السريع تسيطر على الجزء الشرقي من المدينة، بما في ذلك مطار نيالا، بينما تسيطر القوات المسلحة السودانية على النصف الغربي الذي يستضيف مقر الحكومة،  كما وردت أنباء عن قتال في شرق ووسط دارفور، وإن كان على مستويات أقل، ووردت أنباء عن وقوع قتال في الضعين، شرق دارفور، في بداية النزاع، وفي وسط دارفور، تركز القتال في العاصمة زالنجي، ووفقاً لوزارة الصحة، قُتل ما لا يقل عن 59 شخصاً وأصيب 80 آخرون في الفترة من 15 إلى 25 أبريل/نيسان، في ثلاث محليات هي زالنجي ووادي صالح وأم دخن بوسط دارفور،  ومع ذلك، انخفض العنف منذ ذلك الحين في كلتا الولايتين.

خريطة السيطرة ومناطق التماس في السودان،الخرطوم Battles،map،Sudan،war،Khartoum

 


في 30 مايو 2023

سيطرت قوات الدعم السريع على قاعدة الفيلق الاستراتيجية للقوات المسلحة السودانية، وبعد أكثر من أسبوع، و في 8 يونيو، استولت على مصانع الأسلحة العسكرية (مجمع اليرموك) بعد اشتباكها مع القوات السودانية، و، تقدمت قوات الدعم السريع غربًا نحو أم درمان لقطع طرق إمداد القوات المسلحة السودانية بين قواعد المهندسين وقواعد قوات المدرعات، كما عزلت الطرق المؤدية إلى المنطقة التي تسيطر عليها القوات السودانية في مقر القيادة العامة وقاعدة سلاح الإشارة على ضفتي نهر النيل، النهر بين جسري النيل الأزرق وكوبر، كما اندلعت اشتباكات في محيط قاعدة طيبة للدعم السريع وقاعدة جبرة وقاعدة قوات الدعم السريع بالمدينة الرياضية وهيئة العملة حيث تتمركز قوات الدعم السريع بالخرطوم وقاعدة سلاح الإشارة وجسر الحلفاية بحري، ومطار وادي صيدنا العسكري وهيئة الإذاعة والتلفزيون، حيث تتمركز قوات الدعم السريع، في أم درمان، وبعد انتهاء الهدنة التي استمرت 24 ساعة في 11 يونيو، شنت القوات المسلحة السودانية هجومًا متعدد الجبهات في الخرطوم، حيث حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة القوات المسلحة السودانية على جسر-الحلفاية  الذي يربط بحري وأم درمان – من شرق الجسر في بحري، وهاجمت القوات المسلحة السودانية قوات الدعم السريع من ثلاثة اتجاهات من أم درمان وكدارو وسمراب وجسر الحلفاية، وبالتالي، سيطرت القوات المسلحة السودانية على الجانب الآخر من جسر الحلفايا في بحري، وفي الوقت نفسه، حاولت القوات المسلحة السودانية التقدم غربًا من الحاج يوسف على مشارف الخرطوم وجنوبًا من السمراب، من أجل السيطرة على كافوري في بحري، لكن قوات الدعم السريع صدت كلا الهجومين، وفي مكان آخر بالخرطوم، حول قاعدة جبرة للقوات المسلحة السودانية، تقدمت القوات المسلحة السودانية شمالًا من لامب باتجاه الرميلة لتعزيز الدفاع في الشمال الغربي من القاعدة، حيث واجهت القوات المسلحة السودانية صعوبات كبيرة في إشراك قوات الدعم السريع في قتال الشوارع، نظرًا للهيكل اللامركزي لقوات الدعم السريع وخبرتها في حرب المدن، وقد أدى ذلك إلى قيام القوات المسلحة السودانية باتخاذ موقف دفاعي في قواعدها في جميع أنحاء الخرطوم الكبرى، مع الاعتماد على الغارات الجوية والقصف المدفعي الثقيل من قاعدة جبرة للقوات المسلحة السودانية، وقاعدة سلاح المهندسين، وقاعدة مطار وادي صيدنا العسكري، ولم تتسبب تلك الهجمات في أضرار جسيمة للبنية التحتية فحسب، بل أدت أيضًا إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين، من جانبها، شنت قوات الدعم السريع هجمات برية على قواعد القوات المسلحة السودانية، مستفيدة من العدد الأكبر من الجنود المنتشرين في الخرطوم، ومن خلال هذه الغارات، نجحت قوات الدعم السريع في التغلب على القوات المسلحة السودانية قبل أن تتمكن التعزيزات من القواعد الأخرى من تقديم المساعدة، وقد حاولت القوات المسلحة السودانية التخفيف من خسائرها عبر نشر قوات إضافية من ولايات أخرى إلى الخرطوم، بما في ذلك نقل ثلاث فرق مشاة تابعة للقوات المسلحة السودانية من الدمازين وسنجة وكوستي .

الخارطة العسكرية في السودان،الخرطوم Battles،map،Sudan،war،Khartoum

 

 


وفي 2 يونيو/حزيران

شهد الصراع في السودان تطوراً كبيراً داخل العاصمة الخرطوم، حيث شنت قوات الدعم السريع هجوماً أستهدف مقر شرطة الاحتياطي المركزي في نهاية يونيو، وبعد ثلاثة أيام من الاشتباكات العنيفة في الكلاكلة – حيث تراوحت تقديرات الضحايا بين العشرات والمئات – وسيطرت قوات الدعم السريع على مقر شرطة الاحتياطي المركزي في 25 يونيو، كما استولت المجموعة شبه العسكرية على أكثر من 260 دبابة وناقلة جنود مدرعة وسيارات لاند كروزر، إلى جانب ترسانة كبيرة من الذخيرة والعتاد العسكري والمعدات الهندسية، يحمل هذا التطور أهمية خاصة بسبب النشر الأولي لقوات أبو طيرة لدعم القوات المسلحة السودانية في وحدات الخطوط الأمامية، علاوة على ذلك، فإن الدعوة إلى التعبئة العامة للشباب المدنيين، بالإضافة إلى جنود الاحتياط ومتقاعدي القوات المسلحة السودانية، للانضمام إلى الجيش، تشير إلى نقص القوى البشرية داخل القوات المسلحة السودانية.

 

الفترة من 17 يونيو إلى 14 يوليو 2023

مع دخول النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في السودان شهرها الرابع، تواجه البلاد مزيجًا خطيرًا من التوترات الطائفية المعقدة والمصالح السياسية والتحالفات العرقية بين العديد من الجماعات المسلحة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وينطوي هذا السيناريو المحفوف بالمخاطر على خطر كبير يتمثل في تصعيد الصراع إلى حرب أهلية كاملة يمكن أن تجتاح السودان بأكمله، حيث انضمت جماعات مسلحة إضافية إلى النزاع، إما من خلال المشاركة النشطة في الاشتباكات أو إعلان الدعم لأحد الفصائل المتحاربة، وفي جنوب دارفور، أفادت التقارير أن فصيل عبد الواحد النور التابع لحركة/جيش تحرير السودان اشتبك مع قوات الدعم السريع في جبل مرة، وخلال الأسبوع الأول من يوليو/تموز، أعلن زعماء سبع مجتمعات محلية في جنوب دارفور ولاءهم لقوات الدعم السريع ودعوا أفرادهم إلى ترك الجيش والانضمام إلى قوات الدعم السريع – وهي خطوة من المرجح أن تقلب ميزان القوى لصالح قوات الدعم السريع،  وقد أدت هذه التطورات إلى زيادة تعقيد الديناميكيات المعقدة بالفعل على الأرض، حيث قد تؤدي التحالفات الجديدة إلى تحويل الصراع المستمر إلى حرب أهلية واسعة النطاق في جميع أنحاء السودان .

خريطة الكر والفر في الخرطوم،السودان Battles،map،Sudan،war،Khartoum

 


خارطة السيطرة على الجسور والمنافذ

 

بعد فترة وجيزة من معارك السيطرة على المقار والمراكز الرئيسية في العاصمة الخرطوم، دخلت المعركة في سياق جديد للسيطرة على الجسور والمنافذ الرئيسية وخصوصا في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث،حرب الجسور كلفت الطرفين الكثير من العتاد والأفراد لفرض السيطرة على الجسور العشرة في المدن الثلاث وخصوصا في جسر حلفايا الذي يربط أم درمان بالخرطوم بحري ومنه يمكن الوصول إلى عدة مقار حساسة كقاعدة وادي سيدنا الجوية والشرطة العسكرية ومعهد المدرعات والدفاع الجوي والكلية الحربية، حيث أعلن الجيش في بيان رسمي سيطرته على الجسر فيما نفت قوات الدعم السريع ذلك معلنة أستمرار سيطرتها عليه، هذا وقد شهد الجسر أعنف معارك النزاع للسيطرة عليه ، لكن الوضع القائم يبين سيطرة الطرفين بالمناصفة للجسور العشرة في العاصمة، فيما تتمركز عناصر القوتين العسكريتين الكبيرتين في مراكزها، قابضة على عدد من جسور العاصمة السودانية (الخرطوم، بحري، أم درمان)، منذ الصراع الذي تفجر في 15 أبريل الماضي فمن جسر النيل الأبيض إلى الأزرق فسوبا وكوبر، 10 جسور تتوزع السيطرة عليها بين الدعم السريع والجيش السوداني ولعل أهمية تلك الجسور تكمن في أنها تُعد ممرا رئيسيا للإمداد سواء كان تموينا وغذاء أو دعم القوات بالأفراد والمعدات والأسلحة والذخائر. فمن يسيطر عليها يتحكم بشكل كبير في سير المعركة.

وفي الخرطوم، بحري وأم درمان 10 جسور رئيسية تربط أطراف العاصمة الثلاثية، وتتوزع كالتالي :

 

* جسر النيل الأبيض

يربط الخرطوم بأم درمان، ويطل من ناحية أم درمان على مدينة طبية عسكرية استراتيجية وعلى قيادة سلاح المهندسين كذلك يطل على جامعة كرري التابعة للقوات المسلحة، إضافة لمجموعة كبيرة من المساكن العسكرية الخاصة بالضباط والصف والجنود فيما يعرف سابقا «باشلاق بانت»

أما من ناحية الخرطوم فيطل مباشرة على محطة المياه الرئيسية لمدينة الخرطوم إضافة إلى قاعة الصداقة وهي إحدى المقرات الهامة للفعاليات السياسية ومجموعة الفنادق الكبرى كورنثيا والقراند هوليداي وفندق السودان إلى ذلك، يقود للطريق الرئيسي (شارع النيل) المؤدي إلى القصر الرئاسي والمقار الحكومية مثل مجلس الوزراء ووزارة الداخلية والخارجية والمعادن والطاقة. لذلك يعتبر أحد أهم الجسور بالعاصمة والسيطرة عليه تعني احتلال أكثر مراكز الدولة حيوية. وهو حاليا في قبضة الجيش 

 

* جسر الإنقاذ

يربط أيضاً الخرطوم بأم درمان، ويطل من ناحية أم درمان على مواقع عسكرية أهمها أكاديمية نميري العسكرية العليا وكلية القيادة والأركان إضافة لسلاح الموسيقى وقيادة لواء مدفعية الراجمات أما من ناحية الخرطوم، فيمر الجسر أمام مبنى رئاسة البنك المركزي السوداني ومباني شركات البترول وشركة زين للاتصالات يمكن موقعه من يسيطر عليه بالتحكم في معظم حركة السير القادمة من جنوب الخرطوم عبر شارع الغابة، إضافة لأنه يمثل أحد أقرب الطرق إلى قلب الخرطوم للقادم من أم درمان، ويسيطر عليه الجيش أيضاً

 

* جسر المك نمر

يربط الخرطوم ببحري، ويمثل شريان حياة للمدينتين لأنه يعبر إلى أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان. يمر من ناحية الخرطوم بجوار مبنى وزارة الخارجية والقصر الجمهوري فيما يمر جنوباً بمحيط القيادة العامة والمستشفيات الرئيسية بوسط الخرطوم. ويشرف من ناحية بحري على سوق المدينة ومحطة المواصلات الرئيسية فيما تكمن أهميته في تقييد حركة المدنيين. وتسيطر عليه قوات الدعم السريع

 

*جسر النيل الأزرق

يعتبر من أخطر الجسور في هذه المرحلة، إذ يربط بين الخرطوم وبحري

من اتجاه الخرطوم، يمر جوار جامعة الخرطوم ويشرف على قيادة الفرقة السابعة مشاة وطريقه يوصل للقيادة العامة مباشرة ولمقر قوات الدعم السريع وقصر الضيافة ورئاسة جهاز المخابرات كما تقع على طريقه أهم الوحدات العسكرية والحكومية، ويمثل أخطر الطرق لأنه أقربها للقيادة. ويسيطر عليه الجيش السوداني

 

* جسر كوبر أو (جسر القوات المسلحة)

يربط بين الخرطوم وبحري، كذلك، لكنه يمر من ناحية بحري بسجن كوبر ومجموعة من وحدات منطقة بحري العسكرية ومستشفى الأمل التابع لجهاز المخابرات ومجموعة من منازل المسؤولين أما من ناحية الخرطوم فيشرف مباشرة على الاتجاه الشمال الشرقي من مطار الخرطوم الدولي والقيادة العامة. ويسيطر عليه الجيش

 

* جسر المنشية

كذلك، يسيطر الجيش على جسر المنشية الذي يربط الخرطوم بمنطقة شرق النيل. لكنه لا يتمتع بأهمية كبيرة من ناحية شرق النيل إذ يربط مناطق سكنية عادية إلا أن للدعم السريع مقرات جديدة هناك ويمكن أن يشكل بالتالي طريق إمداد من ناحية الخرطوم يشرف على برج الاتصالات وشركة MTN ويؤدي إلى شارع الستين، المرقع، ويربط مجموعة شوارع أساسية، يمكن استغلالها للتحرك سريعا نحو شارع النيل كما أنه يوصل للقيادة من الاتجاه الشرقي للمطار

 

* جسر سوبا

أما جسر سويا الذب فيربط الخرطوم بجنوب شرقي النيل، ويشهد اشتباكات ولا سيطرة مطلقة بعد لأي من الطرفين بعتبر بعيدا نسبيا عن المدينة، لكن من يسيطر عليه يسيطر على المدخل الجنوبي للعاصمة، الذي يؤدي إلى طريق مدني، وهو أحد المنافذ المهمة، ويمكن استخدامه في الإمداد أو الهروب

 

* جسر شمبات

يربط بحري بأم درمان، ويتقاسمه كل من الجيش والدعم السريع. يطل من ناحية أم درمان، على مجموعة من الأحياء السكنية ومن ناحية بحري يمر بمقر الدعم السريع بشمبات كما أنه قريب من كليات الزراعة والبيطرة جامعة الخرطوم أما خطورته فتكمن في إمكانية استغلاله للوصول إلى مباني الإذاعة والتلفزيون عبر شارع النيل بأم درمان 

 

*جسر الحلفايا

يربط أم درمان ببحري، ويقبض عليه الجيش. ويعتبر أهم جسر في المعركة الحالية، لاسيما أنه يشرف من ناحية أم درمان على مجموعة وحدات منطقة وادي سيدنا العسكرية، المظلات، الشرطة العسكرية، معهد المدرعات، لواء الدفاع الجوي، الإسناد الهندسي، المطبعة العسكرية، الكلية الحربية، كلية الهندسة جامعة كرري، وقاعدة وادي سيدنا الجوية لذلك تعتبر السيطرة عليه واحدة من أهداف الدعم السريع في القوت الحالي إلا أن القوات المسلحة تحميه بقوات كبيرة يرتبط هذا الجسر من ناحية بحري بشارعين، الأول شارع المعونة الذي يوصل لمصفاة الجيلي ويمر بمجمع الزرقاء التابع للتصنيع الحربي أحد المرافق الاستراتيجية. أما الشارع الثاني فهو «الإنقاذ» الذي يمر قرب شركات الانتاج الغذائي الرئيسية، ومطاحن الدقيق ومصانع منتجاتها. فيما تقع جنوب الجسر أحياء بحري الرئيسية

 

* جسر توتي

أما جسر توتي الذي تسيطر عليه الدعم السريع، فيربط الخرطوم بجزيرة توتي داخل النيل الأزرق. ويعتبر جسرا داخليا ذا منفذ واحد،ه لكن يقع في منطقة مؤثرة. إذ يطل على قاعة الصداقة وجامعة النيلين ويشرف على الفنادق بشارع النيل وقريب من القصر الجمهوري الوزارات كما يمكن الاستفادة منه في المراقبة يشار إلى أن تلك الجسور تمثل شبكة مترابطة عبر شارع النيل بدءاً بكبري المنشية حتى جسر الإنقاذ. لذلك شارع النيل هو شريان المعركة الرئيسي. بينما جسر الحلفايا يمثل قاعدة استراتيجية منفصلة فيما يشكل جسر سوبا بوابة مهمة، ويستغل حاليا في تحركات ما بين شرق النيل ومعسكر طيبة عبر جنوب الخرطوم

خريطة مفاتيح السيطرة على الخرطوم (الجسور والمنافذ الرئيسية) بالسودان Battles،map،Sudan،war،Khartoum

 

 


التداعيات المترتبة على الحرب السودانية

التداعيات الإقتصادية

تشير التقديرات « الغير رسمية « إلى خسارة السودان مايزيد عن ١٠٠ مليار دولار جراء التداعيات الناجمة عن الحرب،  ويتضمن ذلك الخسائر المرتبطة بعمليات النهب والتدمير للمتلكات والمصالح العامة ، علاوة على ذلك كلفة النزوح داخل البلاد واللجوء إلى الدول المجاورة ومن المتعارف عليه أقتصاديا أنه لا نمو أقتصادي من دون إستقرار سياسي وأمني، ومع إستمرار الأزمة العسكرية سيستمر تباطأ النمو الاقتصادي وستظل معدلات التضخم في ارتفاع مستمر، مما سيعمل على تدمير الإقتصاد بسبب عوامل الصراع المتفاقمة والمستمرة حيث يؤدي إستمرار العمليات الحربية إلى إنهيار الأنشطة الإقتصادية في البلاد، وتضرر الأصول والممتلكات الاستراتيجية للدولة والمواطنين، بالإضافة إلى عدم استقطاب أي استثمارات جديدة ناهيك عن أغلاق العديد من المشاريع والأنشطة الإقتصادية ، وأنهيار المستوى المعيشي، وأرتفاع معدلات البطالة والفقر، وأنهيار العملة المحلية وتدني مستوى الخدمات الأساسية، مما ينذر بكارثة على المدى الطويل ، كما أن ذلك سيؤدي إلى عدة تداعيات أبرزها، هجرة عدد من التجار من القطاعين الصناعي والحرفي من الخرطوم لمدن السودان الكبرى وإلى مصر ودول الجوار من مشغلي اليد العاملة، وضعف آلية تشغيل البنى التحتية كالقطاعات الصحية والخدماتية، وهذا بدوره سيفضي إلى تعطل عملية الدوران الاقتصادي وتهالك سوق الإنتاج، مترافقاً بضعف في القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المجتمع .

أضف الى ذلك تأثر قطاع النقل والزراعة وهما من أبرز القطاعات الرافدة للأقتصاد السوداني، حيث يعتبر السودان قطر شاسع وغني بالموارد الطبيعية، الزراعية والحيوانية والنباتية والمائية،والإعتماد الرئيسي للسودان هو الزراعة والصناعة الزراعية، وتمثل ٨٠% من أجمالي نشاط السكان ، كما أن أستمرار توقف بعض المطارات والموانئ بسبب الصراع قد يترتب عليه المزيد من الخسائر المتراكمة .

ويرى مراقبون أن الاقتصاد السوداني يسير من سيء إلى أسوأ، بسبب غياب الحل السياسي واتساع رقعة الصراع، واستمرار العقوبات الأميركية والأوروبية المعلنة وغير المعلنة، وأن أي تحسن في الاقتصاد السوداني بعد الحرب في الخرطوم مرتبط بمدى الانفتاح الخارجي إقليمياً ودولياً .

المؤشرات الإقتصادية في الأزمة السودانية Battles،map،Sudan،war،Khartoum،Economy،indicators

 


الملف الإنساني

 

وفقًا لآخر إحصائية صادرة عن الأمم المتحدة في 14 سبتمبر 2023، بلغ عدد القتلى في حرب السودان أكثر من 4500 شخص، بينهم أكثر من 1200 وقد نزح نحو 5.1 مليون شخص داخل البلاد وخارجها بسبب النزاع الذي اندلع في منتصف أبريل، حيث نزح أكثر من 4.1 مليون شخص حتى 5 سبتمبر، وفقًا لمصفوفة تتبّع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة. ويمثّل هذا العدد أكثر من ضعف عدد النازحين في جميع أنحاء البلاد قبل نشوب النزاع، والذي بلغ 3.8 مليون نازح. لقد نزح الأشخاص من ثماني ولايات ولجأوا إلى 3,733 موقعًا في جميع الولايات الثماني عشرة التي يقع معظمها في ولايات نهر النيل وجنوب دارفور وشرق دارفور والشمالية وسنار وشمال دارفور. ونحو 69% من النازحين هم في الأصل من ولاية الخرطوم. بالإضافة إلى ذلك عبر 1,004,261 شخصًا حدود السودان إلى دول الجوار حتى 6 سبتمبر، بما في ذلك جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجمهورية جنوب السودان، وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين.

وحصيلة نصف الأشخاص الذين يعانون من انعدام الامن الغذائي في كلا من ولايات الخرطوم ووسط دارفور وجنوب دارفور وغرب دارفور وجنوب كردفان – وهي الولايات الأكثر تضررًا جراء النزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. ويعاني حوالي 9.6 مليون شخص في هذه الولايات من المرحلتين 3 و4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي(مستويات الأزمات والطوارئ، على التوالي). وهذا يشمل 2.9 مليون شخص في مستويات الطوارئ من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)، والتي تعدّ على بعد خطوة واحدة عن المجاعة (المرحلة 5 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي). وبشكل عام يعاني 20.3 مليون شخص في جميع أنحاء السودان من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى المساعدات الغذائية ومساعدات وسائل العيش في الفترة بين يوليو وسبتمبر 2023، وفقًا لآخر تحديث للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في السودان.

خريطة النزوح في السودان Battles،map،Sudan،war،Khartoum،Exodus،Exodus

 


نقّحت مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين أيضًا استجابتها الإقليمية من خلال خطة الطوارئ المنقّحة للسودان: خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين، مايو – ديسمبر 2023، وتمديد الخطة الأصلية لمدة ستة أشهر حتى نهاية عام 2023. ويطلب النداء 1 مليار دولار لتقديم المساعدات الأساسية والحماية لـ1.8 مليون شخص يُتوقع وصولهم إلى خمس دول مجاورة بحلول نهاية عام 2023 فرارًا من النزاع الدائر في السودان. وهذه زيادة بمقدار ضعفين مقارنة بما كان مقدرًا في البداية في مايو 2023 بسبب استمرار النزاع والنزوح المستمر الذي أدى إلى زيادة احتياجات الحماية وحجم المساعدات. وأفادت مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين أن أكثر من 1 مليون لاجئ وعائد ومواطن من رعايا الدول الأخرى قد فرّوا بالفعل من السودان. ويجد الأشخاص الذين يصلون إلى المناطق الحدودية النائية أنفسهم في ظروف يائسة بسبب عدم كفاية الخدمات وضعف البنية التحتية ومحدودية إتاحة الوصول. وتشمل الاحتياجات الحرجة المياه والغذاء والمآوي والخدمات الصحية والمساعدات النقدية ومواد الإغاثة الأساسية وخدمات الحماية. وترتفع معدلات سوء التغذية، وتتفشي أمراض مثل الكوليرا والحصبة، والوفيات ذات الصلة في العديد من البلدان التي تستقبل الفارّين، حيث أفادت التقارير بوفاة أطفال بسبب أمراض كان من الممكن الوقاية منها إذا توافرت الموارد الكافية. وتشمل البلدان التي تستقبل الأشخاص الفارين من السودان جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجمهورية جنوب السودان. وكانت هذه البلدان تستضيف بالفعل مئات الآلاف من النازحين قبل هذه الأزمة.

أفادت منظمة رعاية الطفولة غير الحكومية الدولية في 1 سبتمبر أن الأطفال والعائلات يعيشون في ظروف شبه حصار في مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، وفقًا لموظفي المنظمة الذين ما زالوا على أرض الواقع. وقد نفدت مخزونات المواد الغذائية الطارئة في المدينة، كما حالت حواجز الطرق دون محاولات جلب المزيد من إمدادات الإغاثة والإمدادات التجارية كما أن الخدمات الطبية في المدينة متوقفة. وتصاعد القتال في كادوقلي في 14 أغسطس مما أدى إلى نزوح أكثر من 50 ألف شخص – من بينهم ما لا يقل عن 30 ألف طفل – في جميع أنحاء المدينة، حيث وفرّ معظمهم من حي حجر المك ولجأوا إلى المدارس في حي الرديف، ولم يكن لدى الكثير منهم سوى الملابس التي يرتدونها. وقد نزحت حاليًا بعض الأسر التي وصلت إلى كادوقلي قادمة من الخرطوم للمرة الثانية. وأفادت منظمة العفو الدولية أن ما يقدر بنحو 160 ألف نازح كانوا يعيشون في كادوقلي قبل الهجمات، وكان منهم حوالي 100 ألف بحاجة إلى المساعدات الإنسانية حتى قبل النزاع. وعلى الرغم من الصعوبات، لا يزال بعض موظفي منظمة رعاية الطفولة في كادوقلي يعملون على إتاحة الوصول إلى الأطفال الأكثر عرضةً للمخاطر والمتأثرين بالنزاع، حيث يقدمون خدمات مهمة لتعقب الأسر ولم شمل الأطفال المنفصلين عن أسرهم، فضلًا عن توفير الغذاء للأطفال الذين يعيشون في الشوارع. وحذّر المدير القطري لمنظمة رعاية الطفولة في السودان، الدكتور عارف نور، من أن هناك خطرًا حقيقيًا بأن يفقد الأطفال أرواحهم بسبب الجوع. ووفقًا لمفوضية العون الإنساني الحكومية في ولاية جنوب كردفان نزح حوالي 50 ألف شخص – حوالي 10 آلاف أسرة – بسبب القتال الدائر في كادوقلي وما حولها.

 


ومع استمرار النزاع في أنحاء البلاد تتزايد مخاطر الحماية – بما في ذلك من العنف الجنسي والتحرش وسوء المعاملة والاستغلال – وفقًا لتقارير القطاع الفرعي المعني بالعنف القائم على النوع الاجتماعي. وبالنسبة للنساء والفتيات، فإن مخاطر العنف المنزلي، والعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، والإتجار، والاستغلال الجنسي والتحرش والإساءة أصبحت هائلة. وفي الوقت نفسه، أبلغ المستجيبون للعنف القائم على النوع الاجتماعي عن زيادة الحساسية والخوف عند الإبلاغ عن حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي من قبل النساء والفتيات. وازدادت الأنشطة الإنسانية للوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستجابة له لمساندة الأشخاص الأكثر عرضة للمخاطر وتقدر وزارة الصحة الاتحادية أن تفشي الأمراض المرتبطة بالنزاع وتدهور النظام الصحي من بين عوامل أخرى مرتبطة بشكل غير مباشر بالحرب، أدت إلى وقوع حوالي 6,200 حالة وفاة في جميع أنحاء السودان وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف). وفي الوقت نفسه يشير القطاع الصحي في نشرته الأخيرة إلى حدوث زيادة بنسبة 30 في المائة في عدد حالات سوء التغذية الحاد في المناطق الأكثر تضرّرًا في ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان. كما زاد سوء التغذية الحاد بنسبة 15 في المائة في المحليات التي تستضيف النازحين وبنسبة 10 في المائة في بقية أنحاء البلاد. ووفقًا لليونيسيف، يعاني 3.4 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين ستة و59 شهرًا في السودان من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العلاج، منهم أكثر من  690 ألف يعانون من سوء التغذية الحاد. وبالإضافة إلى ذلك تعاني مليون امرأة وفتاة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد ويحتجن إلى العلاج. كما أبلغ القطاع الصحي أيضًا عن تفشي الأمراض في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك حمى الضنك والحصبة والإسهال المائي الحاد والملاريا. وبحسب القطاع وردت تقارير حتى الآن عن وقوع 326 حالة إصابة بحمى الضنك في جميع أنحاء البلاد؛ وجرى الإبلاغ عن 3,046 حالة اشتباه بالحصبة، بما في ذلك 84 حالة وفاة مرتبطة بها، في ولايات النيل الأبيض والنيل الأزرق والقضارف وكسلا والجزيرة وغرب كردفان ونهر النيل وشمال دارفور والبحر الأحمر. كما وردت تقارير عن وقوع 23,743 حالة إصابة بالإسهال المائي الحاد في ولايات النيل الأزرق والنيل الأبيض والبحر الأحمر وكسلا والقضارف؛

وأفيد بوقوع 280,965 حالة ملاريا سريرية، بما في ذلك ثلاث حالات وفيات مرتبطة بها، في ولايات النيل الأزرق ونهر النيل والنيل الأبيض وجنوب وشمال دارفور والبحر الأحمر وكسلا والجزيرة. 

خريطة النزوح السكاني في السودان Battles،map،Sudan،war،Khartoum،Exodus،Exodus

 

 


 

المواقف الدولية

 

تقف معظم دول العالم موقف المحايد من الأزمة السودانية داعية جميع الأطراف إلى وقف فوري لإطلاق النار وعملية حوار شامل تفضي إلى تسليم السلطة لقوى مدنية، اما فيما يخص مواقف الدول العربية فأن معظمها أعلن موقفه الداعم للجيش والبعض منها أعلن موقفه المحايد من الأزمة، بينما يقف الروس على أطار المصالح المشتركة مع جميع الأطراف،الأمريكان أعلنو مؤخرا فرض قيود التأشيرات على جملة من الأفراد في السودان، بمن فيهم مسؤولون من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وقادة من نظام عمر البشير السابق، لمسؤوليتهم عن تقويض التحول الديمقراطي في السودان أو تآمرهم على ذلك، بينما أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الوضع في السودان هش، وأنه لا تزال هناك فرصة لاستكمال الانتقال إلى حكومة يقودها المدنيون، وأن بعض اللاعبين ربما يحاولون عرقلة التقدم في السودان. كما أجرى بلينكن في 18 أبريل 2023 اتصالين هاتفيين أحدهما مع قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والآخر مع قائد الدعم السريع «حميدتي» مشددًا على الحاجة الملحة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، للسماح بتسليم تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من القتال ولم شمل الأسر السودانية، والتأكيد على توفير الأمان لمنظمات المجتمع الدولي في الخرطوم، ومحملًا القائدين مسؤولية ضمان سلامة ورفاهية المدنيين والموظفين الدبلوماسيين والعاملين في المجال الإنساني.

 


دور الأمم المتحدة ودور دول الإقليم

 

  • في 7 أيار / مايو، اجتمع مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة في جلسة استثنائية على مستوى المندوبين الدائمين لمناقشة الحالة في السودان حيث دعا مجلس جامعة الدول العربية خلال الاجتماع إلى الوقف الفوري لكافة الأعمال القتالية في السودان دون قيد أو شرط، ورفض التدخل الخارجي في شؤون السودان تجنبا لتأجيج الصراع وإطالة أمد الأزمة.
  • وفي 11 أيار/مايو، في جدة، وقع ممثلو قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان وذلك عقب محادثات تشاركت في تيسيرها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وبدأت في 6 أيار/مايو.
  • وفي 20 أيار/مايو، وقع الطرفان على اتفاق لوقف قصير لإطلاق النار، والترتيبات الإنسانية في السودان، حدد وقفا أوليا الإطلاق النار لمدة سبعة أيام في جميع أنحاء البلاد، اعتبارا من 22 أيار / مايو، وتضمن التزاما بالقانون الدولي
  • وفي 29 أيار/مايو، تم تمديد وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام. بيد أن القوات المسلحة السودانية علقت مشاركتها في عملية جدة في 31 أيار / مايو، مشيرة إلى «انتهاكات متكررة من جانب قوات الدعم السريع.
  • وفي 1 حزيران / يونيو علق المشاركان المحادثات بسبب الانتهاكات الخطيرة المتكررة من كل من الطرفين. وفي اليوم نفسه، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على أربع شركات تابعة للطرفين المتحاربين.

وتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار على الصعيد الوطني لمدة 24 ساعة في 9 حزيران/يونيو ، التزم به الطرفان إلى حد كبير  ومع ذلك، استؤنفت الاشتباكات فور انقضاء المدة المحددة.

  • وفي 17 حزيران/يونيو، أعلن الميسران المشاركان وقفا جديدا لإطلاق النار لمدة 72 ساعة على الصعيد الوطني اعتبارا من اليوم التالي. وحذرا من أنهما سينظران في تأجيل المحادثات إذا لم يلتزم الطرفان بوقف إطلاق النار والتزم الطرفان بوقف إطلاق النار إلى حد كبير في اليوم الأول، لكن القتال استؤنف في اليوم الثاني. وأدى ذلك بالميسرين المشاركين إلى تأجيل المحادثات في جدة في 21 حزيران/ يونيه. وفي حين ساهم وقف إطلاق النار في الحد من نطاق القتال أثناء سريانه، فقد استغل الطرفان المتحاربان فترات التوقف للحصول على ميزة عسكرية وزادت أعمال النهب، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع واستمرت المحادثات غير الرسمية بتيسير سعودي بعد ذلك. وفي 27 تموز/يوليه، أعلنت القوات المسلحة السودانية أنه تم التوصل إلى تفاهمات أولية بشأن إعلان مبادئ وآلية للرصد والتحقق، ولكنها قالت إنه لا تزال هناك خلافات رئيسية بشأن وجود قوات الدعم السريع في الهياكل الأساسية المدنية.
  • وفي 27 أيار/مايو، عقد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي اجتماعا على مستوى رؤساء الدول والحكومات في أديس أبابا واعتمد خريطة طريق لحل النزاع في السودان تتضمن ستة عناصر هي: إنشاء آلية تنسيق المواءمة الجهود الإقليمية والعالمية والوقف الفوري والدائم والشامل للأعمال القتالية؛ والاستجابة الإنسانية الفعالة؛ وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية؛ والدور الاستراتيجي للبلدان المجاورة والمنطقة؛ واستئناف عملية انتقال سياسي شاملة وذات مصداقية. وشددت خريطة الطريق على أهمية عملية السلام «المنسقة تحت الرعاية المشتركة للاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، إلى جانب الشركاء ذوي

 

 

التفكير المماثل». وفي 4 حزيران/يونيه، صرح مالك عقار بأنه نظرا لأن عضوية السودان لا تزال معلقة في الاتحاد الأفريقي فإن حكومته لا يمكنها مناقشة المبادرة.

  • وفي 2 و 15 حزيران/ يونيو، عقد الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا اجتماعات للفريق الأساسي للآلية الموسعة المعنية بأزمة السودان المنشأة في سياق خريطة طريق الاتحاد الأفريقي لمناقشة سبل المضي قدما. وضم المشاركون مجموعة رئيسية من الممثلين عن الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، والأمم المتحدة، وإثيوبيا، والإمارات العربية المتحدة، وجنوب السودان ومصر والمملكة العربية السعودية، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة. بالإضافة إلى تشاد وكينيا في الاجتماع الثاني. وأكدوا من جديد أهمية تنسيق الجهود الدولية وناقشوا المجالات ذات الأولوية للمشاركة.

وبموازاة ذلك، عقدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية قمة عادية لرؤساء الدول والحكومات في جيبوتي في 12 حزيران/يونيو واعتمدت خريطة الطريق لحل النزاع في السودان. ووسعت خريطة الطريق الوفد الرفيع المستوى لعملية السلام في السودان ليشمل إثيوبيا كعضو رابع بالإضافة إلى جنوب السودان وجيبوتي وكينيا، وعينت ويليام ،روتو، رئيس كينيا، رئيسا لهذه المجموعة الرباعية المشكلة حديثا. وأعلنت المجموعة الرباعية في خريطة الطريق عن عزمها ترتيب اجتماع وجها لوجه بين الفريقين البرهان ودقلو في غضون عشرة أيام، بهدف إنشاء ممر إنساني في غضون أسبوعين وبدء عملية سياسية شاملة في غضون ثلاثة أسابيع. ورفضت السلطات السودانية رئاسة كينيا للمجموعة الرباعية.

  • وفي 19 حزيران/يونيو، عقد وزراء خارجية دول المجموعة الرباعية التابعة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية اجتماعا افتراضيا عبر الإنترنت، وفي 10 تموز / يوليه عقد رؤساء دول وحكومات المجموعة الرباعية اجتماعا في أديس أبابا. وحضر أيضا ممثل عن قوات الدعم السريع مؤتمر قمة 10 تموز/يوليه. وأعلنت وزارة الخارجية السودانية أن وفدا حكوميا كان موجودا في أديس أبابا، ولكنه لم يشارك في الاجتماع بسبب اعتراضه على رئاسة كينيا للمجموعة الرباعية. واختتم اجتماع المجموعة الرباعية ببيان طلب، في جملة أمور إلى مؤتمر قمة القوة الجاهزة لشرق أفريقيا النظر في إمكانية نشر قواتها لحماية المدنيين وتيسير وصول المساعدات الإنسانية.
  • وفي 11 تموز / يوليو رفضت وزارة الخارجية السودانية أي نشر لقوات أجنبية في السودان.
  • وفي 13 تموز/يوليو عقدت مصر مؤتمر» قمة الدول المجاورة للسودان في القاهرة الذي جمع رؤساء دول وحكومات البلدان المجاورة للسودان، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، والأمين العام لجامعة الدول العربية ودعا البيان الختامي الطرفين إلى الالتزام بوقف فوري ومستدام لإطلاق النار واحترام سيادة السودان وسلامته الإقليمية، وأكد ضرورة إنهاء أي تدخل خارجي. وشدد المشاركون على أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومؤسساتها، واتفقوا على تيسير إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود. واتفقوا أيضا على تشكيل آلية وزارية تتألف من وزراء خارجية الدول المجاورة للسودان لتنسيق الجهود لحل النزاع. ورحبت كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بالوثيقة الختامية للقمة. وعقد الاجتماع الأول للآلية الوزارية في نجامينا في 6 آب/أغسطس.
  • وفي 23 و 24 تموز / يوليو، استضافت حكومة جمهورية توغو اجتماعا لأصحاب المصلحة من دارفور، ومن بينهم جهات فاعلة سياسية وأعضاء الإدارة الأهلية. وحضرت الاجتماع قوات الدعم السريع، ولكن لم تحضره القوات المسلحة السودانية أو أي من الحركات المسلحة الرئيسية من دارفور. وفي الفترة من 4 إلى 9 تموز / يوليه، اجتمع زعماء الحركات المسلحة الدارفورية الموقعة على اتفاق جوبا للسلام بالرئيس محمد إدريس ديبي إتنو في تشاد لمناقشة تزايد انعدام الأمن في دارفور، وأزمة اللاجئين في تشاد المترتبة عليه، والحاجة إلى وضع نهاية للحرب.
  • وفي 9 أغسطس 2023 قدم الاتحاد الأوروبي إطار عمل مخصص للعقوبات على السودان حيث صرح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بوينو إن «الاتحاد الأوروبي يشعر بالفزع من الوحشية والتجاهل التام اللذين أظهرتهما الأطراف المتحاربة تجاه المدنيين في الصراع في السودان، وبوجه خاص الوضع في دارفور مثير للقلق» حيث كشفت مصادر دبلوماسية أن الاتحاد الأوروبي يضع إطار عمل مخصصا للعقوبات على السودان يستهدف الأطراف الفاعلة الرئيسية في الحرب الدائرة، وذلك بـ»حظر سفر وتجميد أصول وحسابات مصرفية».
  • وفي 6 سبتمبر 2023 فرضت وزارة الخارجية الأمريكية قيودًا على تأشيرة جنرال قوات الدعم السريع وقائد قطاع غرب دارفور، عبد الرحمن جمعة، وفي الوقت نفسه، تفرض وزارة الخزانة عقوبات على القائد الكبير لقوات الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دقلو .

 

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق